شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
تجربة هيدر2
اليوم: السبت 27 ابريل 2024 , الساعة: 10:32 م


اخر المشاهدات
الأكثر قراءة
اعلانات

مرحبا بكم في شبكة بحوث وتقارير ومعلومات


عزيزي زائر شبكة بحوث وتقارير ومعلومات.. تم إعداد وإختيار هذا الموضوع [بحث] بيعة ثقيفة بني ساعدة في كتابات المحدثين - ملخصات وتقارير جاهزة للطباعة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27 فإن كان لديك ملاحظة او توجيه يمكنك مراسلتنا من خلال الخيارات الموجودة بالموضوع.. وكذلك يمكنك زيارة القسم , وهنا نبذه عنها وتصفح المواضيع المتنوعه... آخر تحديث للمعلومات بتاريخ اليوم 18/11/2023

اعلانات

[بحث] بيعة ثقيفة بني ساعدة في كتابات المحدثين - ملخصات وتقارير جاهزة للطباعة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27

آخر تحديث منذ 5 شهر و 11 يوم
1 مشاهدة













































































































بسم الله الرحمن الرحيم








مقدمة








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين، تعد بيعة السقيفة( ) المؤتمر الأول للصحابة الكرام بعد فقدهم القائد والمرشد والمربي محمد رسول الله ? ومن أهم نتائج هذا الاجتماع التأكيد على نجاح رسول الله ? في تربية أصحابه واحترام بعضهم لبعض وتقديرهم، وتقديمهم قوله ? على أهواء نفوسهم ورغباتهم واعتبارهم سنته وهديه الفيصل عند الخلاف، حيث تفقد كثير من الثورات والحركات الاجتماع والوحدة عند فقد القائد والمرشد، بل اشتهر عن الثورات أنها تأكل أبناءها. والمجال هنا ليس مجال مقارنة بين الإسلام وغيره.








وقد تعرض لهذا الاجتماع أهل التاريخ من المستشرقين وتلاميذهم، وكل عرض ما دار في هذا الاجتماع من وجهة نظره، وإنك لتعجب أحياناً من تعسف بعض هؤلاء الكتاب في ليِّهم أعناق النصوص وتحميلها غير ما تحتمل، وإسقاط بعضهم لواقعهم المليء بالمؤامرات والخداع على تاريخ صدر الإسلام والصفوة الأولى من هذه الأمة المصطفاة، مع أنه من المتعارف عليه بين أهل التاريخ أن دراسة فترة معينة من التاريخ يقتضي محاولة معرفة طبيعة وروح العصر في تلك الفترة.








والمستشرقون هم من أبناء الغرب من يهود ونصارى درسوا علوم الشرق في الغالب دراسة مقصودة للتأثير على أهل المشرق وإبقائهم لأطول فترة ممكنة تحت الجور الغربي الفكري والسياسي والاقتصادي ( ).








وسوف أقف معهم على حادثة من أحداث تاريخ الخلافة الراشدة ألا وهي بيعة أبي بكر الصديق بالخلافة في سقيفة بني ساعدة وما قاله المستشرقون ومن تابعهم في هذه الحادثة من تصورات وتخيلات لأمور لا واقع لها.








والله الهادي والموفق








د/ سعد بن موسى الموسى








مكة المكرمة ص.ب: 14011

















الأحقاد الجاهلية








يدعي بعض المستشرقين أن هناك أحقاداً جاهلية كانت بين الصحابة وتمكن الرسول ? من السيطرة عليها وعندما غاب ظهرت من جديد. حيث لا يرى بروكلمان ( ) أي تأثير للإسلام على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. فالأحقاد الجاهلية باقية ولكن الرسول ? استطاع أن يكبتها أثناء وجوده ثم عادت للظهور مرة أخرى عند فقدانه ? ( ).








ويأخذ هذا المعنى عبد المنعم ماجد فيقول: ويظهر أنه طالما كان النبي حياً كانت الخلافات على رئاسة الأمة الإسلامية من بعده نائمة، وإن كان الراغبون فيها كثيرون( ).








ويرى عبد الحميد بخيت أن الصحابة كانوا ألعوبة بيد اليهود والمنافقين الذين استطاعوا إعادة ما كان بينهم في الجاهلية فيقول: جزع الأنصار إذ قيل رسول الله قد مات، وقلقت نفوسهم وغذى اليهود والمنافقون هذا القلق بإثارة الأحقاد العربية القبلية، وأذكوا روح المنافسة القديمة بين قبائل العرب( ).








ويحلل نبيه عاقل المواقف في ذلك الاجتماع حيث يقول: إن التيارات والمواقف التي ظهرت في اجتماع سقيفة بني ساعدة لم تكن وليدة ساعتها، وإنما كانت تعبيراً عما يعتمل في نفوس الفئات المختلفة التي يتشكل منها مجتمع المدينة المسلم ومتنفسا لشكاوى لم يتح لها أن تعبر عن نفسها خلال حياة الرسول الكريم ( ).








الادعاء بأن أبا بكر قد زاد في القرآن








يدعي أحد المستشرقين أن الرسول ? مات فجأة حيث يقول كازنوفا ( ): أن الوفاة جاءت مفاجئة لصحابته مما جعل أبا بكر الصديق يضع آيتين جديدتين ويضيفها إلى القرآن لتبرير الوضع السياسي الجديد ( ).








ومع أن هذا الرأي لا يقوله من يحترم نفسه ومن عنده أدنى مسحة من العلم ولا يحتاج إلى رد ولكني سقته لتبيان مدى تهافت أراء المستشرقين، وعدم استنادها إلى عقل فكيف بالعلم. ومع ذلك فقد كان أبو بكر ? يخاف أن يقول في التفسير بغير علم فكيف يدعي أنه يزيد في القرآن وهو القائل: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إن أنا قلت في كتاب الله برأيي ( ).








ووفاة النبي ? لم تكن مفاجئة بل استمر مريضا من نهاية صفر أو بداية ربيع الأول وحتى الثاني عشر منه. قال علي بن أبي طالب: إن رسول الله ? لم يمت فجأة، مرض ليالي، يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقول: مروا أبا بكر بالصلاة،... فلما قبض رسول الله ? اخترنا واختار المهاجرون والمسلمون لدنياهم من اختاره رسول الله ? لدينهم وكانت الصلاة عظم الأمر وقوام الدين ( ).








