اليوم: السبت 27 ابريل 2024 , الساعة: 6:49 ص
الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا iiالنساء:1ii.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا iiالأحزاب:70-71ii.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة الأخيار! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وبياكم، وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، أسأله سبحانه أن يجمع شملنا، ويوحد صفنا، ويصلح ولاة أمورنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
إلى متى الغفلة؟ وها هو الموت يتخطف الناس يمنة ويسرة، فلا يكاد يمضي يوم إلا والمستشفيات تودع رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، والمقابر تستقبلهم.
جاء في الآثار أن الدنيا تمثلت لعيسى بن مريم في صورة عجوز حسناء عليها من كل زينة فقال لها: كم تزوجت، قالت: كثير، قال: أكلهم مات عنك أم طلقك؟ قالت: بل كلهم قتلت، فقال عيسى عليه السلام: تعساً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين!
يا غافلاً عن العمل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
الغفلة مرض قلبي خطير إن الأمراض التي تصيب بني آدم على نوعين:
أمراض تصيب الأبدان، ومنها نفر إلى الطبيب ونطلب العلاج.
وأمراض تصيب القلوب، وهي أشد فتكاً، وأشد خطراً من أمراض الأبدان؛ لأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الموت؛ ولأن أمراض القلوب تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة، وتؤدي إلى فساد الدين؛ لذلك كانت أشد خطراً من أمراض الأبدان.
إن حياة القلوب حياة للأبدان، وموت القلوب موت للأبدان، قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ iiالمنافقون:4ii، لكن القلوب خاوية، والناس اليوم يشكون من قسوة القلب. إنها الغفلة التي استحكمت على حياة كثير من الناس، إنها مرض خطير، تصد عن الهداية، وتنسي الآخرة، سيظل الإنسان في غفلته ما بين راحة وجيئة حتى يفاجئه الموت، فإذا جاءه صاح بأعلى الصوت: رباه ارجعون، يريد أن يداوي ذلك القلب، يريد أن يذهب إلى الطبيب، ويبحث عن علاج لهذا القلب المريض.
أقول أحبتي: رجل من أهل الخير مر عليه رجل من أهل الغفلة فقال له: يا أبا فلان! الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟ قال: لا، فقال له: هل نويت أن تغير هذه الحال إلى حال ترضاها للموت؟ قال: ما اشتاقت نفسي بعد، قال: هل يوجد بعد هذه الدار دار فيها معتمل؟ قال: لا، قال: وهل تضمن أن لا يأتيك الموت وأنت على هذه الحال؟ قال: لا، قال: والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال!
اسأل نفسك: الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟
انتهى الأجل، وانقضت الساعات، وأزف الرحيل، أمستعد أنت لمغادرة هذه الحياة، والانتقال إلى حياة أخرى؟ فالغفلة مرض خطير، حذرنا القرآن منها فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ iiالمنافقون:9ii.
وما غفل الناس إلا لاشتغالهم بأمور دنياهم بشهواتهم ولذاتهم، قال الله جل في علاه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى iiالأنبياء:1-3ii.
الغفلة أودت بحياة كثير من الناس، سببها الانشغال بالدنيا، ونسيان الموت، غفلنا عن الموت وسكراته، غفلنا عن القبر وظلماته، غفلنا عن اللحد وضمته، غفلنا عن السؤال وشدته، غفلنا عن يوم القيامة وكرباته، غفلنا أن المصير إما إلى جنة وإما إلى نار.
والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءه
وإنه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده خير عند ربنا لعبده
وإن يك شراً فما بعد أشد ويل لعبد عن سبيل الله صد
مر علي على أهل القبور فقال: يا أهل القبور! إما تخبرونا خبركم أو نخبركم بأخبارنا، أما أخبارنا: فإن البيوت قد سكنت، والنساء قد تزوجت، والأموال قد قسمت.
ثم قال: أما والله لو تكلم أهل القبور لقالوا: تزودوا فإن خير الزاد التقوى، أمرنا بعمارة الأعمار، واستغلالها في الطاعات؛ لأن العمر الذي نحياه عمر واحد، إذا مضى لا يرجع أبداً، فاغتنم هذا العمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم الحياة قبل الممات، اغتنم الشباب قبل الهرم، اغتنم الصحة قبل المرض، اغتنم الفراغ قبل الانشغال، اغتنم الغنى قبل الفقر).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني)، تأمل في حال الناس اليوم حتى ترى مقدار الغفلة التي يعيشها كثير من الناس إلا من رحم الله.
من أحوال الغافلين ترك الصلوات من أحوال الغافلين النوم عن الصلوات، بل ربما لا يصلون، ينامون عن الصلوات مرات ومرات، ومنذ أشهر مضت مات شيخ في السبعين من عمره، فجاءني سائل يسأل ويقول: يا شيخ! ما حكم الصلاة على من لا يصلي؟ قلت: ما الخبر؟ قال: مات شيخ كبير في حينا تجاوز السبعين من عمره ما رأيناه قط في المسجد، وما رأيناه صلى يوماً ولا ركع لله، وعندما سئل أهله عن أخباره، قالوا: ما رأيناه يوماً يصلي!
أي غفلة هذه؟ تمر بنا الأيام، وتنقضي بنا الليالي، وأنا وأنت نسير إلى النهاية التي لابد منها، أين الاستعداد للرحيل.
كان أحد الصالحين يقوم في هجيع الليل الأخير يرقى على أعلى مكان في قريته، ينادي بأعلى صوته يذكر الناس: الرحيل! الرحيل! الرحيل! حتى جاء يوم انقطع ذلك الصوت، فسأل عنه أمير القرية فقيل له: مات، قال: لا زال يذكر الناس بالرحيل حتى رحل هو.
لا يزال يلهج بالرحيل وذكره حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً ذا أهبة لم تلهه الآمال
والله ما حال بين الناس وبين الاستعداد للآخرة إلا طول الأمل، ومن أطال الأمل أساء العمل، قال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ iiالحجر:3ii، فلا تراهم يصلون، بل ينامون عن الصلوات، بل قد لا يركعون ولا يسجدون.
مجموعة من الشباب لقيتهم على إحدى الطرقات فركبوا معي، ثم دار بيني وبينهم هذا الحديث:
قلت: أين تريدون؟
قالوا: نريد المكان الفلاني.
قلت: ما هو هدفكم هناك؟
قالوا: نبحث عن وظائف وأعمال.
سألتهم عن المؤهلات فلا تكاد تذكر، لا يحملون من الشهادات الدراسية أو المهنية شيئاً يذكر، سألتهم: كيف أنتم مع الصلاة؟ لعلمي يقيناً من كتاب الله وسنة نبيه أن الصلاة مفتاح البركات، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى iiطه:132ii.
فقال الأول: أتريد الصدق أم تريد أن أكذب عليك؟
قلت: إن كذبت فأنت تكذب على نفسك، أما أنا فلا يضرني.
قال: يا شيخ! أنا لا أصلي.
قلت: كافر؟
قال: لا.
قلت: هذا حكم الله وحكم رسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
أما الثاني فقال: أنا أحسن منه حالاً، قلت: كيف؟! قال: أنا أصلي في اليوم مرتين.
قلت: إن هذا الأمر عجب، الله أمرنا بخمس صلوات، وأنت تصلي صلاتين، أي غفلة هذه؟ أما بني الإسلام على خمس؟ هل ممكن أن مسلماً يغفل عن هذه الأركان أو يجهل هذه الحقيقة؟ إنه عبد مأمور بأداء خمس صلوات.
أما الثالث فكان أعجب من الاثنين، قال: أنا أحسن حالاً، أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خالي
والله لن يستقيم حال المرء حتى يستقيم في صلاته، والله لا يتغير حال الإنسان من حال إلى حال حتى يضبط أمر صلاته، قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من المحافظة على الصلاة.
فترى الغافلين لا يصلون، وانظر في غفلة المجتمع كله اليوم، إذا أذن المؤذن: الصلاة خير من النوم، فإذا خرجت إلى الشارع لا تكاد ترى سيارة تتحرك، ولا تكاد ترى إنساناً يسير، وتدخل المسجد فترى أباً أو شيخاً أو قلة من الشباب الذين هداهم الله، والبقية في غفلة لا يعلمها إلا الله، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ iiالأعراف:179ii.
وبعد أذان الفجر بساعة تلاحظ مقدار غفلتنا، إذا نادى منادي الدنيا: حي على الأعمال، حي على الوظائف! امتلأت الشوارع بالغادين والرائحين صغاراً وكباراً، ذكراناً وإناثاً، والبيوت بعد غفلتها هبت من نومتها واستعدت لطلب دنياها.
كيف يتغير واقع الأمة وهي لا تزال تعظم دنياها أكثر من تعظيمها لأوامر الله، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ iiآل عمران:165ii.
فتراهم لا يصلون، ويتساهلون في الصلوات، وتراهم يطلقون النظرات يمنة يسرة في حلال وفي محرمات، وتراهم قد هجروا القرآن، وأكبوا على الأغنيات بالليل وبالنهار، والليل والنهار عندهم سواء.
تحذير للسلف من الغفلة أما أهل الصلاح فإن لليلِ والنهار معنى آخر عندهم، كان عمر بن عبد العزيز يقول: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.
وكان الصديق يوصي عمر قائلاً: إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً في النهار لا يقبله بالليل.
فأين نحن من هذه الحقوق والواجبات؟ فما وصلت الأمة إلى الحالة التي وصلت إليها إلا لغفلة الشباب والشيب.
زار أبو ذر مكة بعد طول غياب فرأى من أهلها عجباً، رآهم قد تطاولوا في البنيان، ورآهم توسعوا في المأكل والمشرب، فنادى بهم وهو يطوف حول الكعبة، فقال: يا أيها الناس! أنا جندب بن جنادة، وأنا لكم ناصح مشفق أمين.
فأقبلوا عليه، فقال: أرأيتم لو أن رجلاً أراد السفر، أليس يأخذ من الزاد ما يبلغه في سفره؟ قالوا: بلى، قال: فإن سفر الآخرة أطول ما تريدون فخذوا له ما يبلغكم، قالوا: وما يبلغنا؟! قال: صلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور، وحجوا حجة لعظائم الأمور.
واجعل الدنيا مجلسين: مجلساً في طلب الآخرة، ومجلساً في طلب الدنيا، وآخر يضرك لا تَرِدْه، واجعل الدرهم درهمين: درهماً تنفقه في سبيل الله، ودرهما تنفقه على نفسك وعيالك ومن عندك، وآخر يضرك لا ترده، ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتؤملون فتطيلون، قتلكم حرصٌ على الدنيا لستم ببالغيه.
أقول: إلى الله المشتكى، كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا؟ ورأى القصور الشاهقة لا يسكنها إلا اثنان أو ثلاثة؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أرصدتنا في البنوك الربوية؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى نساءنا وأطفالنا يتمايلون مع المعازف والألحان؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى ليلنا أمام الشاشات والقنوات؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى الملاعب تغط بالبنين والشباب؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد البقر يهدمون مساجدنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد الصليب ينتهكون حرماتنا وأعراضنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بنا؟
فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما وصلنا إلى هذه الحال إلا من غفلتنا، وما أوتينا من قبل قوة القوم، ولكن أوتينا من ضعفنا، ومن غفلتنا، أما آن الأوان أن نسمع المواعظ فنتعظ، ونسمع النصائح فنتغير ونتبدل.
أما آن أن نتذكر أن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، ولا يعرف صيفاً ولا شتاء، ولا ليلاً ولا نهاراً.
أما آن أن نعرف أنه ينتظر كلاً منا شدائد وأهوال، وفي القبر ضمة وسؤال.
إنها ثلاثة أسئلة ستطرح على كل واحد منا: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ ولا تظن أن قضية الإجابة بالقضية السهلة، فإنه لن يستطيع أهل الغفلة الإجابة، ولن يجيب إلا أصحاب القلوب الحية ثباتاً وتثبيتاً من الله جل في علاه، قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ iiإبراهيم:27ii.
