اليوم: الجمعة 29 مارس 2024 , الساعة: 8:55 ص
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا
اخر المشاهدات
- [ تعرٌف على ] ترشيح فائق (علم وظائف الأعضاء) # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ كيف أتعامل مع طفلي ] طرق لتدريس رياض الأطفال # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- قيلة لبنية # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ خذها قاعدة ] أن القيود التي تلف أرجل النساء مصنوعة من معدن السلطة السياسية التي تسخر اللاهوت والفلسفة والقانون لخدمة مصالحها. - سيمون دي بوفوار ( كاتبة ومفكرة فرنسية ) # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [بحث جاهز للطباعة] بحث كامل عن المشكلات البيئية خاصة في المملكة العربية السعودية - # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- مدرسة الابتدائية الأربعون بالدمام حكومي إبتدائي للبنات بالمنطقة الشرقية # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] إحصائيات انتشار الفصام # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] محمد علي فاضل # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ رقم تلفون ] مخفر شرطة السلام # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ رقم هاتف ]الشركة المتحدة للبيع بالتقسيط المحدودة وها بحى جيزان, جازان. # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] منشأة إعادة تدوير المواد # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] نشل المتاجر # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ خذها قاعدة ] من لم يؤاخ إلا من لا عيب فيه قل صديقه. - رجاء بن حيوة # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] منشأة عصام # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ وسطاء عقاريين السعودية ] بدر عبدالعزيز أحمد الشهري ... الدمام ... المنطقة الشرقية # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ مطاعم السعودية ] العمدة للأسماك # اخر تحديث اليوم 2024-03-26
- مؤمنية تاريخ العشيرة # اخر تحديث اليوم 2024-02-18
- تفسير حلم الجوارب في المنام لابن سيرين # اخر تحديث اليوم 2024-03-10
- تعرٌف على ... الشيخ أحمد سالم العلي الصباح | مشاهير # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] السمنة في المملكة المتحدة # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] الأبرشية الأنطاكية الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] الأكاديمية الروسية للعلوم # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] كلية الطب البيطري بجامعة ولاية واشنطن # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- مريم زوجة كلوبا # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] الحرب الفارسية التركية الثانية # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- ما تفسير رؤية الزير في المنام # اخر تحديث اليوم 2024-02-17
- تفسير حلم رؤية الجحش في المنام لابن سيرين # اخر تحديث اليوم 2024-03-11
- [رقم هاتف] عيادة الطبيب دندشلي فادي صلاح .. لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- رؤية الوزغ في المنام .. تفسير حلم الوزغ للعزباء والمتزوجة والحامل وللرجل # اخر تحديث اليوم 2024-03-23
- [رقم هاتف] عيادة الطبيب معصراني رضوان محمد .. لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-03-13
- شركة البابطين لصناعة البسكويت والمواد الغذائية بالرياض # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] بيانات الخطر وفق النظام العالمي المتوافق # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] إيستفال (بنسيلفانيا) # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- تعرٌف على ... سالم بن مطلق القريني | مشاهير # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] جدول تجزئة # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ خذها قاعدة ] قد كثرت في الأرض جهالنا .. والعاقل الحازم فينا غريب. - أبو العلاء المعري # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] إيه آر دي # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [رقم هاتف] شركة سالم صالح بابقي لصيانة السيارات وعنوانها بحى صامطه, جازان...السعودية # اخر تحديث اليوم 2024-02-20
- [ تعرٌف على ] عبد المنعم العامري # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] زراعة النسج النباتية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] شيلي هاك # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [رقم هاتف] عيادة الطبيب صالح منذر عادل .. لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-02-12
- سيدي عقبة (ولاية بسكرة) الموقع # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- قصة من طرائف بهلول أعقل المجانين # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- الدور الأعلى ( رواية ) نبذه عن مضمون الرواية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] سيباستيان لارو # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] توتال وار: روما 2 # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ خذها قاعدة ] احد اهداف الجامعات هو الحفاظ على طبقة اجتماعية معينة في السلطة ، وابعاد أدوات السلطة عن طبقة اجتماعية أخرى ، في نوع انتهازي من الفصل الطبقي. - ميشال فوكو # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ خذها قاعدة ] كل شيء تحلم به، وتتوق اليه بشدة، وتعتقد به بإخلاص، وتعمل للحصول عليه لا محالة سوف يتحقق. - أنتوني روبنز # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] محيط (جغرافيا) # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [رقم هاتف] مؤسسة قرض الحسن .. لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-02-10