آثار وفاة النبي ?








ومن الآثار الكبيرة في نفوس الصحابة لوفاة النبي ? عند الباحث رياض عيسى: (أن) تمت عملية دفن النبي في الحجرة التي توفي فيها بدون احتفالات أو مراسم مناسبة، وذلك على الرغم من أنه كان قد حذر قبل وفاته من دفنه في المسجد. ويبدو أنهم اضطروا إلى ذلك بحكم المناخ ولاستمرار اضطراب الحال!!( ).








ويقول أستاذه سهيل زكار مصوراً حال المدينة بعد وفاة المصطفى( ): ويبدو أن المدينة عاشت ذلك الوقت حالة من الفوضى والاضطراب شغلت الناس حتى عن أمر النبي وقضية دفنه، وتروي مصادرنا بأن النبي قد دفن في الليلة الثانية لوفاته، وقد تم دفنه بعد أن جهز من قبل أقربائه وآله، في المكان الذي توفي فيه، وتروي مصادرنا أن سبب دفنه حيث توفي يعود إلى أن العادة قد جرت بدفن الأنبياء حيث يقبضون، وهذا قد لا يعدو مجرد تسويغ متأخر( )، ولعل السبب الحقيقي لدفنه حيث قبض استمرار أمور المدينة في الاضطراب وانشغال الناس، ثم طبيعة المناخ التي أجبرت أهله على دفنه حيث توفي.








وما ذكر من أنه ? دفن في مسجده كلام مجانب للحقيقة حيث أن الدفن تم في حجرة عائشة بناءً على النص الشرعي( )، ولا علاقة لذلك بالمناخ، وطبيعة المناخ الذي ذكر لم يمنع الصحابة من دفن الموتى في البقيع. أما الاحتفالات والمراسم فهذه من عادة أهل البدع وليست من السنة في شيء. أما سوء الأحوال والاضطراب فلم يكن هناك اضطراب البتة، فضلاً أن يجعله الدكتور سهيل السبب الحقيقي في دفنه في الحجرة وما ذلك إلا من الرجم بالغيب الذي لا يسنده دليل واحد!. بل الدليل على خلافه.








الزعم بأنه لا وجود لنظام الحكم في الإسلام








يزعم بعض المستشرقين أنه عندما ظهرت مشكلة من يخلف الرسول ? لم يجد الصحابة من خلال الكتاب والسنة نظام حكم يطبقونه في حياتهم، وإنما لجئوا على العصر الجاهلي حيث اتخذوا طريقة أهل الجاهلية في اختيار الزعيم وهو الرجل الأكبر في القبيلة، وكان هذا الزعيم هو أبو بكر ?، حسب رأي توماس أرنولد( ).








وتبع هذا المستشرق على هذا الرأي كل من عبد المنعم ماجد الذي يقول عن طريقة الصحابة في اختيار أبي بكر أنها كانت: الرجوع إلى تقاليدهم في اختيار السيد أو الزعيم ( ).








وعبد العزيز سالم الذي يقول: وكأنما أراد رسول الله بذلك أن يترك الأمر شورى للمسلمين ليختاروا من يصلح لها من بينهم جريا على النظام القبلي الذي ألفه العرب( ).








ويصور عبد الحميد بخيت لحظة فقد الرسول ?، قائلاً: في هذه الساعة الرهيبة نفر الأنصار إلى طبيعة عربية قديمة. وهذا يدل على تأصل الروح القبلية في نفوس العرب( ).








ويستدل محمد عبد الحي شعبان على إثبات بعد نظر النبي ?!! بأنه جعل ابتاعه يلجأون إلى الجاهلية. فيقول: ترك الباب مفتوحاً أمام بروز قائد جديد بحسب التقليد العربي السليم، ومن شأن هذا أن يثبت بعد نظره، وأن يدعم أيضاً حقيقة فهم ابتاعه لدرس تطبيق التقليد العربي على ظروفهم الجديدة ( ).








ويحاول عبد العزيز الدوري أن يكون أكثر دقة فيقول ـ عن الإسلام: لكنه لم يضع هيكل نظام سياسي للعرب،لذا كان طبيعياً أن يستعين المسلمون الأولون بتقاليدهم العربية السياسية آخذين المبادئ الإسلامية بعين الاعتبار، ونلاحظ في اختيار الخليفة الأول أثر كل من الاتجاهين القبلي والإسلامي وتظافرهما إلى حد واضح( ).








وهناك من يتساءل عمن سيحكم بعده ?؟ ثم يجيب: سؤال حائر في ضمائر الفئة الخيرة الكريمة فئة الصحابة الأبرار من مهاجرين وأنصار( ).








ويتمنى أحد المؤرخين أن يكون هناك تشريع يخص نظام الحكم فيقول: وليت القرآن أو السنة قد تركت تشريعاً خاصاً لنظام الحكم في الدولة يطبقه الصحابة ويتبعه المسلمون بعد النبي( ).








ويتساءل توماس أرنولد بخبث عجيب فيقول: "لماذا لم يعين النبي خلفا له؟ ومن العبث أن نتحرى لماذا أهمل رغم عبقريته في التنظيم أن يحتاط لمستقبل الجماعة الدينية الحديثة التي أسسها؟.. وربما كان مشوشا في جسمه وعقله في آخر أيامه".








ولذا يرى أن سبب ترك النبي ? في عدم تعيينه من يخلفه: هو أنه لم يشأ أن يخالف التقاليد العربية التي كانت متبعة في عصره ( ).








ويرى محمد جمال الدين سرور أنه وجد حلاً لمشكلة نظام الحكم في الإسلام فيقول: ترك الأمر للمسلمين ليختاروا من نظم الحكم ما يلائمهم، ويتمشى مع تطور حياتهم ( ).








وإن تعجب بعد هذا فاعجب من قول عبد المنعم ماجد: حقاً إن النبي لا يبدو أنه عين لهذه الأمة المسلمة نظام الحكم بعده!!!( ).








ومن التحليلات التي تنم عن جهل بالشريعة الإسلامية ما قاله سهيل زكَّار عن الرسول ?: لم يأت بنظرية للحكم ذات أسس ومنطلقات ثابتة واضحة ( ).