الغفلة تصد عن الحق الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فينا وتغير من أحوالنا فما الذي يؤثر فينا ما الذي يغير الواقع؟
إن مصير الغافلين مصير مظلم لا يعلمه إلا الله، تخونهم الذنوب والمعاصي في ساعة هم أحوج ما يكونون للتثبيت من الله جل في علاه.
قصص من الواقع عن أحوال الغافلين والصالحين عند الموت الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فينا وتغير من أحوالنا فما الذي يؤثر فينا ما الذي يغير الواقع؟
إن مصير الغافلين مصير مظلم لا يعلمه إلا الله، تخونهم الذنوب والمعاصي في ساعة هم أحوج ما يكونون للتثبيت من الله جل في علاه.
شباب يموتون وهم يرددون الغناء أحد الذين يعملون في أمن الطرقات يقول: حادث شنيع حدث أمام أعيننا، سيارتان مسرعتان ارتطمتا وجهاً لوجه، فانطلقنا إلى مكان الحادث.
جئنا إلى السيارة الأولى فإذا الذي فيها قد فارق الحياة، وجئنا إلى السيارة الثانية فإذا فيها ثلاثة من الشباب، والذي يظهر أنهم في ساعات احتضار، أنزلناهم من السيارة، ومددناهم على جانب الطريق، أخذ صاحبي يردد عليهم: قولوا لا إله إلا الله، قولوا لا إله إلا الله، وفجأة ارتفعت أصواتهم بالغناء، وصاحبي يردد عليهم: قولوا لا إله إلا الله، وهم يرددون ألحان الشيطان حتى خمدت أنفاسهم والعياذ بالله.
وهكذا خانتهم المعاصي والذنوب، خانتهم الأغاني، وخانتهم المخالفات، وخانهم الشيطان في تلك اللحظات.
ما عمروا القلوب بالطاعة، ما ملئوا الأسماع بالقرآن، فلا عجب حين قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، فانطلقوا يرددون كلام الشيطان، تخونهم المعاصي عند الموت وبعد الموت، والعياذ بالله.
شاب لا يصلي فاسود جلده بعد الموت يقول أحد الذين يغسلون الموتى: جيء لنا بشاب في مقتبل العمر شديد البياض، فما أن بدأنا بتغسيله حتى انقلبت بشرته من البياض إلى السواد الشديد والعياذ بالله، وصدق الله حين قال: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ iiالأنفال:50-51ii، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ iiآل عمران:117ii.
يقول: انقلبت بشرته من البياض إلى السواد الشديد والعياذ بالله، وخفنا من المنظر، وخرجنا من مكان التغسيل، فإذا رجل يدخن خارج الغرفة، قلنا: الميت ميتكم؟ قال: نعم، أنا أبوه. الأسرة كلها تعيش في غفلة لا يعلمها إلا الله، قلت: ما خبر ميتكم هذا؟ قال: ميتنا هذا لم يكن من المصلين!
قال: قلت: خذوا ميتكم أنتم غسلوه وكفنوه، أما حكم الله ورسوله في هذا أنه لا يغسل ولا يكفن، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يحمل على الرقاب، ولا يدعى له، ولا يستغفر له، بل تحفر له حفرة في الصحراء يكب فيها على وجهه والعياذ بالله، قال تعالى: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ iiآل عمران:117ii.
إنها الغفلة، وما تصنع بأصحابها، ألم نودع أمثال هؤلاء؟ لقد ودعنا أمثال هؤلاء كثيراً، قال تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ iiالحديد:16ii، وقال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ iiالحديد:17ii أما آن أن نعتبر بمن مضى؟
خل ادكار الأربع والمعهد المرتبع
والظاعن المودع
وعدَّ عنه ودعِ
واندب زماناً سلفاً سودت فيه الصحفا
ولم تزل معتكفاً على القبيح الشنع
كم ليلة أودعتها مآثماً أبدعتها
لشهوة أطعتها في مرقد ومضجع
وكم خطىً حثثتها لخزية أحدثتها
وتوبة نكثتها لملعب ومرتع
وكم تجرأت على رب السماوات العلى
ولم تراقبه ولا صدقت فيما تدعي
وكم غمطت بره
وكم أمنت مكره
وكم نبذت أمره نبذ الحذا المرقع
وكم ركضت في اللعب وفهت عمداً بالكذب
ولم تراع ما يجب من عهده المتبع
فالبس شعار الندم واسكب شآبيب الدم
قبل زوال القدم وقبل سوء المصرع
إلامَ تسهو وتني ومعظم العمر فني
فيما يضر المقتني ولست بالمرتدع
أما ترى الشيب وخط وخط في الرأس خطط
ومن يلح وخط الشمط بفوده فقد نعي
ويحك يا نفس احرصي على ارتياد المخلص
وطاوعي وأخلصي واستمعي النصح وعي
واعتبري بمن مضى من القرون وانقضى
واخشي مفاجاة القضا وحاذري أن تخدعي
وانتهجي سبل الهدى وادكري وشك الردى
فإنَّ مثواك غداً في قعر لحد بلقع
آهاً له بيت البلا والمنزل القفر الخلا
ومنزل السفر الألى واللاحق المتبع
بيت يرى من أودعه قد ضمه واستودعه
بعد الفضاء والسعة قيد ثلاث أذرع
لا فرق أن يحله داهية أو أبله
أو معسر أومن له ملك كملك تبع
فالكل سيموت: الصغير سيموت، والكبير سيموت، والذكر سيموت، والأنثى ستموت، والغافل سيموت، والصالح سيموت، والله لا يظلم أحداً، أما أهل الغفلة فتأخذهم الغفلات في ساعات احتضارهم، وأما الصالحون فيثبتهم الله عند ساعات احتضارهم.
شاب يموت وهو يقرأ القرآن يقول الذي شهد مشهد الشباب على الأغاني: بعد حين شهدت مشهداً آخر:
شاب في مقتبل العمر تعطلت سيارته تحت نفق من الأنفاق، فنزل لإصلاح العطل، فجاءت سيارة فارتطمت به من الخلف، وسقط على الأرض، وتكسرت عظامه، وسالت دماؤه!
يقول: أسرعنا إلى مكان الحادث، جئناه فإذا هو في حال لا يعلمها إلا الله، حملناه في السيارة، ويظهر على مظهره الالتزام، فإذا هو يهمهم بأصوات وكلمات لم نميزها حتى وضعناه في الكرسي الخلفي من السيارة، وعندما انطلقنا تبين لنا ذلك الكلام الذي كان يهمهم به، كان يقرأ القرآن بصوت عذب ندي، ما سمعنا أجمل من ذلك الصوت، هو يقرأ ونحن نبكي.
أقول في نفسي: سبحان الله ما كأنه تكسرت عظامه، فقلت في نفسي: ألقنه الشهادة، فأنا صاحب خبرة من المواقف الماضية، يقول: فجأة بدأ صوته يخفت شيئاً فشيئاً، فالتفتُ إلى الخلف فإذا هو رافع إصبعه السبابة يتشهد، ثم سقطت يده على صدره وفارق الحياة.
فهذا لا يحتاج أن تلقنه لا إله إلا الله؛ لأنه عاش على (لا إله إلا الله)، فعرف معنى (لا إله إلا الله)، وبذل حياته من أجل (لا إله إلا الله)، فثبته الله في ساعة احتضاره، لم تتخل عنه الصلوات، ولم يتخلَّ عنه القرآن، ولا تخلى عنه التسبيح والتهليل، بل كان الله معه في تلك الساعة، فغادر الحياة وهو يقول: لا إله إلا الله!
ظهور أمارات السعادة على شاب عند غسله ودفنه وآخر من أحد دعاتنا يقول: جيء بشاب من أهل الصلاح والاستقامة، أحسبه والله حسيبه من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومن الحريصين على حب الخير للناس، جيء به إلينا حتى نغسله، فلما بدأنا بتغسيله، وبدأنا بإعداد المسك والكافور، والله الذي لا إله إلا هو لقد فاحت رائحة المسك منه قبل أن نضع المسك عليه، وامتلأت الغرفة بمسك ما شممنا بمثله من قبل.
قال: قلت لصاحبي: هل تشم ما أشم؟ قال: إي والله، فنظرنا في وجهه فإذا هو كالقراطيس من شدة البياض، غسلناه، وكفناه، وأخذناه إلى المقبرة، وكنت ممن نزل في قبره، فلما أعطونا إياه فإذا هو يؤخذ من بين أيدينا، والله ما حملناه، بل أُخذ من بين أيدينا، قلت لصاحبي: أتشعر؟ قال: إي والله.
ووسد التراب، والله ما وسدناه، ووجه إلى القبلة، ووالله ما وجهناه، وكشفت عن وجهه فإذا هو يضحك، فخفت وظننته حياً، لولا أنني أنا الذي غسلته وكفنته!
هذا الشاب الصالح لم تخنه الطاعات حتى في قبره، ولم تخنه الصلوات حتى في قبره، إذا مات ابن آدم تبعه عمله، أما أهل الغفلة فتتبعهم غفلاتهم، وأما أهل الطاعات فتتبعهم طاعتهم، وتضيء لهم قبورهم، فإلى متى والناس يوماً بعد يوم يرحلون والحال لا يتغير ولا يتبدل؟ إن المرض في القلوب ولابد من علاجها، وعلاج القلوب لا يكون إلا بالمواعظ القرآنية.
قال ابن القيم: وعلاج القلب في خمسة: قراءة القرآن بتدبر، وقيام الليل.
ولكن الناس اليوم يمكثون أمام الشاشات ساعات وساعات، ويضيعون الواجبات والطاعات، وأحوال أمتنا في كل مكان مآسي وجراحات.
ها هو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد
يا ويحنا ماذا أصاب شبابنا أوما لنا سعد ولا مقداد
إنَّ علاج القلب بالتضرع في السحر، والارتماء بين يدي الله جل في علاه، والعلاج يكون بتقليل الأكل والشرب والطعام، فما فسدت القلوب إلا لما أثخنت البطون أكلاً وشرباً ولهواً وغفلة، ثم علاج القلوب بمصاحبة الأخيار، والطيور على أشكالها تقع.
من أخبار أصحاب القلوب الحية إنَّ من أخبار أصحاب القلوب الحية، يقول سلمان الفارسي : ثلاثة أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمل والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ iiق:18ii وضاحك ملء فيه لا يدري ربه راض عنه أو ساخط عليه.
وآخر يقول: ما نمت ليلة إلا ظننت أني لا أستيقظ بعدها.
والآخر كلما أراد الخروج من المسجد بكى بكاء شديداً، فإذا قيل له: ما الذي يبكيك؟ قال: أخاف أن لا أرجع إليه مرة ثانية.
كان حبيب الفارسي إذا أصبح قال لزوجته: إذا مت اليوم فابعثي إلى فلان يغسلني، وابعثي إنساناً يكفنني، واصنعي كذا، واصنعي كذا، فقيل لها: رؤيا رآها، قالت: لا، كل يوم يقول مثل هذا الكلام. فهذه هي القلوب الحية.
أما عبد الله بن عامر فسمع منادياً ينادي لأذان المغرب وكان في مرض شديد، بل ربما كان ينتظر ساعة الاحتضار، فقال لأبنائه: خذوني إلى المسجد، قالوا: أنت ممن عذر الله، ليس على المريض حرج، قال: والله إني لأستحي أن أسمع النداء فلا أجيب!
واليوم يمرون من جانب المساجد كأن الأمر لا يعنيهم، ويسمعون حي على الصلاة، حي على الفلاح فلا يجيب إلا قليل.
قال: خذوني إلى المسجد، فإني والله لأستحي أن أسمع النداء ولا أجيب، فاغتسل وتطيب وتعطر وذهب لأداء صلاة المغرب، فلما سجد السجدة الأولى لم يرفع رأسه بعدها، وما أحلاه من ختام، وما أحلاها من نهاية، قال تعالى: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ iiالأحقاف:31-32ii.