ولنقض هذه الأقوال التي تزعم أن بيعة أبي بكر كانت على طريقة أهل الجاهلية في اختيار الزعيم نقول: إن هذه الأقوال لا تخرج عن باعثين:








الأول: المكر وقصد تشويه الإسلام والزعم بأنه نظام ديني مثل النصرانية المحرفة لا علاقة له بحكم الناس وحياتهم، وذلك حتى يسوقوا على المسلمين علمانيتهم التي مبناها على إقصاء الدين وعزله عن الحياة، والفصل التام بين السياسة والدين.








والثاني: الجهل المطبق بالشريعة الإسلامية وعدم الرجوع إلى مصادرها ولو رجعوا إلى المصادر الشرعية في الكتاب والسنة وتراث الفقهاء المسلمين لوجدوا أن هذه المسألة كغيرها من المسائل التي جاءت واضحة في الشريعة فالإسلام نظام كامل وشامل لكل حياة المسلمين وجوانبها المختلفة، قال تعالى: ?وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ? [النحل: 89].








ويقول تعالى: ?وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ? [الأنعام: 38].








ويقول تعالى: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا? [المائدة: 3].








وإتمام الدين أن لا ينقص فيه جانب مهم مثل كيفية نصب الحاكم والأحكام المختصة به.








وكيف لا يكون هذا الدين كاملاً لكل أمور الحياة وقد قال أبو ذر: لقد توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وذكر لنا منه علماً( ).








والدين الذي علم أتباعه كيفية قضاء الحاجة( ) كيف يغيب فيه جانب هام هو كيفية نصب الحاكم! وبماذا يحكم؟ وإذا رجعنا إلى التراث الفقهي لعلماء الإسلام نجد كتب الأحكام السلطانية، والسياسة الشرعية تشغل جانباً كبيراً وتخصصاً قائماً ذاته توضح هذا الجانب، وتذكر شروط اختيار الخليفة، وكيفية نصبه، وواجباته، وحقوقه، وحقوق الرعية، ومتى يعزل، وما الحكم إذا بغى عليه باغ( )؟








ويمكن الرد على المزاعم السابقة من أقوال بعض الغربيين أنفسهم حيث نرى أن كلام الغربيين له مكانة كبيرة في نفوس بعض الباحثين ويحتفلون به ويفرحون. يقول توماس أرنولد ـ معلقاً على الترحيب الحار الذي لقيه محمد في المدينة أن الدخول في الإسلام، قد بدا للطبقة المستنيرة من أهالي المدينة علاجاً لهذه الفوضى التي كان المجتمع يقاسيها، وذلك لما وجدوه في الإسلام من تنظيم محكم للحياة، وإخضاع أهواء الناس الجامحة لقوانين منظمة قد شرعتها سلطة تسمو على الأهواء الفردية ( ).








أما فيليب حتى( ) فيؤكد حقيقة أن الإسلام دين شامل فيقول: الإسلام منهج حياة، وهو ـ بهذا النظر ـ يتألف من ثلاثة جوانب أساسية، الجانب الديني والجانب السياسي والجانب الثقافي. وهذه الجوانب الثلاثة تتشابك وتتفاعل، وربما انقلب بعضها إلى بعض مرة بعد مرة من غير أن نلحظ ذلك ( ).








ويقول مارسيل بوازار: من نوافل الأمور رفض الادعاء المتكرر آلاف المرات في الغرب عن عجز الإسلام عن تنمية نظام سياسي داينامي، فالتاريخ يذبه تكذيباً مرا وقاطعاً ( ).








أقول ومما يكذب الادعاءات السابقة اختيار الصحابة رضي الله عنهم الصديق ? خليفة بعد رسول الله ? فإنه لم يكن أكبر الصحابة سناً كما زعموا أن التقاليد العربية تقضي بذلك، والأولى بذلك على هذا الزعم هو أبو قحافة والد الصديق الذي هو أكبر منه قطعاً وقد عاش حتى ورث ابنه. كما أن اختيار الصديق وهو من أقل عشائر قريش في العدد دليل آخر يكذب هذا الإدعاء. ولهذا جعل شيخ الإسلام ابن تيمية اختيار الصديق للخلافة بعد النبي ? من دلائل النبوة، حيث أن العادة جرت عند الناس أن عشيرة الحاكم وأقاربه هم الذين يخصون بالولاية، أو تكون القبيلة الكبيرة ذات العدد والمال والجاه هي التي تحكم، لكن هذا الدين وهذا النبي جاء بمقاييس جديدة كلها راجعة إلى الدين والعلم والسابقة فيه.








المهاجرون وفراغ السلطة








يتصور بعض المؤرخين أن المدينة حصل فيها فراغ من السلطة السياسية بوفاة النبي ? لذلك سارعت القوى في المدينة لملء هذا الفراغ، وتنافست على ذلك وكل منهم حاول تشكيل تحالف لتيمكن من خطف السلطة السياسية.








فيرى فلهاوزن( ) أن الصحابة بادروا للقبض على زمام السلطة بشكل سريع لأن وفاة الرسول ? ألغت الحكم الديني حيث يقول: وبدا وكأن وفاة الرسول ألغت الحكم الديني وارتدت القبائل العربية، وبما أنه لم يكن هناك من ترتيب ما فيمن سيكون خلفاً للرسول فقد كان السبيل الوحيد هو أن يقبض أحدهم على زمان السلطة بسرعة خاطفة( ).








بينما يزعم المستشرق لامنس( ): أن هناك اتفاقاً بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة على الاستئثار بالخلافة وتداولها. وتبعه على هذا الزعم عدد من المستشرقين، ومع تهافت هذا الرأي( ) إلا أن هناك من تبناه مثل محمد جمال الدين سرور( ) الذي يقول: ولا شك أن هؤلاء الرجال (الثلاثة) قد فكروا فيما يكون عليه حال المسلمين بعد وفاة الرسول، لذلك نجد أن تصرفهم في اجتماع السقيفة كان منبعثاً عن خطة محكمة.








أما سهيل زكار فيقول: ويبدوا أن ارتداد العرب حيث انتشر خبر وفاة الرسول بينهم كان مما ساعد على نجاح انقلاب السقيفة( ).








وهذه التخرصات قد تكون مبنية على روايات الشيعة وأكاذيبهم، ومن تأمل النصوص الصحيحة لا يجد أي أثر لهذه المزاعم. وبعض المستشرقين مثلهم مثل السحرة قد يصدق في مسألة ويكذب عليها عشراً.








الزعم بانقسام الصحابة إلى أحزاب








يزعم المستشرقون ومن تابعهم أن الصحابة قد انقسموا إلى عدة أحزاب متعددة ومتناحرة يقول المؤرخ سهيل زكار: ويمكن تقسيم عرب الجزيرة من حيث التفكير والتخطيط أثناء مرض النبي وعقب وفاته مباشرة إلى ثلاث فئات وذكر منها:








فئة مسلمة كان إيمانها خالصاً ومحضاً، آمنت بالإسلام رسالة ينبغي أن تستمر وتدوم وتنتشر في كل بقاع العالم، لذلك وضعوا خططهم من أجل تنفيذ هذا الغرض واستعدوا لكل طارئ، وراقبوا الفئات الأخرى، ورصدوا تحركاتها، ومثل هذه الفئة، أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة عامر ابن الجراح ( ).








ويتعامل مع تاريخ الصحابة بطريقة الإسقاط للأوضاع التي يعيشها فيقول: وتحركت هذه الفئة بسرعة وذكاء، فأحدثت انقلاباً عاجلاً في المدينة، ونجح هذا الانقلاب بسبب عوامل داخلية وخارجية( ).








ويدعى فلهاوزن أن أبا بكر وعمر مغتصبان للخلافة ولا حق شرعي لهما فيها. فيقول: أبو بكر وعمر يعلمان أنهما لم يتوليا الخلافة حق شرعي، بل عن طريق الاغتصاب، وهما لم يستطيعا أن يسبغا على رياستهما التي كانت غير شرعية في أول الأمر ثوباً شرعياً إلا فيما بعد ( ). والتساؤل الذي يطرح نفسه هو ممن اغتصب أبو بكر وعمر الخلافة؟! إلا أن يكون اعتماد الكاتب على كتب الشيعة التي يدعي أهلها أن الخلافة حق لعلي وآل البيت ( ).








ويزعم بروكلمان أن الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا بسبب هذا الاجتماع إلى أحزاب متعددة منهم من يرى أنها ثلاثة: هي الأنصار، والمهاجرون، وآل البيت، وكل حزب يحاول بكل ما أوتي من جهد أن يحوز على السلطة ( ).








ومنهم من يزعم أنها أربعة أحزاب هي: المهاجرون، ثم الأنصار، فالشيعة، وأخيراً حزباً رابعاً سماه "حزب الأرستقراطيين المكيين" ( ).








وأما فيليب حتى فإنه يستنتج نتائج لا وجود لها في التاريخ ولا مستند ـ إلا من روايات لا تصمد أمام النقد وهي من روايات أهل البدع من الرافضة بخاصة ـ فيقول: توفي محمد فظهرت أحزاب متضاربة ـ وهو ما يحدث في كل مجتمع يفجأ بشأن خطير ـ فكان حزب المهاجرين وأكثرهم قرشيون من قبيلة النبي وقد ادعوا أن الخلافة حق لقريش وزادوا أنهم هم أول من قبل رسالة النبي، وكان ينازعهم على الخلافة حزب الأنصار، وهم أهل يثرب ودعواهم أن الخلافة يجب أن تكون فيهم، وأنه لولا احتضانهم لمحمد وحمايتهم للإسلام في طفولته لضاعت الرسالة والرسول معاً. ثم حدث بعد ذلك أن توحد هذان الحزبان تحت اسم الصحابة. وكان هناك حزباً آخر تألف من أصحاب النص والتعيين( ) مبدؤه أنه لا يجوز التسليم بأن الله ورسوله يضعان جماعة المؤمنين تحت رحمة الانتخاب والمبايعة. ولا مجال للشك ـ في رأيهم ـ أن زعامة الإسلام معقودة لمن يستحقها على أساس منصوص معين، أي لعلي ابن عم الرسول وزوج فاطمة التي خلفته. فعلي هو خليفة الرسول الشرعي يؤيده النص والتعيين. واستمد هذا الحزب الولاية من الله فكان حق الخلافة عندهم مقدساً بينما استمدها الآخرون من الأمة وأناطوها بالانتخاب والمبايعة ( ).








ويتلقف هذه التحليلات بعض الكتاب العرب فيقول عبد العزيز الدوري: انقسم المسلمون عند وفاة الرسول إلى كتل على أساس قبلي، وكان لكل كتلة مرشحها. وهذا ينسجم مع ما اعتادوه من أساليب سياسية قديمة في الحكم. ثم يذكر الأقسام فيقول: فالكتلة الأولى من الهاشميين وبعض الأمويين وطلحة والزبير تؤيد علياً وترى حقه طبيعياً في الرئاسة. والكتلة الثانية مالت إلى أبي بكر وكانت تشمل أكثر المهاجرين. والكتلة الثالثة وتشمل أكثر الأنصار( ).








أما عبد المنعم ماجد فيقول: انقسم المسلمون عند وفاة الرسول إلى ثلاثة تكتلات أو فرق لكل منها مرشحها. الفرقة الأولى: الأنصار. الفرقة الثانية: المهاجرون. الفرقة الثالثة: الهاشمية وفئة من الأمويين ( ).








ومصطفى أبو ضيف أحمد يرى أنه: ظهرت عدة أحزاب متضاربة. كل منها يتطلع إلى خلافة الرسول ويعتقد أنه أحق بها من غيره ( ).








وممن أسقط الأوضاع في العصر الحديث على تاريخ الصحابة (وخاصة المهاجرين) سهيل زكار الذي يقول ( ): لقد كانوا مثل جماعات الوسط الذكية في عصرنا، مكنتهم طول تجاربهم ومرونتهم من جعل النجاح حليفهم دون سراهم، ولكن غالباً ما كان تسلم الوسط للسلطة إلا مقدمة لغلبة اليمين واستبداده بالسلطة.








بعض نتائج السقيفة








ويفضل بعضهم مواقف الصحابة على النحو التالي: علي بن أبي طالب ? له حزب أو فئة يجتمع معها في محاولة للوصول إلى السلطة حيث يزعم أنه يرى أحقيته في الحكم لزواجه من ابنة الرسول ولأنه ابن عمه. ولكن الذي حال بينه وبين الوصول إلى السلطة أنه لم يكن له من القوة ما يعينه على تحقيق مطلبه ( ).