هذه أخبار أصحاب القلوب الحية، فإن لم تكن مثلهم فتشبه بهم، إن التشبه بالصالحين صلاح، وانتبه أن تطلب وقتاً مستقطعاً ووقتاً إضافياً فلا يستجاب لك، خذ بالعلاج إذا أردت الشفاء.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، ودخل أهل النار النار جيء بالموت على هيئة كبش أقرن أملح بين الجنة والنار، ثم ينادى بأهل الجنة: يا أهل الجنة! تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم نعرفه، هذا الموت، ثم ينادى بأهل النار: يا أهل النار! تعرفون هذا؟ فيشرئبون فينظرون ويقولون: نعم نعرفه، هذا الموت، فيؤمر بالموت بين الجنة والنار فيذبح، ثم ينادى بأهل الجنة: يا أهل الجنة خلود فلا موت، وينادى بأهل النار: يا أهل النار خلود فلا موت).
فيقال لأصحاب القلوب الحية: إن لكم ألا تجوعوا فيها أبداً، إن لكم أن تصحوا فيها فلا تمرضوا أبداً، وأن تحيوا فيها فلا تموتوا أبداً، وأن تقيموا فيها فلا تظعنوا أبداً، وأن تشبوا فيها فلا تهرموا أبداً.
ويقال لأهل الغفلة وأهل النار: خلود فلا موت: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ iiالسجدة:12ii)، فهم يتمنون العودة، ولكن هيهات هيهات!
ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ iiمريم:39-40ii.
فاتقِ الله عبد الله! وانفض غبار الغفلة، واستعد للرحيل، فإنك قد تمسي ولا تدرك الصباح، وقد تصبح ولا تدرك المساء، والشاب يغتر بشبابه، وإنك تجد أنَّ أكثر من يموت هم الشباب، والشيخ الكبير يغتر بصحته، والمرض يأتي فجأة، وإذا جاء المرض فقد اقترب الموت.
يا عجباً للناس لو فكروا أو حاسبوا أنفسهم أبصروا
وعبروا الدنيا إلى غيرها إنما الدنيا لهم معبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقى والبر كان خير ما يدخر
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين.
اللهم اجمع شملنا، ووحد صفنا، وردنا إليك رداً جميلاً يا رب العالمين.
اللهم انصر المستضعفين في كل مكان، في فلسطين والشيشان وفي كشمير والفلبين، وفي العراق وأفغانستان.
اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً.
اللهم انصر من نصرهم، واخذل من خذلهم.
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا رب العالمين.
وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
سلسلة طويلة من الخطب نجدها ماثلة ومائلة للجَمال كثيرًا، وفي هذا سلسلة تطول كثيرًا بهذا الخضم ونجدُ أنّ محاضرات خالد الراشد سلسلة طويلة من الحقائق والإرشادات التي تتدلى فيما يلي:
خطبة عن الغفلة
الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا iiالنساء:1ii.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا iiالأحزاب:70-71ii.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة الأخيار! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وبياكم، وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، أسأله سبحانه أن يجمع شملنا، ويوحد صفنا، ويصلح ولاة أمورنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
إلى متى الغفلة؟ وها هو الموت يتخطف الناس يمنة ويسرة، فلا يكاد يمضي يوم إلا والمستشفيات تودع رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، والمقابر تستقبلهم.
جاء في الآثار أن الدنيا تمثلت لعيسى بن مريم في صورة عجوز حسناء عليها من كل زينة فقال لها: كم تزوجت، قالت: كثير، قال: أكلهم مات عنك أم طلقك؟ قالت: بل كلهم قتلت، فقال عيسى عليه السلام: تعساً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين!
يا غافلاً عن العمل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
الغفلة مرض قلبي خطير إن الأمراض التي تصيب بني آدم على نوعين:
أمراض تصيب الأبدان، ومنها نفر إلى الطبيب ونطلب العلاج.
وأمراض تصيب القلوب، وهي أشد فتكاً، وأشد خطراً من أمراض الأبدان؛ لأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الموت؛ ولأن أمراض القلوب تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة، وتؤدي إلى فساد الدين؛ لذلك كانت أشد خطراً من أمراض الأبدان.
إن حياة القلوب حياة للأبدان، وموت القلوب موت للأبدان، قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ iiالمنافقون:4ii، لكن القلوب خاوية، والناس اليوم يشكون من قسوة القلب. إنها الغفلة التي استحكمت على حياة كثير من الناس، إنها مرض خطير، تصد عن الهداية، وتنسي الآخرة، سيظل الإنسان في غفلته ما بين راحة وجيئة حتى يفاجئه الموت، فإذا جاءه صاح بأعلى الصوت: رباه ارجعون، يريد أن يداوي ذلك القلب، يريد أن يذهب إلى الطبيب، ويبحث عن علاج لهذا القلب المريض.
أقول أحبتي: رجل من أهل الخير مر عليه رجل من أهل الغفلة فقال له: يا أبا فلان! الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟ قال: لا، فقال له: هل نويت أن تغير هذه الحال إلى حال ترضاها للموت؟ قال: ما اشتاقت نفسي بعد، قال: هل يوجد بعد هذه الدار دار فيها معتمل؟ قال: لا، قال: وهل تضمن أن لا يأتيك الموت وأنت على هذه الحال؟ قال: لا، قال: والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال!
اسأل نفسك: الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟
انتهى الأجل، وانقضت الساعات، وأزف الرحيل، أمستعد أنت لمغادرة هذه الحياة، والانتقال إلى حياة أخرى؟ فالغفلة مرض خطير، حذرنا القرآن منها فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ iiالمنافقون:9ii.
وما غفل الناس إلا لاشتغالهم بأمور دنياهم بشهواتهم ولذاتهم، قال الله جل في علاه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى iiالأنبياء:1-3ii.
الغفلة أودت بحياة كثير من الناس، سببها الانشغال بالدنيا، ونسيان الموت، غفلنا عن الموت وسكراته، غفلنا عن القبر وظلماته، غفلنا عن اللحد وضمته، غفلنا عن السؤال وشدته، غفلنا عن يوم القيامة وكرباته، غفلنا أن المصير إما إلى جنة وإما إلى نار.
والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءه
وإنه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده خير عند ربنا لعبده
وإن يك شراً فما بعد أشد ويل لعبد عن سبيل الله صد
مر علي على أهل القبور فقال: يا أهل القبور! إما تخبرونا خبركم أو نخبركم بأخبارنا، أما أخبارنا: فإن البيوت قد سكنت، والنساء قد تزوجت، والأموال قد قسمت.
ثم قال: أما والله لو تكلم أهل القبور لقالوا: تزودوا فإن خير الزاد التقوى، أمرنا بعمارة الأعمار، واستغلالها في الطاعات؛ لأن العمر الذي نحياه عمر واحد، إذا مضى لا يرجع أبداً، فاغتنم هذا العمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم الحياة قبل الممات، اغتنم الشباب قبل الهرم، اغتنم الصحة قبل المرض، اغتنم الفراغ قبل الانشغال، اغتنم الغنى قبل الفقر).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني)، تأمل في حال الناس اليوم حتى ترى مقدار الغفلة التي يعيشها كثير من الناس إلا من رحم الله.
من أحوال الغافلين ترك الصلوات من أحوال الغافلين النوم عن الصلوات، بل ربما لا يصلون، ينامون عن الصلوات مرات ومرات، ومنذ أشهر مضت مات شيخ في السبعين من عمره، فجاءني سائل يسأل ويقول: يا شيخ! ما حكم الصلاة على من لا يصلي؟ قلت: ما الخبر؟ قال: مات شيخ كبير في حينا تجاوز السبعين من عمره ما رأيناه قط في المسجد، وما رأيناه صلى يوماً ولا ركع لله، وعندما سئل أهله عن أخباره، قالوا: ما رأيناه يوماً يصلي!
أي غفلة هذه؟ تمر بنا الأيام، وتنقضي بنا الليالي، وأنا وأنت نسير إلى النهاية التي لابد منها، أين الاستعداد للرحيل.
كان أحد الصالحين يقوم في هجيع الليل الأخير يرقى على أعلى مكان في قريته، ينادي بأعلى صوته يذكر الناس: الرحيل! الرحيل! الرحيل! حتى جاء يوم انقطع ذلك الصوت، فسأل عنه أمير القرية فقيل له: مات، قال: لا زال يذكر الناس بالرحيل حتى رحل هو.
لا يزال يلهج بالرحيل وذكره حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً ذا أهبة لم تلهه الآمال
والله ما حال بين الناس وبين الاستعداد للآخرة إلا طول الأمل، ومن أطال الأمل أساء العمل، قال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ iiالحجر:3ii، فلا تراهم يصلون، بل ينامون عن الصلوات، بل قد لا يركعون ولا يسجدون.
مجموعة من الشباب لقيتهم على إحدى الطرقات فركبوا معي، ثم دار بيني وبينهم هذا الحديث:
قلت: أين تريدون؟
قالوا: نريد المكان الفلاني.
قلت: ما هو هدفكم هناك؟
قالوا: نبحث عن وظائف وأعمال.
سألتهم عن المؤهلات فلا تكاد تذكر، لا يحملون من الشهادات الدراسية أو المهنية شيئاً يذكر، سألتهم: كيف أنتم مع الصلاة؟ لعلمي يقيناً من كتاب الله وسنة نبيه أن الصلاة مفتاح البركات، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى iiطه:132ii.
فقال الأول: أتريد الصدق أم تريد أن أكذب عليك؟
قلت: إن كذبت فأنت تكذب على نفسك، أما أنا فلا يضرني.
قال: يا شيخ! أنا لا أصلي.
قلت: كافر؟
قال: لا.
قلت: هذا حكم الله وحكم رسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
أما الثاني فقال: أنا أحسن منه حالاً، قلت: كيف؟! قال: أنا أصلي في اليوم مرتين.
قلت: إن هذا الأمر عجب، الله أمرنا بخمس صلوات، وأنت تصلي صلاتين، أي غفلة هذه؟ أما بني الإسلام على خمس؟ هل ممكن أن مسلماً يغفل عن هذه الأركان أو يجهل هذه الحقيقة؟ إنه عبد مأمور بأداء خمس صلوات.
أما الثالث فكان أعجب من الاثنين، قال: أنا أحسن حالاً، أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خالي
والله لن يستقيم حال المرء حتى يستقيم في صلاته، والله لا يتغير حال الإنسان من حال إلى حال حتى يضبط أمر صلاته، قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من المحافظة على الصلاة.
فترى الغافلين لا يصلون، وانظر في غفلة المجتمع كله اليوم، إذا أذن المؤذن: الصلاة خير من النوم، فإذا خرجت إلى الشارع لا تكاد ترى سيارة تتحرك، ولا تكاد ترى إنساناً يسير، وتدخل المسجد فترى أباً أو شيخاً أو قلة من الشباب الذين هداهم الله، والبقية في غفلة لا يعلمها إلا الله، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ iiالأعراف:179ii.
وبعد أذان الفجر بساعة تلاحظ مقدار غفلتنا، إذا نادى منادي الدنيا: حي على الأعمال، حي على الوظائف! امتلأت الشوارع بالغادين والرائحين صغاراً وكباراً، ذكراناً وإناثاً، والبيوت بعد غفلتها هبت من نومتها واستعدت لطلب دنياها.
كيف يتغير واقع الأمة وهي لا تزال تعظم دنياها أكثر من تعظيمها لأوامر الله، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ iiآل عمران:165ii.
فتراهم لا يصلون، ويتساهلون في الصلوات، وتراهم يطلقون النظرات يمنة يسرة في حلال وفي محرمات، وتراهم قد هجروا القرآن، وأكبوا على الأغنيات بالليل وبالنهار، والليل والنهار عندهم سواء.
تحذير للسلف من الغفلة أما أهل الصلاح فإن لليلِ والنهار معنى آخر عندهم، كان عمر بن عبد العزيز يقول: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.
وكان الصديق يوصي عمر قائلاً: إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً في النهار لا يقبله بالليل.
فأين نحن من هذه الحقوق والواجبات؟ فما وصلت الأمة إلى الحالة التي وصلت إليها إلا لغفلة الشباب والشيب.
زار أبو ذر مكة بعد طول غياب فرأى من أهلها عجباً، رآهم قد تطاولوا في البنيان، ورآهم توسعوا في المأكل والمشرب، فنادى بهم وهو يطوف حول الكعبة، فقال: يا أيها الناس! أنا جندب بن جنادة، وأنا لكم ناصح مشفق أمين.
فأقبلوا عليه، فقال: أرأيتم لو أن رجلاً أراد السفر، أليس يأخذ من الزاد ما يبلغه في سفره؟ قالوا: بلى، قال: فإن سفر الآخرة أطول ما تريدون فخذوا له ما يبلغكم، قالوا: وما يبلغنا؟! قال: صلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور، وحجوا حجة لعظائم الأمور.
واجعل الدنيا مجلسين: مجلساً في طلب الآخرة، ومجلساً في طلب الدنيا، وآخر يضرك لا تَرِدْه، واجعل الدرهم درهمين: درهماً تنفقه في سبيل الله، ودرهما تنفقه على نفسك وعيالك ومن عندك، وآخر يضرك لا ترده، ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتؤملون فتطيلون، قتلكم حرصٌ على الدنيا لستم ببالغيه.
أقول: إلى الله المشتكى، كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا؟ ورأى القصور الشاهقة لا يسكنها إلا اثنان أو ثلاثة؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أرصدتنا في البنوك الربوية؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى نساءنا وأطفالنا يتمايلون مع المعازف والألحان؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى ليلنا أمام الشاشات والقنوات؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى الملاعب تغط بالبنين والشباب؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد البقر يهدمون مساجدنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد الصليب ينتهكون حرماتنا وأعراضنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بنا؟
فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما وصلنا إلى هذه الحال إلا من غفلتنا، وما أوتينا من قبل قوة القوم، ولكن أوتينا من ضعفنا، ومن غفلتنا، أما آن الأوان أن نسمع المواعظ فنتعظ، ونسمع النصائح فنتغير ونتبدل.
أما آن أن نتذكر أن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، ولا يعرف صيفاً ولا شتاء، ولا ليلاً ولا نهاراً.
أما آن أن نعرف أنه ينتظر كلاً منا شدائد وأهوال، وفي القبر ضمة وسؤال.
إنها ثلاثة أسئلة ستطرح على كل واحد منا: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ ولا تظن أن قضية الإجابة بالقضية السهلة، فإنه لن يستطيع أهل الغفلة الإجابة، ولن يجيب إلا أصحاب القلوب الحية ثباتاً وتثبيتاً من الله جل في علاه، قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ iiإبراهيم:27ii.
الغفلة تصد عن الحق الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فين
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا
اخر المشاهدات
- [ العناية باليدين ] الماسكات الطبيعية للوجه واليدين # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل دبي الامارات ] الوجهات الخضراء ش.م.م. ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل دبي الامارات ] ماروتي وود وركس ش.ذ.م.م ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] ندى حبيب يونس بركات ... المدينه المنوره ... منطقة المدينة المنورة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل الشارقة الامارات ] ورشة مصفوت لتصليح السيارات ... الشارقة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل دبي الامارات ] فندق نيو ماين غيتس ريكسوس ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] فقدان السمع مع المتلازمات القحفية الوجهية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تجارة الكمبيوتر و التجارة قطر ] سكايز إن للتكنولوجيا # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] العلاقات الأذربيجانية الجورجية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] التسوق الشخصي ١ ... تبوك ... منطقة تبوك # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] تركي محسن بن معاضه الشهري ... الدمام ... المنطقة الشرقية # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- [ تعرٌف على ] العلاقات الفرنسية اللوكسمبورغية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ خدمات السعودية ] افكار اكلات شعبيه ليوم التاسيس بالصور # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] مؤسسة عاصمه الاعمال الذهبية للعقارات ... المدينه المنوره ... منطقة المدينة المنورة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] حنان فهد بن عبدالعزيز الاصيقع ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مكتبات السعودية ] مكتبة القبة فرع حي النزهة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973 # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل أبوظبي الامارات ] الاجنحة التنفيدية لمروج جلوريا ... أبوظبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ سوبر ماركت الامارات ] سوبر ماركت الجوهرة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [رقم هاتف] عيادة الطبيب دندشلي فادي صلاح .. لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- [ سياحة وترفيه الامارات ] طيران الإمارات المتحدة ... أبوظبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ES-10/19 # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] سلطان بن سحيم بن حمد آل ثاني # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] فهد أحمد بن علي العجلان ... الباحة ... منطقة الباحة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ خدمات عامة الامارات ] دائرة الطيران المدني ... الشارقة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] سليمان جمعان سلمان الجمعان ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] ملحمة تانيا الآثمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-25
- [ مؤسسات البحرين ] مشويات بوابة دانيال ... المنطقة الشمالية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] العلاقات الأذربيجانية الطاجيكستانية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ حكمــــــة ] محاذير موجهة لأهل الهمّة العالية : 1 - صاحب الهمّة تحلق به همته دائماً فتأمره بإنجاز كثير من الأعمال المتداخلة في وقت واحد, فليطعها بقدر ولا يستبعد ما تأمره به, وفي الوقت نفسه لا يقوم به كله بل يأخذ منه بقدر ما يعرف من إسعاف همته له بالقيام
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] سويلم نجاء بن عجل العتيبي ... الجموم ... منطقة مكة المكرمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعليم الامارات ] سي ام ايه بروميتيك دبي لوكيشن فرع ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ ملوك وأمراء ] من هو رئيس روسيا # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مؤسسات البحرين ] حنان علي خليل ابراهيم ... المنطقة الجنوبية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] رياضيات مترابطة # اخر تحديث اليوم 2024-04-24
- [ وزارات وهيئات حكومية السعودية ] المؤسسة العامة للتقاعد - مكتب القريات # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] يوسف عيد حمود القريقري ... جدة ... منطقة مكة المكرمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ محلات أحذية الامارات ] Al Mayas Shoes Repairing # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ محلات أحذية الامارات ] نجمة زعبيل # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ فوائد الفيتامينات والمعادن ] ما هي فوائد الزنك وفيتامين E # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مؤسسات البحرين ] كرم الحسين للأدوات الرياضية ... منامة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] متجرر حنين ستور ... القري ... منطقة الباحة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] مناور منير منور المطيري ... الحزم ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] تقسيم طبقي (غطاء نباتي) # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تخفيف الوزن ] فوائد الزهورات للتنحيف # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل العين الامارات ] مشاكيك ... العين # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ فائدةالخلاصة البهية فى ترتيب أحداث السيرة النبوية للشيخ وحيد عبدالسلام ] 35 - وفي هذه السنة : كانت سرية إلى رعية السحيمي الذي رقع بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دلوه كَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَأَخَذَ
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] مراد محمد بن رمزي العمري ... الدمام ... المنطقة الشرقية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- تعرٌف على ... عائشة العتيبي | مشاهير # اخر تحديث اليوم 2024-02-10
- [ تعرٌف على ] العلاقات الأذربيجانية الألمانية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] مؤسسة منيره سليمان محمد الشعيبي التجارية ... بريدة ... منطقة القصيم # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] القضايا البيئية في سوريا # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] ندى عبدالرحمن بن عبدالله مسلم ... مكه المكرمه ... منطقة مكة المكرمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] دينيس براون # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مقاولون السعودية ] الاعمال القياسية للمقاولات # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ حكمــــــة ] أربع خصال من السعادة، وأربع من الشقاوة، فأما التي من السعادة: فالمركب الهني. أو قال: الوطي، والزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح. وأما التي من الشقاوة: فالمركب الصعب، والزوجة السوء، والمسكن الضيق، والجار السوء. # اخر تحديث اليوم 2
- [ تعرٌف على ] أحداث الاتحادية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] مقرن فالح على الحربي ... الرس ... منطقة القصيم # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مؤسسات البحرين ] العاصمة الخضراء لتركيب معدات وسائل الري ... المنطقة الشمالية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ شركات مقاولات السعودية ] مؤسسة تجديد الاعمال للمقاولات العامة ... الرياض ... الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] عواد حماد مطرب البلوي ... العلا ... منطقة المدينة المنورة # اخر تحديث اليوم 2024-02-12
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] عبدالرحمن ابراهيم محمد الجمعان ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل الشارقة الامارات ] النصر لتجارة الأدوات الحديدية ذ.م.م ... الشارقة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ العناية بالجسم ] أفضل خلطة لتبيض الجسم في أسبوع # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] ولاء بالقاسم معيض القرني ... جدة ... منطقة مكة المكرمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ صيدليات الامارات ] Supercare Pharmacy - Mirdif City Centre # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- - دكتور كمال عفيفي # اخر تحديث اليوم 2024-03-30
- ما تفسير رؤية الزير في المنام # اخر تحديث اليوم 2024-02-17
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] قاسم راشد عبدالله القرني ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ شركات طبية عيادات مستشفيات قطر ] صيدلية الاتحاد Al Etihad Pharmacy ... الدوحة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] سعفة الجسم # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ اثاث منزلى السعودية ] مؤسسة علي بن موسى اعمال الديكورات # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] قرنفل سويت ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تفتيح لون البشرة ] وصفات لتبييض الوجه منزلياً # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] اقتصاد أخضر # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ احتياجات الأسرة و التجارة قطر ] نجد للمستلزمات النسائية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل الشارقة الامارات ] عيادة ليلى للأسنان ... الشارقة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل الشارقة الامارات ] مؤسسة الاهلي لتجارة المعادن ... الشارقة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وزارات وهيئات حكومية السعودية ] الإدارة العامة لشؤون هيئة التدريب # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ العناية بالجسم ] كيف استخدم الصابون المغربي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ دليل دبي الامارات ] الازهر لتجارة المعادات ذ م م ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] ندى علي حمد الدبيخي ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- تفسير حلم اصلاح الطريق في المنام # اخر تحديث اليوم 2024-02-10