أما الأنصار فقد كان موقفهم عند وفاة النبي أنهم "تحركوا حركة قوية لكي يحصلوا على حقهم في السيادة في مدينتهم أو ليحافظوا على الأقل على استقلالهم فيها، ولكنهم نسوا أن المدينة منذ زمان لم تعد مدينتهم، بل صارت مدينة الرسول... ولم يلبثوا أن انقسموا بسبب ما كان بينهم من عداء قديم، وفقدوا الغالبية العددية"( ).








ويصيغ هذه الفكرة في ثوب آخر سهيل زكار حيث يقول - عن فئة الأنصار: فئة مسلمة، ربما كانت متضايقة من فقدانها لنفوذها وسيطرتها على مدينتها، خططت للعودة بالأمور السياسية إلى ما كانت عليه قبل الهجرة ( ).








ويتردد صدى مثل هذا الرأي في رسالة دكتوراه من جامعة دمشق حيث ورد فيها: ويستخلص من مختلف الروايات التي حملت أخبار يوم السقيفة أن الأوس والخزرج بيتوا خططهم على إرجاع ـ لا بل لنقل على استرداد ـ السلطة إلى المدينة بعد وفاة النبي( ).








الإساءة إلى أهداف الفتح الإسلامي








يهدف الفتح الإسلامي إلى هداية الخلق إلى الدين الحق، وإزالة العوائق التي تحول دون ذلك حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى ويكون الدين كله لله كما قال تعالى: ?وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ? [الأنفال: 39]، ولكن طائفة من المستشرقين والمتأثرين بهم جعلوا من أثار بيعة السقيفة إشعال الحروب.








فأبو بكر ـ حسب ما يرى غوستاف لوبون ـ عندما أمسك بزمام الأمور رأى أن أحسن وسيلة لمعالجة انقسام العرب هو أن يوجه العرب إلى البلاد الأخرى كيما يمارسون عادتهم في الحرب والقتال حتى لا تندلع الثورة الداخلية عليه ( ).








ويتردد صدى هذا الرأي لدى محمد جمال الدين سرور الذي يقول: رأى أبو بكر وأصحابه أن يشغلوا العرب بمشروعات قومية عظيمة تصرف أذهانهم عن التفكير في المسائل الداخلية الدينية ( ).








خبر السقيفة كما ورد في الروايات الصحيحة








بعد هذه الجولة في تحليلات واستنتاجات بعض علماء الاستشراق والمتأثرين بهم من المؤرخين المحدثين حول بيعة أبي بكر ? بالخلافة فإنه لابد من بيان الحق فيما حصل حتى لا يلتبس الأمر.








والقول الذي تسنده الأدلة أن النبي ? توفي ولم يوص لأحد بالخلافة لا لعلي ولا لأبي بكر( )، مع أن هناك من العلماء من يرى أن أبا بكر موصى له بالخلافة ( ).








ولأهمية موضوع الخلافة اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ثم رشحوا من بينهم سعد بن عبادة ووصل الخبر إلى أبي بكر وعمر فتوجها إلى السقيفة. وفي الطريق قابلهما معن بن عدي وعويم بن ساعدة ( ) من الأنصار وسألوهما عن وجهتهما، وعندما علما بذلك قالا: لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم (يا معشر المهاجرين)( ) ارجعوا لن تخالفوا ولن يؤت شيء تكرهونه ( ).








ثم تمت البيعة بعد أن بين أبو بكر حق المهاجرين وفضلهم وأن الحق لقريش وأشهد سعد بن عبادة على حديث رسول الله ? فشهد حيث قال الصديق: ولقد علمت يا سعد، أن رسول الله ? قال، وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم» قال: فقال له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء( ).








ثم كان أول من وضع يده في يد أبي بكر هو بشير بن سعد من الأنصار( ).








وقد قال لهم عمر: أيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر. وهذا مروي بسند حسن كما قال ابن حجر( ).








قال ابن كثير: ووقعت شبهة لبعض الأنصار، وقام في أذهان بعضهم جواز استخلاف خليفة من الأنصار، وتوسط بعضهم بين أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار، حتى بين لهم الصديق أن الخلافة لا تكون إلا في قريش فرجعوا إليه وأجمعوا عليه( ).








وقال الخطابي: الحامل للقائل (الحباب بن المنذر) "منا أمير ومنكم أمير" أن العرب لم تكن تعرف السيادة على قوم إلا لمن يكون منهم، وكأنه لم يكن يبلغه حكم الإمارة في الإسلام واختصاص ذلك بقريش فلما بلغه أمسك عن قوله وبايع هو وقومه أبا بكر( ).








وقد قال بشير بن سعد: يا معشر الأنصار، إنا والله لئن كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا، والكدح لأنفسنا، فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ( ).








وورد في حديث السقيفة أن زيد بن ثابت ? قام فقال: إن رسول الله ? كان من المهاجرين وإن الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصار كما كنا أنصار رسول الله ?. فقام أبو بكر ? فقال جزاكم الله خيراً يا معشر الأنصار وثبت قائلكم،ثم قال: أما لو قلتم غير هذا ما صالحناكم، ثم أخذ زيد بن ثابت بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه ( ).








مكانة الصديق








الأقوال السابقة تدل على أن أمر الخلافة كان واضحاً وأنه حق للسابقين من المهاجرين من قريش، وخاصة الصديق ولكن أرادوا الاجتماع مع إخوانهم حتى تتم الأمور في مجمع من المسلمين.








قال عمر بن الخطاب يوم السقيفة مبيناً مكانة الصديق: وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر ( ).








قال الخطابي: يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر فلا يطمع أحد أن يقع له مثل ما وقع لأبي بكر من المبايعة له أولا في الملأ اليسير، ثم اجتماع الناس عليه لما تحققوا من استحقاقه فلم يحتاجوا في أمره إلى نظر ولا إلى مشاورة أخرى، وليس غيره في ذلك مثله. وفي رواية أبي معشر: (ومن أين لنا مثل أبي بكر نمد أعناقنا إليه ( ).