- [ دليل رأس الخيمة الامارات ] طيران الخليج ... راس الخيمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] عاصم عبدالله صالح العلي ... مكه المكرمه ... منطقة مكة المكرمة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ حكمــــــة ] حال السلف مع القرآن : عن ابن عباس رضى الله عنه قال: لأنَ أقرأ البقرة في ليلة وأتفكّر فيها أحبُّ إلي من أن أقرأ القرآن هذْرمةً(كثرة الكلام). [صفة الصفوة 1/372]. # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] تراد ... المجمعة ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] معهد همم العطاء للتدريب ... جازان ... منطقة جازان # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مطاعم السعودية ] مطعم شاي وشوي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ متاجر السعودية ] مخبز المعامير ... الخبر ... المنطقة الشرقية # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- [ منتجات غذائية ] أضرار البيض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] متلازمة غودباستشر # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ مؤسسات البحرين ] مؤسسة يحيى رضا احمد غلوم ... منامة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] فاطمه على حسن الشهري ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- [ دليل دبي الامارات ] محطة حافلات ريج للمعادن الصناعية 1 ... دبي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] العلاقات البحرينية الليسوتوية # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ تعرٌف على ] ماري أينسورث # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] يوسف فاطم بن معجل المطيري ... الرياض ... منطقة الرياض # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ صيدليات السعودية ] صيدلية النهدي # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] محمد حيان غانم القحطاني ... ابها ... منطقة عسير # اخر تحديث اليوم 2024-04-14
الأكثر قراءة
- مريم الصايغ في سطور
- سؤال و جواب | ما هى أسباب نزول الدم الاحمر بعد البراز؟ وهل هناك أسباب مرضية؟ وما الحل ؟
- سؤال وجواب | هل يجوز للرجل حلق شعر المؤخرة؟ وهل هناك طريقة محددة لذلك ؟
- سؤال و جواب | حلق شعر المؤخرة بالكامل و الأرداف ماحكمه شرعاً
- هل للحبة السوداء"حبة البركة "فوائد ؟
- كيف أتخلص من الغازات الكريهة التى تخرج مني باستمرار؟
- هناك ألم عندى فى الجانب الأيسر للظهر فهل من الممكن أن يكون بسبب الكلى ؟
- هل هناك علاج للصداع الئى أانيه فى الجانب الأيسر من الدماغ مع العين اليسرى ؟
- تعرٌف على ... مريم فايق الصايغ | مشاهير
- تفسير حلم رؤية القضيب أو العضو الذكري في المنام لابن سيرين
- مبادرة لدعم ترشيح رجل السلام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لجائزة «نوبل للسلام»
- [ رقم تلفون ] مستر مندوب ... مع اللوكيشن المملكه العربية السعودية
- أرقام طوارئ الكهرباء بالمملكة العربية السعودية
- الفضاء اللوني (ص ش ض) و (ص ش ق) الاستخدام
- ارقام وهواتف مستشفى الدمرداش عباسية,بالقاهرة
- طرق الاجهاض المنزلية و ماهى افضل ادوية للاجهاض السريع واسقاط الجنين فى الشهر الاول
- تفسير رؤية لبس البدلة في المنام لابن سيرين
- تفسير حلم رؤية النكاح والجماع في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] مؤسسة قرض الحسن .. لبنان
- نزع شوك السمك في المنام
- عبارات ترحيب قصيرة 40 من أجمل عبارات ترحيب للأحباب والأصدقاء 2021
- رؤية طفل بعيون خضراء في المنام
- ارقام وهواتف عيادة د. فاروق قورة - 3 أ ش يوسف الجندى باب اللوق بالقاهرة
- الحصول على رخصة بسطة في سوق الجمعة بدولة الكويت
- معلومات هامة عن سلالة دجاج الجميزة
- ارقام وهواتف مستشفى الهلال الاحمر 34 ش رمسيس وسط البلد بالقاهرة
- جريمة قتل آمنة الخالدي تفاصيل الجريمة
- رسائل حب ساخنة للمتزوجين +18
- خليفة بخيت الفلاسي حياته
- تعرٌف على ... عائشة العتيبي | مشاهير
- هل توجيه الشطاف للمنطقة الحساسة يعد عادة سرية؟ وهل يؤثر على البكارة؟
- رقم هاتف مكتب النائب العام وكيفية تقديم بلاغ للنائب العام
- [ رقم تلفون و لوكيشن ] شركة متجر كل شششي - المملكه العربية السعودية
- تفسير رؤية شخص اسمه محمد في المنام لابن سيرين
- ارقام وهواتف مطعم الشبراوى 33 ش احمد عرابى المهندسين, بالجيزة
- أسعار الولادة في مستشفيات الإسكندرية
- ارقام وهواتف عيادة د. هشام عبد الغنى - 10 ش مراد الجيزة بالجيزة
- ارقام وهواتف عيادة د. ياسر المليجى - 139 ش التحرير الدقى بالجيزة
- ارقام وهواتف مستشفى النور المحمدى الخيرى التخصصى المطرية, بالقاهرة
- تفسير رؤية الحشرات في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] مؤسسة مركز اصلاح وتأهيل بيرين .. بالاردن الهاشمية
- قسم رقم 8 (فلم) قصة الفلم
- تفسير حلم رؤية الميت يشكو من ضرسه في المنام
- هل أستطيع الاستحمام بعد فض غشاء البكارة ليلة الدخلة مباشرة؟
- أعشاب تفتح الرحم للإجهاض
- يخرج المني بلون بني قريب من لون الدم، فما نصيحتكم؟!
- قناة تمازيغت برامج القناة
- ارقام وهواتف مكتب صحة - السادس من اكتوبر ميدان الحصرى السادس من اكتوبر, بالجيزة
- سور القران لكل شهر من شهور الحمل
- تفسير رؤية براز الكلاب في المنام لابن سيرين
- زخرفة اسماء تصلح للفيس بوك
- مدرسة ب/ 141 حكومي للبنات بجدة
- إلغ (برمجية) التاريخ
- [ رقم هاتف ] جمعية قرض الحسن، .... لبنان
- أشيقر سكان وقبائل بلدة أشيقر
- تفسير حلم رؤية قلب الخروف في المنام
- تفسير حلم الكلب لابن سيرين
- [ رقم هاتف ] عيادة د. حازم ابو النصر - 20 ش عبد العزيز جاويش عابدين بالقاهرة
- انا بنت عندي 13 سنة لسة مجتليش الدورة الشهرية ......كنت ببات عند خالتي وكل ما
- هل تمرير الإصبع بشكل أفقي على فتحة المهبل يؤدي إلى فض غشاء البكارة؟
- [رقم هاتف] شركة الحراسة و التوظيف و التنظيف.. المغرب
- قبيلة الهزازي أقسام قبيلة الهزازي
- ذا إكس فاكتور آرابيا فكرة البرنامج
- السلام عليكم ، أنا مشكلتي بصراحة الجنس من الخلف مع زوجي الأن صار ويحب حيل
- فتحة المهبل لدي واسعة وليست كما تبدو في الصور.. فهل هو أمر طبيعي؟
- لالة لعروسة (برنامج) الفائزون
- أنا حامل في الشهر الرابع وينزل مني دم .. هل هذا طبيعي؟
- [ رقم هاتف ] عيادة د. عادل الريس .. وعنوانها
- هل إدخال إصبع الزوج في مهبل الزوجة له أضرار؟
- تفسير حلم اصلاح الطريق في المنام
- هل الشهوة الجنسية الكثيرة تؤثر على غشاء البكارة؟ أفيدوني
- تفسير حلم تنظيف البيت في المنام للعزباء والمتزوجة والحامل والمطلقة
- إيمان ظاظا حياتها ومشوارها المهني
- أهمية وضرورة إزالة الخيط الأسود من ظهر الجمبري
- اسماء فيس بنات مزخرفة | القاب بنات مزخرفه
- لهجة شمالية (سعودية) بعض كلمات ومفردات اللهجة
- تفسير رؤية المشاهير في المنام لابن سيرين
- هل شد الشفرات والمباعدة الشديدة للساقين يمكن أن تفض غشاء البكارة؟
- [بحث جاهز للطباعة] بحث عن حرب 6 اكتوبر 1973 بالصور pdf doc -
- فوائد عشبة الفلية و الكمية المناسبة يوميا
- تفسير رؤية المخدة في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] شركة الرفق بالحيوان و الطبيعة.. المغرب
- كلمات - انت روحي - حمود السمه
- أعاني من لحمة زائدة في الدبر ، فلدي قطعة لحمية صغيرة في فتحة الشرج من الخارج
- ما الفرق بين الغشاء السليم وغير السليم؟
- تفسير حلم رؤية الإصابة بالرصاص في الكتف بالمنام
- [ رقم هاتف ] مركز المصطفى للاشعة
- أدخلت إصبعي في المهبل وأخرجته وعليه دم، هل فقدت بكارتي؟
- عمر فروخ
- هل الضغط بالفخذين على الفرج يؤذي غشاء البكارة?
- إدمان الزوج للمواقع الإباحية: المشكلة والأسباب والعلاج
- بسبب حكة قويط للمنطقة الحساسة ونزول الدم، أعيش وسواس فض الغشاء.
- ما تفسير رؤية كلمة كهيعص في المنام
- تظهر عندي حبوب في البظر والشفرتين بين حين وآخر.. هل لها مضاعفات، وما علاجها؟
- طريقة إرجاع حساب الفيس بوك المعطل
- الكرة الحديدية قواعد اللعبة
- تفسير رؤية مدرس الرياضيات في المنام لابن سيرين
- [بحث جاهز للطباعة] بحث عن اللغة العربية والكفايات اللغويه -
- تفسير حلم رؤية الكنز فى المنام لابن سيرين
- كيف أصل إلى النشوة مع زوجي أثناء الإيلاج وليس بيده بعد الجماع؟
روابط تهمك
مرحبا بكم في شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
عزيزي زائر شبكة بحوث وتقارير ومعلومات.. تم إعداد وإختيار هذا الموضوع محاضرات خالد الراشد مكتوبة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27 فإن كان لديك ملاحظة او توجيه يمكنك مراسلتنا من خلال الخيارات الموجودة بالموضوع.. وكذلك يمكنك زيارة القسم , وهنا نبذه عنها وتصفح المواضيع المتنوعه... آخر تحديث للمعلومات بتاريخ اليوم 28/03/2024
محاضرات خالد الراشد مكتوبة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27
آخر تحديث منذ 29 يوم و 18 ساعة
2 مشاهدة
خطبة عن الغفلة
الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا iiالنساء:1ii.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا iiالأحزاب:70-71ii.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة الأخيار! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وبياكم، وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، أسأله سبحانه أن يجمع شملنا، ويوحد صفنا، ويصلح ولاة أمورنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
إلى متى الغفلة؟ وها هو الموت يتخطف الناس يمنة ويسرة، فلا يكاد يمضي يوم إلا والمستشفيات تودع رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، والمقابر تستقبلهم.
جاء في الآثار أن الدنيا تمثلت لعيسى بن مريم في صورة عجوز حسناء عليها من كل زينة فقال لها: كم تزوجت، قالت: كثير، قال: أكلهم مات عنك أم طلقك؟ قالت: بل كلهم قتلت، فقال عيسى عليه السلام: تعساً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين!
يا غافلاً عن العمل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
الغفلة مرض قلبي خطير إن الأمراض التي تصيب بني آدم على نوعين:
أمراض تصيب الأبدان، ومنها نفر إلى الطبيب ونطلب العلاج.
وأمراض تصيب القلوب، وهي أشد فتكاً، وأشد خطراً من أمراض الأبدان؛ لأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الموت؛ ولأن أمراض القلوب تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة، وتؤدي إلى فساد الدين؛ لذلك كانت أشد خطراً من أمراض الأبدان.
إن حياة القلوب حياة للأبدان، وموت القلوب موت للأبدان، قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ iiالمنافقون:4ii، لكن القلوب خاوية، والناس اليوم يشكون من قسوة القلب. إنها الغفلة التي استحكمت على حياة كثير من الناس، إنها مرض خطير، تصد عن الهداية، وتنسي الآخرة، سيظل الإنسان في غفلته ما بين راحة وجيئة حتى يفاجئه الموت، فإذا جاءه صاح بأعلى الصوت: رباه ارجعون، يريد أن يداوي ذلك القلب، يريد أن يذهب إلى الطبيب، ويبحث عن علاج لهذا القلب المريض.
أقول أحبتي: رجل من أهل الخير مر عليه رجل من أهل الغفلة فقال له: يا أبا فلان! الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟ قال: لا، فقال له: هل نويت أن تغير هذه الحال إلى حال ترضاها للموت؟ قال: ما اشتاقت نفسي بعد، قال: هل يوجد بعد هذه الدار دار فيها معتمل؟ قال: لا، قال: وهل تضمن أن لا يأتيك الموت وأنت على هذه الحال؟ قال: لا، قال: والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال!
اسأل نفسك: الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟
انتهى الأجل، وانقضت الساعات، وأزف الرحيل، أمستعد أنت لمغادرة هذه الحياة، والانتقال إلى حياة أخرى؟ فالغفلة مرض خطير، حذرنا القرآن منها فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ iiالمنافقون:9ii.
وما غفل الناس إلا لاشتغالهم بأمور دنياهم بشهواتهم ولذاتهم، قال الله جل في علاه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى iiالأنبياء:1-3ii.
الغفلة أودت بحياة كثير من الناس، سببها الانشغال بالدنيا، ونسيان الموت، غفلنا عن الموت وسكراته، غفلنا عن القبر وظلماته، غفلنا عن اللحد وضمته، غفلنا عن السؤال وشدته، غفلنا عن يوم القيامة وكرباته، غفلنا أن المصير إما إلى جنة وإما إلى نار.
والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءه
وإنه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده خير عند ربنا لعبده
وإن يك شراً فما بعد أشد ويل لعبد عن سبيل الله صد
مر علي على أهل القبور فقال: يا أهل القبور! إما تخبرونا خبركم أو نخبركم بأخبارنا، أما أخبارنا: فإن البيوت قد سكنت، والنساء قد تزوجت، والأموال قد قسمت.
ثم قال: أما والله لو تكلم أهل القبور لقالوا: تزودوا فإن خير الزاد التقوى، أمرنا بعمارة الأعمار، واستغلالها في الطاعات؛ لأن العمر الذي نحياه عمر واحد، إذا مضى لا يرجع أبداً، فاغتنم هذا العمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم الحياة قبل الممات، اغتنم الشباب قبل الهرم، اغتنم الصحة قبل المرض، اغتنم الفراغ قبل الانشغال، اغتنم الغنى قبل الفقر).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني)، تأمل في حال الناس اليوم حتى ترى مقدار الغفلة التي يعيشها كثير من الناس إلا من رحم الله.
من أحوال الغافلين ترك الصلوات من أحوال الغافلين النوم عن الصلوات، بل ربما لا يصلون، ينامون عن الصلوات مرات ومرات، ومنذ أشهر مضت مات شيخ في السبعين من عمره، فجاءني سائل يسأل ويقول: يا شيخ! ما حكم الصلاة على من لا يصلي؟ قلت: ما الخبر؟ قال: مات شيخ كبير في حينا تجاوز السبعين من عمره ما رأيناه قط في المسجد، وما رأيناه صلى يوماً ولا ركع لله، وعندما سئل أهله عن أخباره، قالوا: ما رأيناه يوماً يصلي!
أي غفلة هذه؟ تمر بنا الأيام، وتنقضي بنا الليالي، وأنا وأنت نسير إلى النهاية التي لابد منها، أين الاستعداد للرحيل.
كان أحد الصالحين يقوم في هجيع الليل الأخير يرقى على أعلى مكان في قريته، ينادي بأعلى صوته يذكر الناس: الرحيل! الرحيل! الرحيل! حتى جاء يوم انقطع ذلك الصوت، فسأل عنه أمير القرية فقيل له: مات، قال: لا زال يذكر الناس بالرحيل حتى رحل هو.
لا يزال يلهج بالرحيل وذكره حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً ذا أهبة لم تلهه الآمال
والله ما حال بين الناس وبين الاستعداد للآخرة إلا طول الأمل، ومن أطال الأمل أساء العمل، قال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ iiالحجر:3ii، فلا تراهم يصلون، بل ينامون عن الصلوات، بل قد لا يركعون ولا يسجدون.
مجموعة من الشباب لقيتهم على إحدى الطرقات فركبوا معي، ثم دار بيني وبينهم هذا الحديث:
قلت: أين تريدون؟
قالوا: نريد المكان الفلاني.
قلت: ما هو هدفكم هناك؟
قالوا: نبحث عن وظائف وأعمال.
سألتهم عن المؤهلات فلا تكاد تذكر، لا يحملون من الشهادات الدراسية أو المهنية شيئاً يذكر، سألتهم: كيف أنتم مع الصلاة؟ لعلمي يقيناً من كتاب الله وسنة نبيه أن الصلاة مفتاح البركات، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى iiطه:132ii.
فقال الأول: أتريد الصدق أم تريد أن أكذب عليك؟
قلت: إن كذبت فأنت تكذب على نفسك، أما أنا فلا يضرني.
قال: يا شيخ! أنا لا أصلي.
قلت: كافر؟
قال: لا.
قلت: هذا حكم الله وحكم رسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
أما الثاني فقال: أنا أحسن منه حالاً، قلت: كيف؟! قال: أنا أصلي في اليوم مرتين.
قلت: إن هذا الأمر عجب، الله أمرنا بخمس صلوات، وأنت تصلي صلاتين، أي غفلة هذه؟ أما بني الإسلام على خمس؟ هل ممكن أن مسلماً يغفل عن هذه الأركان أو يجهل هذه الحقيقة؟ إنه عبد مأمور بأداء خمس صلوات.
أما الثالث فكان أعجب من الاثنين، قال: أنا أحسن حالاً، أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خالي
والله لن يستقيم حال المرء حتى يستقيم في صلاته، والله لا يتغير حال الإنسان من حال إلى حال حتى يضبط أمر صلاته، قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من المحافظة على الصلاة.
فترى الغافلين لا يصلون، وانظر في غفلة المجتمع كله اليوم، إذا أذن المؤذن: الصلاة خير من النوم، فإذا خرجت إلى الشارع لا تكاد ترى سيارة تتحرك، ولا تكاد ترى إنساناً يسير، وتدخل المسجد فترى أباً أو شيخاً أو قلة من الشباب الذين هداهم الله، والبقية في غفلة لا يعلمها إلا الله، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ iiالأعراف:179ii.
وبعد أذان الفجر بساعة تلاحظ مقدار غفلتنا، إذا نادى منادي الدنيا: حي على الأعمال، حي على الوظائف! امتلأت الشوارع بالغادين والرائحين صغاراً وكباراً، ذكراناً وإناثاً، والبيوت بعد غفلتها هبت من نومتها واستعدت لطلب دنياها.
كيف يتغير واقع الأمة وهي لا تزال تعظم دنياها أكثر من تعظيمها لأوامر الله، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ iiآل عمران:165ii.
فتراهم لا يصلون، ويتساهلون في الصلوات، وتراهم يطلقون النظرات يمنة يسرة في حلال وفي محرمات، وتراهم قد هجروا القرآن، وأكبوا على الأغنيات بالليل وبالنهار، والليل والنهار عندهم سواء.
تحذير للسلف من الغفلة أما أهل الصلاح فإن لليلِ والنهار معنى آخر عندهم، كان عمر بن عبد العزيز يقول: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.
وكان الصديق يوصي عمر قائلاً: إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً في النهار لا يقبله بالليل.
فأين نحن من هذه الحقوق والواجبات؟ فما وصلت الأمة إلى الحالة التي وصلت إليها إلا لغفلة الشباب والشيب.
زار أبو ذر مكة بعد طول غياب فرأى من أهلها عجباً، رآهم قد تطاولوا في البنيان، ورآهم توسعوا في المأكل والمشرب، فنادى بهم وهو يطوف حول الكعبة، فقال: يا أيها الناس! أنا جندب بن جنادة، وأنا لكم ناصح مشفق أمين.
فأقبلوا عليه، فقال: أرأيتم لو أن رجلاً أراد السفر، أليس يأخذ من الزاد ما يبلغه في سفره؟ قالوا: بلى، قال: فإن سفر الآخرة أطول ما تريدون فخذوا له ما يبلغكم، قالوا: وما يبلغنا؟! قال: صلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور، وحجوا حجة لعظائم الأمور.
واجعل الدنيا مجلسين: مجلساً في طلب الآخرة، ومجلساً في طلب الدنيا، وآخر يضرك لا تَرِدْه، واجعل الدرهم درهمين: درهماً تنفقه في سبيل الله، ودرهما تنفقه على نفسك وعيالك ومن عندك، وآخر يضرك لا ترده، ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتؤملون فتطيلون، قتلكم حرصٌ على الدنيا لستم ببالغيه.
أقول: إلى الله المشتكى، كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا؟ ورأى القصور الشاهقة لا يسكنها إلا اثنان أو ثلاثة؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أرصدتنا في البنوك الربوية؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى نساءنا وأطفالنا يتمايلون مع المعازف والألحان؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى ليلنا أمام الشاشات والقنوات؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى الملاعب تغط بالبنين والشباب؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد البقر يهدمون مساجدنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد الصليب ينتهكون حرماتنا وأعراضنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بنا؟
فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما وصلنا إلى هذه الحال إلا من غفلتنا، وما أوتينا من قبل قوة القوم، ولكن أوتينا من ضعفنا، ومن غفلتنا، أما آن الأوان أن نسمع المواعظ فنتعظ، ونسمع النصائح فنتغير ونتبدل.
أما آن أن نتذكر أن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، ولا يعرف صيفاً ولا شتاء، ولا ليلاً ولا نهاراً.
أما آن أن نعرف أنه ينتظر كلاً منا شدائد وأهوال، وفي القبر ضمة وسؤال.
إنها ثلاثة أسئلة ستطرح على كل واحد منا: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ ولا تظن أن قضية الإجابة بالقضية السهلة، فإنه لن يستطيع أهل الغفلة الإجابة، ولن يجيب إلا أصحاب القلوب الحية ثباتاً وتثبيتاً من الله جل في علاه، قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ iiإبراهيم:27ii.
الغفلة تصد عن الحق الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فينا وتغير من أحوالنا فما الذي يؤثر فينا ما الذي يغير الواقع؟
إن مصير الغافلين مصير مظلم لا يعلمه إلا الله، تخونهم الذنوب والمعاصي في ساعة هم أحوج ما يكونون للتثبيت من الله جل في علاه.
قصص من الواقع عن أحوال الغافلين والصالحين عند الموت الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فينا وتغير من أحوالنا فما الذي يؤثر فينا ما الذي يغير الواقع؟
إن مصير الغافلين مصير مظلم لا يعلمه إلا الله، تخونهم الذنوب والمعاصي في ساعة هم أحوج ما يكونون للتثبيت من الله جل في علاه.
شباب يموتون وهم يرددون الغناء أحد الذين يعملون في أمن الطرقات يقول: حادث شنيع حدث أمام أعيننا، سيارتان مسرعتان ارتطمتا وجهاً لوجه، فانطلقنا إلى مكان الحادث.
جئنا إلى السيارة الأولى فإذا الذي فيها قد فارق الحياة، وجئنا إلى السيارة الثانية فإذا فيها ثلاثة من الشباب، والذي يظهر أنهم في ساعات احتضار، أنزلناهم من السيارة، ومددناهم على جانب الطريق، أخذ صاحبي يردد عليهم: قولوا لا إله إلا الله، قولوا لا إله إلا الله، وفجأة ارتفعت أصواتهم بالغناء، وصاحبي يردد عليهم: قولوا لا إله إلا الله، وهم يرددون ألحان الشيطان حتى خمدت أنفاسهم والعياذ بالله.
وهكذا خانتهم المعاصي والذنوب، خانتهم الأغاني، وخانتهم المخالفات، وخانهم الشيطان في تلك اللحظات.
ما عمروا القلوب بالطاعة، ما ملئوا الأسماع بالقرآن، فلا عجب حين قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، فانطلقوا يرددون كلام الشيطان، تخونهم المعاصي عند الموت وبعد الموت، والعياذ بالله.
شاب لا يصلي فاسود جلده بعد الموت يقول أحد الذين يغسلون الموتى: جيء لنا بشاب في مقتبل العمر شديد البياض، فما أن بدأنا بتغسيله حتى انقلبت بشرته من البياض إلى السواد الشديد والعياذ بالله، وصدق الله حين قال: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ iiالأنفال:50-51ii، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ iiآل عمران:117ii.
يقول: انقلبت بشرته من البياض إلى السواد الشديد والعياذ بالله، وخفنا من المنظر، وخرجنا من مكان التغسيل، فإذا رجل يدخن خارج الغرفة، قلنا: الميت ميتكم؟ قال: نعم، أنا أبوه. الأسرة كلها تعيش في غفلة لا يعلمها إلا الله، قلت: ما خبر ميتكم هذا؟ قال: ميتنا هذا لم يكن من المصلين!
قال: قلت: خذوا ميتكم أنتم غسلوه وكفنوه، أما حكم الله ورسوله في هذا أنه لا يغسل ولا يكفن، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يحمل على الرقاب، ولا يدعى له، ولا يستغفر له، بل تحفر له حفرة في الصحراء يكب فيها على وجهه والعياذ بالله، قال تعالى: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ iiآل عمران:117ii.