والصحابة جميعاً يعلمون مكانة أبي بكر بل حتى الكفار يرون أنه من مقدمي المسلمين حيث سأل أبو سفيان يوم أحد عن الرسول ثم سأل عن أبي بكر وعمر ( ).








قال ابن كثير: ولهذا قال رسول الله مادحاً للصديق: «دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة، غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم»، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضاً سريعة من غير نظر ولا روية لأن أفضليته على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال رسول الله ? ـ لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه ـ: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»( ).








خـير أمـة








ثم المزاعم بوجود أحقاد جاهلية يقولها من لم يقرأ التاريخ قراءة صحيحة وإلا فالرسول ? حول العرب من قبائل متفرقة إلى أخوة متحابين ربط بينهم الإسلام وانقطعت الصلات الأخرى من القرابة والرحم يقول أبو عزيز ( ) لأخيه مصعب بن عمير يوم بدر عندما أسره أحد الأنصار: أوصي بي أخي. فقال: مصعب للأنصاري: أشدد وثاقه فإن له أماً غنية. قال أبو عزيز: هذه وصاتك بي أخي. فقال: و أخي دونك( ).








وموقف الابن البار من أبيه الذي تبين نفاقه وأذاه للمؤمنين فيقول عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت لابد فاعلاً فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني ( ).








وما ورد في شأن العباس مع عمر بن الخطاب قبل فتح مكة حيث قدم العباس بأبي سفيان فلحق به عمر يريد قتل أبي سفيان فقال العباس غاضبا: مهلاً يا عمر، فوالله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف. فقال عمر: مهلاً يا عباس، فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله ? من إسلام الخطاب لو أسلم ( ).








الأنصار وطاعتهم لله ورسوله








والأنصار منذ أسلموا لم يكونوا يقدمون على أمر الله ورسوله أمر أحد من الناس، فقد سلموا أنفسهم وأموالهم يأمر فيها النبي ? فيستجيبون لأمره. قال سعد بن معاذ قبيل معركة بدر عندما استشار الرسول ? الصحابة: قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، ولعلك يا رسول الله تخشى أن تكون الأنصار ترى عليها ألا ينصروك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم، فأضعن حيث شئت، وصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعاد من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وما أخذت منها أحب منها أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك ( ).








فهذا هو حال الصحابة ? قد وصلوا بالتزكية والتربية المحمدية إلى هذا المستوى السامق من المحبة فيما بينهم والانقياد والطاعة والحرص على الجماعة وتنفيذ شرع والجهاد في سبيله وليس لهم غاية غير هذا وهذه الحال ترد التخرصات ودعوى انقسامهم إلى أحزاب.








عظم المسؤولية في الخلافة








وقضية الخلافة والحكم ليست مما يتسابق إليه الصحابة. فقد كانوا يزهدون في الأمر لما يعلم كل منهم من عظم المسئولية أمام الله. وليست مغنما من المغانم ومما يدل على ذلك أقوالهم وخطبهم يقول الصديق ? في خطبة بعد توليه الخلافة: إني وليت هذا الأمر، وأنا كاره، ووالله لوددت أن بعضكم كفانيه ( ).








وله أيضاً بعد تسنمه السلطة بثلاث قول هو: من يستقيلني بيعتي فأقيله؟ فقال علي: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، من ذا الذي يؤخرك وقد قدمك رسول الله ? ( ).








وقال أبو بكر ?: والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط. ولا كنت فيها راغبا، ولا سألتها الله في سر ولا علانية، ولكني أشفقت من الفتنة ( ).








ويقول أيضاً: لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني لو تركتهن.. وذكر منهن يوم سقيفة بني ساعدة وددت لو أني ألقيت هذا الأمر في عنق أحد هذين الرجلين ـ يعني عمر وأبي عبيدة ـ فكان أحدهما أميراً، وكنت وزيراً ( ).








أما موقف عمر من الخلافة فقد كان يقول: وددت أني خرجت منها كفافاً لا لي ولا علي ( ).








وكذلك مما يؤكد كراهية عمر لهذا الأمر وخوفه الشديد من عاقبته واستشعاره المسؤولية العظمى منه، وهذا الموقف لم يتغير حتى وهو على فراش الموت. دخل عليه ابن عباس لما طعن فقال له: أبشر يا أمير المؤمنين، فإن الله مصر بك الأمصار، ودفع بك النفاق، وأفشى بك الرزق. قال عمر: أفي الإمارة تثني علي يا ابن عباس. فقلت: وفي غيرها. قال: والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت لا أجر ولا وزر( ).








ومنها أيضاً قوله: لو أن جملاً هلك ضياعاً بشط الفرات خشيت أن يسأل الله عنه آل الخطاب ( ).








فهذه الأقوال من الصحابة الكرام تبين زهدهم في الخلافة وأنهم يرونها واجبا لابد أن يقوم به أحدهم ومسؤلية يسالون عنها وليست مغنماً يتسابقون إليه.








علي والخلافة








أما حديث المستشرقين عن علي بن أبي طالب ? وأنه كان طامعاً في الخلافة فإنه حديث جاهل بحاله فهو يقول عند بيعته لأبي بكر: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشاورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله ?، وإنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف شرفه وخيره ولقد أمره رسول الله بالصلاة بالناس وهو حي( ).








وورد عند البيهقي بإسناد حسن أن علياً ? قال: أيها الناس، إن رسول الله ?، لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئاً ( ).








وعن أبي وائل قال: قيل لعلي بن أبي طالب: ألا تستخلف علينا؟ فقال: ما استخلف رسول الله?، فأستخلف، ولكن إن يرد الله بالناس خيراً فسيجمعهم على خيرهم ( ).








وعن صعصعة بن صوحان قال: دخلنا على علي بن أبي طالب حين ضربه ابن ملجم، فقلنا: يا أمير المؤمنين، استخلف علينا، قال: لا، ولكن أترككم كما تركنا رسول الله ? ( ).








وقال ابن حجر: في صحيح ابن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري ? وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر ( ).








وفي رواية عن أبي سعيد الخدري ? قال ـ وذكر حديث السقيفة ومنه ـ فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه فقام ناس من الأنصار فأتوا به فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله ? وختنه أردت أن تشق عصا المسلمين، فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله ? فبايعه. ثم لم ير الزبير بن العوام فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول الله ? وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال مثل قوله علي: لا تثريب يا خليفة رسول الله ? فبايعاه ( ).








وقد بايع علي ? بيعة أخرى بعد وفاة فاطمة قال ابن كثير: فهذه البيعة التي وقعت من علي ? لأبي بكر ? بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها بيعة مؤكدة، وهي ثانية للبيعة التي ذكرناها أولاً يوم السقيفة، كما رواه ابن خزيمة وصححه مسلم بن الحجاج، ولم يكن علي مجانباً لأبي بكر هذه الستة الأشهر، بل كان يصلي وراءه ويحضر عنده للمشورة، وركب معه إلى ذي القصة ( ).








الخاتمة ونتائج البحث








هذه الآراء التي أوردتها من كتابات المستشرقين يشاركهم بأخذها عنهم ـ مع الأسف ـ عدد من كتاب ومؤرخي العرب المعاصرين الذين كتبوا عن تاريخ الخلافة الراشدة، والعجب أن كثيراً منهم لا يشير إلى أصول هذه الأفكار وأنه أخذها عن المستشرق الفلاني بل ينسبها إلى نفسه ثم يبحث لها عن مستند من خلال كتب التاريخ.








ونظرة المستشرقين للإسلام نظرة عدائية من خلال استناد بعضهم على بعض ومن خلال كتابات رجال الكنيسة إبان الاصطدام بين العالم الإسلامي المتحضر وأوربا المتخلفة، والمتعصبة للكنيسة ورجالها.








يقول د. محمد ياسين صديقي: إن التحليل التاريخي الذي يحاول المستشرقون والمؤرخون الجدد نشره بين الناس إنما بُنى على روايات خاطئة وأدلة ممسوخة واستنتاجات فاسدة ( ). ويشهد بهذا أحد النصارى، إذ يقول بندلي جوزي: إن هؤلاء المؤرخون بنوا أحكامهم ونظرياتهم على تاريخ الغرب وحده، إذ لم يكونوا يعرفون من تاريخ الشرق إلا الشيء اليسير، وسهل علينا والحالة هذه أن ندرك مقدار ما في أقوال بعض مؤرخي الغرب عن الشرق وتاريخه من الغرابة والطيش ( ).








يقول الشيخ محمد قطب: كنت قد قرأت من كتب المستشرقين ما أكد لي بعدهم الكامل عن روح الإنصاف وعن روح (البحث العلمي) التي يدعونها، وكنت قد قرأت كذلك من كتابات (المثقفين) الذين يحملون أسماء إسلامية، ما أكد لي مدى تأثرهم بأفكار المستشرقين. فما من رأي يكتبونه أو فكرة يعرضونها إلا ولها أصل في كتابات أولئك المستشرقين ( ).








ولذا لا يستغرب منهم أن يحاولوا تشويه التاريخ الإسلامي. لذلك ينبغي التفطن في عدم الاعتماد على أقوالهم لاسيما عند الحديث عن أخبار القرون المفضلة وبالذات عصر النبوة والخلافة الراشدة.








ومن خلال عرض هذه المسألة في كتابات المستشرقين والمتابعين لهم من العرب والمسلمين ظهر لي النتائج التالية:








1- أن المستشرقين ينقسمون إلى فئات ويغلب على الكثير منهم الجهل، وبناء النتائج على أوهام وإن أحسنا الظن فعلى روايات لا تصح، فهم لا علم لهم بطريقة المسلمين في صياغة ومعالجة الأخبار حيث لا يفرق المستشرقون من حيث قوة المصدر بين كتب الحديث وكتب التاريخ وكتب الفكاهة والكتب التي لا سند لها، فكلها في ميزانه سواء.








2- أن كثيراً من كتاب التاريخ المحدثين اغتر بكتابات المستشرقين وظن أنها تمثل المنهج العلمي بما أحسنوا من طرائق في الترتيب والتنسيق والحواشي في حين أنهم قد جهلوا المنهج العلمي الصحيح المعتمد عند علماء المسلمين فلم يستفيدوا منه، ويغلب على كثير منهم جهل بالشريعة والعقيدة الإسلامية فيقبل أقوال المستشرقين لجهله بالإسلام وأحكامه.








3- أن الحوار الذي جرى بين الصحابة في السقيفة كان حواراً علمياً حضارياً هدفه الوصول إلى الحق في مسألة الخلافة، ولم يصل الأمر إلى التهديد بالطرد من قبل الأنصار كما في روايات بعض الإخباريين كأبي مخنف، وهي رواية لا يعتمد عليها لما فيها من الغرائب والزيادات التي تدل على وضعها ( ).








4- أن صورة الحكم في الإسلام كانت واضحة بينة في أذهان الصحابة، ومسمى الخليفة ورد في القرآن والسنة، ولم يكن غريباً عليهم.








5- أبو بكر وعمر لم يكن لما طمع في الخلافة استناداً إلى النصوص المروية عنهما، وإنما المسؤولية التي تعينت على كل واحد منهما في وقته وبيعة المسلمين هي التي ألزمتهما بذلك.

















المصادر والمراجع








* البخاري: محمد بن إسماعيل ت256هـ.








صحيح البخاري، مع فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق محب الدين الخطيب، ومحمد فؤاد عبد الباقي، دار الريان، القاهرة، ط/1، 1407هـ.








* البلاذري: أحمد بن يحيى بن جابر ت179هـ.








أنساب الأشراف، تحقيق سهيل زكار ورياض زركلي، المكتبة التجارية، مكة، ط/1، 1417هـ.








* البيهقي: أحمد بن الحسين ت458هـ.








السنن، مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، 1345هـ.








دلائل النبوة، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/1، 1405هـ.








* الحاكم: محمد بن عبد الله ت405هـ.








المستدرك، دار الفكر، بيروت، 1358هـ.








* ابن حزم: علي بن محمد الأندلسي ت456هـ.








الفصل في الملل والأهواء والنحل، تحقيق د. محمد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة، دار عكاظ، الرياض، 1402هـ، ط/1.








* الخلال: أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد ت234هـ.








السنة، تحقيق عطية الزهراني، دار الراية، الرياض، ط/1، 1410هـ.








* الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان ت748هـ.








تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين، تحقيق عمر عبد السلام دمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط/1، 1407هـ.








* ابن سعد محمد بن سعد بن منيع الزهري ت230هـ.








الطبقات الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر العطا، دار الكتب العلمية، ط/1، 1410هـ.








* الطبري: محمد بن جرير أبو جعفرت310هـ.








تاريخ الأمم والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار سويدان، بيروت.








* ابن كثير: إسماعيل القرشي ت774هـ.








البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، ط/5، 1403هـ، وط/1 لدار هجر.








* مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت261هـ.








صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، ط/1، 1374هـ.








* أبو نعيم الاصبهاني: أحمد بن عبد الله ت430هـ.








حلية الأولياء، تحقيق صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط/1، 1419هـ.








* ابن هشام: عبد الملك بن هشام المعافري ت218هـ.








السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وزملاءه، شركة ومكتبة مصطفى البابي الحلبي، ط/2، 1375هـ.








المراجع العربية:








* أنور الجندي إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية ط/3، 1420هـ.








* ثابت إسماعيل الراوي، تاريخ الدولة العربية (خلافة الراشدين والأمويين) مطبعة الرشاد، بغداد، 1976م.








* طه حسين حياته وفكره في ضوء الإسلام، دار الاعتصام، مصر ط/1، 1396هـ.








* رياض عيسى، الحزبية السياسية منذ قيام الإسلام حتى سقوط الدولة الأموية، ط/1، 1412هـ.








* سهيل زكار، تاريخ العرب والإسلام منذ ما قبل المبعث حتى سقوط بغداد، دار الفكر، ط/3، 1399هـ.








* السيد عبد العزيز سالم، تاريخ الدولة العربية، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية.








* شوقي أبو خليل، بندلي الجوزي عصره ـ حياته ـ آثاره، دار الفكر، دمشق، ط/1، 1413هـ.








* عبد الحميد بخيت، عصر الخلافة الراشدة، دار المعارف، مصر.








* عبد المنعم ماجد، التاريخ السياسي للدولة العربية، مكتبة الانجلو مصرية، ط/1، 1965م.








* عماد الدين خليل، قالوا عن الإسلام، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض، ط/1، 1412هـ.








* محمد أمين صالح، العرب والإسلام من البعثة حتى نهاية الخلافة الأموية، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، 1980م.








* محمد جمال الدين، الحياة السياسية في الدولة العربية الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة، ط/5، 1395هـ.








* محمد رضا المظفر، السقيفة، النجف، 1400هـ.








* محمد بن علي الكراجكي ت449هـ، دليل النص بخبر الغدير، تحقيق علاء آل جعفر، مؤسسة آل البيت، قم 1410هـ.








* محمد قطب، المستشرقون والإسلام، مكتبة وهبه، ط/1، 1420هـ.








* محمد محمد حسن شراب، المعالم الأثيرة في السنة، والسيرة، دار القلم،بيروت.








* محمد ياسين مظهر صديقي، الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي، ترجمة د. سمير عبد الحميد إبراهيم، دار الصحوة، القاهرة، ط/1، 1408هـ.








* مصطفى أبو ضيف أحمد، دراسات في تاريخ العرب منذ ما قبل الإسلام إلى ظهور الأمويين، مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية، 1983م.








* نبيلة عبد المنعم داود، نشأة الشيعة الامامية، دار المؤرخ العربي، بيروت ـ لبنان 1415هـ.








* يحيى بن إبراهيم اليحيى، مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري عصر الخلافة الراشدة، دار العاصمة، الرياض، ط/1، 1410هـ.








المراجع الأجنبية:








* بروكلمان، كارل، تاريخ الشعوب الإسلامية، تعريب نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط/7، 1977م.








* توماس ارنولد، الخلافة، ترجمة جميل معلى، دار اليقظة دمشق، 1946م.








* الدعوة إلى الإسلام، ترجمة حسن إبراهيم حسن وآخرون، مكتبة النهضة المصرية، المصرية القاهرة، 1970م.








* غوستاف لوبون، حضارة العرب، عربه عادل زعيتر، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1969م.








* فيليب حتى، تاريخ العرب المطول، دار الكشاف، بيروت، ط/2، 1952م.








* الإسلام منهج حياة، ترجمة عمر فروخ، دار العلم للملايين، ط/3، 1983م.








* يولويس فلهاوزن، تاريخ الدولة العربية، تعريب د. محمد عبد الهادي أبو ريده، لجنة التأليف والنشر، القاهرة، ط/2، 1968م.








المجلات:








* ساجدة عمر فوزي، مقال بعنوان حول طبيعة الاستشراق، مجلة المؤرخ العربي، بغداد، عدد 14، 1980م.








* نبيه عاقل، مقال بعنوان مولد الحزبية السياسية وقضية الحكم، بحث من بحوث المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام (2-7/3/1408هـ)، بلاد الشام في العصر الأموي، القسم العربي ـ المجلد الأول، عمان 1989م.

















فهرس الموضوعات








مقدمة 5








الأحقاد الجاهلية 7








الادعاء بأن أبا بكر قد زاد في القرآن 8








آثار وفاة النبي ? 9








الزعم بأنه لا وجود لنظام الحكم في الإسلام 11








المهاجرون وفراغ السلطة 17








الزعم بانقسام الصحابة إلى أحزاب 18








بعض نتائج السقيفة 22








الإساءة إلى أهداف الفتح الإسلامي 23








خبر السقيفة كما ورد في الروايات الصحيحة 24








مكانة الصديق 27








خـير أمـة 28








الأنصار وطاعتهم لله ورسوله 30








عظم المسؤولية في الخلافة 31








علي والخلافة 32








الخاتمة ونتائج البحث 34








المصادر والمراجع 38








فهرس الموضوعات 44

















إذا أردت قراءتها مفصلة حمل الملف المرفق أسفل وساهم في نشرة














شاركنا رأيك

 
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا

أقسام شبكة بحوث وتقارير ومعلومات عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع [بحث] بيعة ثقيفة بني ساعدة في كتابات المحدثين - ملخصات وتقارير جاهزة للطباعة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27 ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 18/11/2023


اعلانات العرب الآن