إنها الغفلة، وما تصنع بأصحابها، ألم نودع أمثال هؤلاء؟ لقد ودعنا أمثال هؤلاء كثيراً، قال تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ iiالحديد:16ii، وقال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ iiالحديد:17ii أما آن أن نعتبر بمن مضى؟
خل ادكار الأربع والمعهد المرتبع
والظاعن المودع
وعدَّ عنه ودعِ
واندب زماناً سلفاً سودت فيه الصحفا
ولم تزل معتكفاً على القبيح الشنع
كم ليلة أودعتها مآثماً أبدعتها
لشهوة أطعتها في مرقد ومضجع
وكم خطىً حثثتها لخزية أحدثتها
وتوبة نكثتها لملعب ومرتع
وكم تجرأت على رب السماوات العلى
ولم تراقبه ولا صدقت فيما تدعي
وكم غمطت بره
وكم أمنت مكره
وكم نبذت أمره نبذ الحذا المرقع
وكم ركضت في اللعب وفهت عمداً بالكذب
ولم تراع ما يجب من عهده المتبع
فالبس شعار الندم واسكب شآبيب الدم
قبل زوال القدم وقبل سوء المصرع
إلامَ تسهو وتني ومعظم العمر فني
فيما يضر المقتني ولست بالمرتدع
أما ترى الشيب وخط وخط في الرأس خطط
ومن يلح وخط الشمط بفوده فقد نعي
ويحك يا نفس احرصي على ارتياد المخلص
وطاوعي وأخلصي واستمعي النصح وعي
واعتبري بمن مضى من القرون وانقضى
واخشي مفاجاة القضا وحاذري أن تخدعي
وانتهجي سبل الهدى وادكري وشك الردى
فإنَّ مثواك غداً في قعر لحد بلقع
آهاً له بيت البلا والمنزل القفر الخلا
ومنزل السفر الألى واللاحق المتبع
بيت يرى من أودعه قد ضمه واستودعه
بعد الفضاء والسعة قيد ثلاث أذرع
لا فرق أن يحله داهية أو أبله
أو معسر أومن له ملك كملك تبع
فالكل سيموت: الصغير سيموت، والكبير سيموت، والذكر سيموت، والأنثى ستموت، والغافل سيموت، والصالح سيموت، والله لا يظلم أحداً، أما أهل الغفلة فتأخذهم الغفلات في ساعات احتضارهم، وأما الصالحون فيثبتهم الله عند ساعات احتضارهم.
شاب يموت وهو يقرأ القرآن يقول الذي شهد مشهد الشباب على الأغاني: بعد حين شهدت مشهداً آخر:
شاب في مقتبل العمر تعطلت سيارته تحت نفق من الأنفاق، فنزل لإصلاح العطل، فجاءت سيارة فارتطمت به من الخلف، وسقط على الأرض، وتكسرت عظامه، وسالت دماؤه!
يقول: أسرعنا إلى مكان الحادث، جئناه فإذا هو في حال لا يعلمها إلا الله، حملناه في السيارة، ويظهر على مظهره الالتزام، فإذا هو يهمهم بأصوات وكلمات لم نميزها حتى وضعناه في الكرسي الخلفي من السيارة، وعندما انطلقنا تبين لنا ذلك الكلام الذي كان يهمهم به، كان يقرأ القرآن بصوت عذب ندي، ما سمعنا أجمل من ذلك الصوت، هو يقرأ ونحن نبكي.
أقول في نفسي: سبحان الله ما كأنه تكسرت عظامه، فقلت في نفسي: ألقنه الشهادة، فأنا صاحب خبرة من المواقف الماضية، يقول: فجأة بدأ صوته يخفت شيئاً فشيئاً، فالتفتُ إلى الخلف فإذا هو رافع إصبعه السبابة يتشهد، ثم سقطت يده على صدره وفارق الحياة.
فهذا لا يحتاج أن تلقنه لا إله إلا الله؛ لأنه عاش على (لا إله إلا الله)، فعرف معنى (لا إله إلا الله)، وبذل حياته من أجل (لا إله إلا الله)، فثبته الله في ساعة احتضاره، لم تتخل عنه الصلوات، ولم يتخلَّ عنه القرآن، ولا تخلى عنه التسبيح والتهليل، بل كان الله معه في تلك الساعة، فغادر الحياة وهو يقول: لا إله إلا الله!
ظهور أمارات السعادة على شاب عند غسله ودفنه وآخر من أحد دعاتنا يقول: جيء بشاب من أهل الصلاح والاستقامة، أحسبه والله حسيبه من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومن الحريصين على حب الخير للناس، جيء به إلينا حتى نغسله، فلما بدأنا بتغسيله، وبدأنا بإعداد المسك والكافور، والله الذي لا إله إلا هو لقد فاحت رائحة المسك منه قبل أن نضع المسك عليه، وامتلأت الغرفة بمسك ما شممنا بمثله من قبل.
قال: قلت لصاحبي: هل تشم ما أشم؟ قال: إي والله، فنظرنا في وجهه فإذا هو كالقراطيس من شدة البياض، غسلناه، وكفناه، وأخذناه إلى المقبرة، وكنت ممن نزل في قبره، فلما أعطونا إياه فإذا هو يؤخذ من بين أيدينا، والله ما حملناه، بل أُخذ من بين أيدينا، قلت لصاحبي: أتشعر؟ قال: إي والله.
ووسد التراب، والله ما وسدناه، ووجه إلى القبلة، ووالله ما وجهناه، وكشفت عن وجهه فإذا هو يضحك، فخفت وظننته حياً، لولا أنني أنا الذي غسلته وكفنته!
هذا الشاب الصالح لم تخنه الطاعات حتى في قبره، ولم تخنه الصلوات حتى في قبره، إذا مات ابن آدم تبعه عمله، أما أهل الغفلة فتتبعهم غفلاتهم، وأما أهل الطاعات فتتبعهم طاعتهم، وتضيء لهم قبورهم، فإلى متى والناس يوماً بعد يوم يرحلون والحال لا يتغير ولا يتبدل؟ إن المرض في القلوب ولابد من علاجها، وعلاج القلوب لا يكون إلا بالمواعظ القرآنية.
قال ابن القيم: وعلاج القلب في خمسة: قراءة القرآن بتدبر، وقيام الليل.
ولكن الناس اليوم يمكثون أمام الشاشات ساعات وساعات، ويضيعون الواجبات والطاعات، وأحوال أمتنا في كل مكان مآسي وجراحات.
ها هو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد
يا ويحنا ماذا أصاب شبابنا أوما لنا سعد ولا مقداد
إنَّ علاج القلب بالتضرع في السحر، والارتماء بين يدي الله جل في علاه، والعلاج يكون بتقليل الأكل والشرب والطعام، فما فسدت القلوب إلا لما أثخنت البطون أكلاً وشرباً ولهواً وغفلة، ثم علاج القلوب بمصاحبة الأخيار، والطيور على أشكالها تقع.
من أخبار أصحاب القلوب الحية إنَّ من أخبار أصحاب القلوب الحية، يقول سلمان الفارسي : ثلاثة أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمل والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ iiق:18ii وضاحك ملء فيه لا يدري ربه راض عنه أو ساخط عليه.
وآخر يقول: ما نمت ليلة إلا ظننت أني لا أستيقظ بعدها.
والآخر كلما أراد الخروج من المسجد بكى بكاء شديداً، فإذا قيل له: ما الذي يبكيك؟ قال: أخاف أن لا أرجع إليه مرة ثانية.
كان حبيب الفارسي إذا أصبح قال لزوجته: إذا مت اليوم فابعثي إلى فلان يغسلني، وابعثي إنساناً يكفنني، واصنعي كذا، واصنعي كذا، فقيل لها: رؤيا رآها، قالت: لا، كل يوم يقول مثل هذا الكلام. فهذه هي القلوب الحية.
أما عبد الله بن عامر فسمع منادياً ينادي لأذان المغرب وكان في مرض شديد، بل ربما كان ينتظر ساعة الاحتضار، فقال لأبنائه: خذوني إلى المسجد، قالوا: أنت ممن عذر الله، ليس على المريض حرج، قال: والله إني لأستحي أن أسمع النداء فلا أجيب!
واليوم يمرون من جانب المساجد كأن الأمر لا يعنيهم، ويسمعون حي على الصلاة، حي على الفلاح فلا يجيب إلا قليل.
قال: خذوني إلى المسجد، فإني والله لأستحي أن أسمع النداء ولا أجيب، فاغتسل وتطيب وتعطر وذهب لأداء صلاة المغرب، فلما سجد السجدة الأولى لم يرفع رأسه بعدها، وما أحلاه من ختام، وما أحلاها من نهاية، قال تعالى: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ iiالأحقاف:31-32ii.
هذه أخبار أصحاب القلوب الحية، فإن لم تكن مثلهم فتشبه بهم، إن التشبه بالصالحين صلاح، وانتبه أن تطلب وقتاً مستقطعاً ووقتاً إضافياً فلا يستجاب لك، خذ بالعلاج إذا أردت الشفاء.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، ودخل أهل النار النار جيء بالموت على هيئة كبش أقرن أملح بين الجنة والنار، ثم ينادى بأهل الجنة: يا أهل الجنة! تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم نعرفه، هذا الموت، ثم ينادى بأهل النار: يا أهل النار! تعرفون هذا؟ فيشرئبون فينظرون ويقولون: نعم نعرفه، هذا الموت، فيؤمر بالموت بين الجنة والنار فيذبح، ثم ينادى بأهل الجنة: يا أهل الجنة خلود فلا موت، وينادى بأهل النار: يا أهل النار خلود فلا موت).
فيقال لأصحاب القلوب الحية: إن لكم ألا تجوعوا فيها أبداً، إن لكم أن تصحوا فيها فلا تمرضوا أبداً، وأن تحيوا فيها فلا تموتوا أبداً، وأن تقيموا فيها فلا تظعنوا أبداً، وأن تشبوا فيها فلا تهرموا أبداً.
ويقال لأهل الغفلة وأهل النار: خلود فلا موت: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ iiالسجدة:12ii)، فهم يتمنون العودة، ولكن هيهات هيهات!
ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ iiمريم:39-40ii.
فاتقِ الله عبد الله! وانفض غبار الغفلة، واستعد للرحيل، فإنك قد تمسي ولا تدرك الصباح، وقد تصبح ولا تدرك المساء، والشاب يغتر بشبابه، وإنك تجد أنَّ أكثر من يموت هم الشباب، والشيخ الكبير يغتر بصحته، والمرض يأتي فجأة، وإذا جاء المرض فقد اقترب الموت.
يا عجباً للناس لو فكروا أو حاسبوا أنفسهم أبصروا
وعبروا الدنيا إلى غيرها إنما الدنيا لهم معبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقى والبر كان خير ما يدخر
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين.
اللهم اجمع شملنا، ووحد صفنا، وردنا إليك رداً جميلاً يا رب العالمين.
اللهم انصر المستضعفين في كل مكان، في فلسطين والشيشان وفي كشمير والفلبين، وفي العراق وأفغانستان.
اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً.
اللهم انصر من نصرهم، واخذل من خذلهم.
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا رب العالمين.
وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
محاضرات خالد الراشد
سلسلة طويلة من الخطب نجدها ماثلة ومائلة للجَمال كثيرًا، وفي هذا سلسلة تطول كثيرًا بهذا الخضم ونجدُ أنّ محاضرات خالد الراشد سلسلة طويلة من الحقائق والإرشادات التي تتدلى فيما يلي:
خطبة عن الغفلة
الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا iiالنساء:1ii.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا iiالأحزاب:70-71ii.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة الأخيار! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وبياكم، وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، أسأله سبحانه أن يجمع شملنا، ويوحد صفنا، ويصلح ولاة أمورنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
إلى متى الغفلة؟ وها هو الموت يتخطف الناس يمنة ويسرة، فلا يكاد يمضي يوم إلا والمستشفيات تودع رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، والمقابر تستقبلهم.
جاء في الآثار أن الدنيا تمثلت لعيسى بن مريم في صورة عجوز حسناء عليها من كل زينة فقال لها: كم تزوجت، قالت: كثير، قال: أكلهم مات عنك أم طلقك؟ قالت: بل كلهم قتلت، فقال عيسى عليه السلام: تعساً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين!
يا غافلاً عن العمل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
الغفلة مرض قلبي خطير إن الأمراض التي تصيب بني آدم على نوعين:
أمراض تصيب الأبدان، ومنها نفر إلى الطبيب ونطلب العلاج.
وأمراض تصيب القلوب، وهي أشد فتكاً، وأشد خطراً من أمراض الأبدان؛ لأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الموت؛ ولأن أمراض القلوب تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة، وتؤدي إلى فساد الدين؛ لذلك كانت أشد خطراً من أمراض الأبدان.
إن حياة القلوب حياة للأبدان، وموت القلوب موت للأبدان، قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ iiالمنافقون:4ii، لكن القلوب خاوية، والناس اليوم يشكون من قسوة القلب. إنها الغفلة التي استحكمت على حياة كثير من الناس، إنها مرض خطير، تصد عن الهداية، وتنسي الآخرة، سيظل الإنسان في غفلته ما بين راحة وجيئة حتى يفاجئه الموت، فإذا جاءه صاح بأعلى الصوت: رباه ارجعون، يريد أن يداوي ذلك القلب، يريد أن يذهب إلى الطبيب، ويبحث عن علاج لهذا القلب المريض.
أقول أحبتي: رجل من أهل الخير مر عليه رجل من أهل الغفلة فقال له: يا أبا فلان! الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟ قال: لا، فقال له: هل نويت أن تغير هذه الحال إلى حال ترضاها للموت؟ قال: ما اشتاقت نفسي بعد، قال: هل يوجد بعد هذه الدار دار فيها معتمل؟ قال: لا، قال: وهل تضمن أن لا يأتيك الموت وأنت على هذه الحال؟ قال: لا، قال: والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال!
اسأل نفسك: الحالة التي أنت عليها هل ترضاها للموت؟
انتهى الأجل، وانقضت الساعات، وأزف الرحيل، أمستعد أنت لمغادرة هذه الحياة، والانتقال إلى حياة أخرى؟ فالغفلة مرض خطير، حذرنا القرآن منها فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ iiالمنافقون:9ii.
وما غفل الناس إلا لاشتغالهم بأمور دنياهم بشهواتهم ولذاتهم، قال الله جل في علاه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى iiالأنبياء:1-3ii.
الغفلة أودت بحياة كثير من الناس، سببها الانشغال بالدنيا، ونسيان الموت، غفلنا عن الموت وسكراته، غفلنا عن القبر وظلماته، غفلنا عن اللحد وضمته، غفلنا عن السؤال وشدته، غفلنا عن يوم القيامة وكرباته، غفلنا أن المصير إما إلى جنة وإما إلى نار.
والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءه
وإنه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده خير عند ربنا لعبده
وإن يك شراً فما بعد أشد ويل لعبد عن سبيل الله صد
مر علي على أهل القبور فقال: يا أهل القبور! إما تخبرونا خبركم أو نخبركم بأخبارنا، أما أخبارنا: فإن البيوت قد سكنت، والنساء قد تزوجت، والأموال قد قسمت.
ثم قال: أما والله لو تكلم أهل القبور لقالوا: تزودوا فإن خير الزاد التقوى، أمرنا بعمارة الأعمار، واستغلالها في الطاعات؛ لأن العمر الذي نحياه عمر واحد، إذا مضى لا يرجع أبداً، فاغتنم هذا العمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم الحياة قبل الممات، اغتنم الشباب قبل الهرم، اغتنم الصحة قبل المرض، اغتنم الفراغ قبل الانشغال، اغتنم الغنى قبل الفقر).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني)، تأمل في حال الناس اليوم حتى ترى مقدار الغفلة التي يعيشها كثير من الناس إلا من رحم الله.
من أحوال الغافلين ترك الصلوات من أحوال الغافلين النوم عن الصلوات، بل ربما لا يصلون، ينامون عن الصلوات مرات ومرات، ومنذ أشهر مضت مات شيخ في السبعين من عمره، فجاءني سائل يسأل ويقول: يا شيخ! ما حكم الصلاة على من لا يصلي؟ قلت: ما الخبر؟ قال: مات شيخ كبير في حينا تجاوز السبعين من عمره ما رأيناه قط في المسجد، وما رأيناه صلى يوماً ولا ركع لله، وعندما سئل أهله عن أخباره، قالوا: ما رأيناه يوماً يصلي!
أي غفلة هذه؟ تمر بنا الأيام، وتنقضي بنا الليالي، وأنا وأنت نسير إلى النهاية التي لابد منها، أين الاستعداد للرحيل.
كان أحد الصالحين يقوم في هجيع الليل الأخير يرقى على أعلى مكان في قريته، ينادي بأعلى صوته يذكر الناس: الرحيل! الرحيل! الرحيل! حتى جاء يوم انقطع ذلك الصوت، فسأل عنه أمير القرية فقيل له: مات، قال: لا زال يذكر الناس بالرحيل حتى رحل هو.
لا يزال يلهج بالرحيل وذكره حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً ذا أهبة لم تلهه الآمال
والله ما حال بين الناس وبين الاستعداد للآخرة إلا طول الأمل، ومن أطال الأمل أساء العمل، قال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ iiالحجر:3ii، فلا تراهم يصلون، بل ينامون عن الصلوات، بل قد لا يركعون ولا يسجدون.
مجموعة من الشباب لقيتهم على إحدى الطرقات فركبوا معي، ثم دار بيني وبينهم هذا الحديث:
قلت: أين تريدون؟
قالوا: نريد المكان الفلاني.
قلت: ما هو هدفكم هناك؟
قالوا: نبحث عن وظائف وأعمال.
سألتهم عن المؤهلات فلا تكاد تذكر، لا يحملون من الشهادات الدراسية أو المهنية شيئاً يذكر، سألتهم: كيف أنتم مع الصلاة؟ لعلمي يقيناً من كتاب الله وسنة نبيه أن الصلاة مفتاح البركات، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى iiطه:132ii.
فقال الأول: أتريد الصدق أم تريد أن أكذب عليك؟
قلت: إن كذبت فأنت تكذب على نفسك، أما أنا فلا يضرني.
قال: يا شيخ! أنا لا أصلي.
قلت: كافر؟
قال: لا.
قلت: هذا حكم الله وحكم رسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
أما الثاني فقال: أنا أحسن منه حالاً، قلت: كيف؟! قال: أنا أصلي في اليوم مرتين.
قلت: إن هذا الأمر عجب، الله أمرنا بخمس صلوات، وأنت تصلي صلاتين، أي غفلة هذه؟ أما بني الإسلام على خمس؟ هل ممكن أن مسلماً يغفل عن هذه الأركان أو يجهل هذه الحقيقة؟ إنه عبد مأمور بأداء خمس صلوات.
أما الثالث فكان أعجب من الاثنين، قال: أنا أحسن حالاً، أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خالي
والله لن يستقيم حال المرء حتى يستقيم في صلاته، والله لا يتغير حال الإنسان من حال إلى حال حتى يضبط أمر صلاته، قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من المحافظة على الصلاة.
فترى الغافلين لا يصلون، وانظر في غفلة المجتمع كله اليوم، إذا أذن المؤذن: الصلاة خير من النوم، فإذا خرجت إلى الشارع لا تكاد ترى سيارة تتحرك، ولا تكاد ترى إنساناً يسير، وتدخل المسجد فترى أباً أو شيخاً أو قلة من الشباب الذين هداهم الله، والبقية في غفلة لا يعلمها إلا الله، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ iiالأعراف:179ii.
وبعد أذان الفجر بساعة تلاحظ مقدار غفلتنا، إذا نادى منادي الدنيا: حي على الأعمال، حي على الوظائف! امتلأت الشوارع بالغادين والرائحين صغاراً وكباراً، ذكراناً وإناثاً، والبيوت بعد غفلتها هبت من نومتها واستعدت لطلب دنياها.
كيف يتغير واقع الأمة وهي لا تزال تعظم دنياها أكثر من تعظيمها لأوامر الله، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ iiآل عمران:165ii.
فتراهم لا يصلون، ويتساهلون في الصلوات، وتراهم يطلقون النظرات يمنة يسرة في حلال وفي محرمات، وتراهم قد هجروا القرآن، وأكبوا على الأغنيات بالليل وبالنهار، والليل والنهار عندهم سواء.
تحذير للسلف من الغفلة أما أهل الصلاح فإن لليلِ والنهار معنى آخر عندهم، كان عمر بن عبد العزيز يقول: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.
وكان الصديق يوصي عمر قائلاً: إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً في النهار لا يقبله بالليل.
فأين نحن من هذه الحقوق والواجبات؟ فما وصلت الأمة إلى الحالة التي وصلت إليها إلا لغفلة الشباب والشيب.
زار أبو ذر مكة بعد طول غياب فرأى من أهلها عجباً، رآهم قد تطاولوا في البنيان، ورآهم توسعوا في المأكل والمشرب، فنادى بهم وهو يطوف حول الكعبة، فقال: يا أيها الناس! أنا جندب بن جنادة، وأنا لكم ناصح مشفق أمين.
فأقبلوا عليه، فقال: أرأيتم لو أن رجلاً أراد السفر، أليس يأخذ من الزاد ما يبلغه في سفره؟ قالوا: بلى، قال: فإن سفر الآخرة أطول ما تريدون فخذوا له ما يبلغكم، قالوا: وما يبلغنا؟! قال: صلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور، وحجوا حجة لعظائم الأمور.
واجعل الدنيا مجلسين: مجلساً في طلب الآخرة، ومجلساً في طلب الدنيا، وآخر يضرك لا تَرِدْه، واجعل الدرهم درهمين: درهماً تنفقه في سبيل الله، ودرهما تنفقه على نفسك وعيالك ومن عندك، وآخر يضرك لا ترده، ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتؤملون فتطيلون، قتلكم حرصٌ على الدنيا لستم ببالغيه.
أقول: إلى الله المشتكى، كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا؟ ورأى القصور الشاهقة لا يسكنها إلا اثنان أو ثلاثة؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أرصدتنا في البنوك الربوية؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى نساءنا وأطفالنا يتمايلون مع المعازف والألحان؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى ليلنا أمام الشاشات والقنوات؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى الملاعب تغط بالبنين والشباب؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد البقر يهدمون مساجدنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عباد الصليب ينتهكون حرماتنا وأعراضنا؟
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بنا؟
فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما وصلنا إلى هذه الحال إلا من غفلتنا، وما أوتينا من قبل قوة القوم، ولكن أوتينا من ضعفنا، ومن غفلتنا، أما آن الأوان أن نسمع المواعظ فنتعظ، ونسمع النصائح فنتغير ونتبدل.
أما آن أن نتذكر أن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، ولا يعرف صيفاً ولا شتاء، ولا ليلاً ولا نهاراً.
أما آن أن نعرف أنه ينتظر كلاً منا شدائد وأهوال، وفي القبر ضمة وسؤال.
إنها ثلاثة أسئلة ستطرح على كل واحد منا: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ ولا تظن أن قضية الإجابة بالقضية السهلة، فإنه لن يستطيع أهل الغفلة الإجابة، ولن يجيب إلا أصحاب القلوب الحية ثباتاً وتثبيتاً من الله جل في علاه، قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ iiإبراهيم:27ii.
الغفلة تصد عن الحق الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ iiالأعراف:146ii.
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن : هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟
إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً. وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فين
شاركنا رأيك
التعليقات
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا
أقسام شبكة بحوث وتقارير ومعلومات عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع محاضرات خالد الراشد مكتوبة # اخر تحديث اليوم 2024-04-27 ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 28/03/2024
اعلانات العرب الآن