- أمل مرقص حياتها الفنية # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] جستينيان الأول # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ آية ] ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ ۖ ﴾ [ سورة إبراهيم آية:﴿٢٧﴾ ]فيثبتهم الله في الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي، والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين للج
- [ تعرٌف على ] خلايا سلفية دبقية قليلة التغصن # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ طب بديل ] أضرار عمليات التجميل # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] العلاقات الإيطالية الكمبودية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- كيف أحافظ على تلبيسة الأسنان؟ # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- تفسير رؤية شخص اسمه محمد في المنام لابن سيرين # اخر تحديث اليوم 2024-02-10
- [ رقم هاتف ] رقم مصبغة جمعية مدينة سعد العبدالله قطعة 10 # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- عوكل (فيلم) قصة الفيلم # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] رئيس وزراء إقليم كردستان العراق # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ خذها قاعدة ] يأتي السقوط سريعا حينما نفقد الإيمان بالقشة المنقذة. - عمرو الجندي # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] هنري بونصو # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] العلاقات السلوفاكية الليتوانية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- أسعار الولادة في مستشفيات الإسكندرية # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- إلغ (برمجية) التاريخ # اخر تحديث اليوم 2024-02-17
- [ تعرٌف على ] قمعية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ حكمــــــة ] إذا علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيما صح عنه :\" من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه : أضمن له الجنة\".علمت أن هذه (( الضمانة)) لا تخبر إلا على أمر عظيم . # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ شركات الزجاج والنوافذ قطر ] سكاي وول للالمنيوم والزجاج skywall qatar ... الدوحة # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ رقم تلفون ] ورشة دار كليب للمكيفات ... البحرين # اخر تحديث اليوم 2024-03-09
- [رقم هاتف] الطبيب بن يحيى بديعة .. المغرب # اخر تحديث اليوم 2024-02-23
- [ ملوك وأمراء ] أهم صفات الشريف الحسين بن علي ومحطات حياته # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- أم عمارة بنت سفيان قصة زواجها # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [رقم هاتف] الطبيب بوعلام عبد العزيز .. المغرب # اخر تحديث اليوم 2024-02-28
- [ رقم هاتف ] جمعية قرض الحسن، .... لبنان # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- تلخيص فصول رواية أديب لطه حسين # اخر تحديث اليوم 2024-02-16
- تفسير حلم رؤية القضيب أو العضو الذكري في المنام لابن سيرين # اخر تحديث اليوم 2024-02-10
- تفسير حلم رؤية الميت يشكو من ضرسه في المنام # اخر تحديث اليوم 2024-02-11
- فاكهة اللونجان و فوائدها الصحية # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] ذروة النحاس # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] يوكي ماتسوكا # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- فوائد عشبة المثنان على الصحة والاجهاض المتكرر # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ خذها قاعدة ] حاذر ان تغادر حلبة الرقص كي لا تغدرك الحياة. - احلام مستغانمي # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ خذها قاعدة ] لا أدري بأي منطق يستنكرون استعباد الفرد ويستسيغون استعباد الشعوب. - محمد بن عبد الكريم الخطابي (قائد منطقة الريف ومناضل ضد الاحتلال الأسباني والفرنسي لشمال أفريقيا) # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] قبر الجندي المجهول (فرنسا) # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] معيار راوث-هورتز للاستقرارية # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [رقم هاتف]مدرسة المتوسطة الاولى بالقطيف حكومي للبنات بمحافظة القطيف..السعودية # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] الأزمة الدستورية في كيريباتي 2022 # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] ورم ليفي أرومي مينائي # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ تعرٌف على ] قانون الحظر لعام 1947 # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ خذها قاعدة ] لا تدع الخوف من الفشل يلهيك عن اجادة العمل. - بيب روث (لاعب بيسبول امريكي) # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] النظريات غير الرسمية لاختفاء رحلة الخطوط الجوية الماليزية 370 # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- عبد الرحمن الدوسري (مواليد 1997) # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- تجربتي مع فوار مونورول لعلاج عدوى المسالك البولية # اخر تحديث اليوم 2024-02-19
- [ البان كيك والكريب ] طريقة عمل كريب برغر # اخر تحديث اليوم 2024-03-28
- [ فوائد الفواكه ] فوائد فاكهة الكمكوات # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
- [ تعرٌف على ] قائمة مؤلفات يوسف القرضاوي # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- [ تعرٌف على ] الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط # اخر تحديث اليوم 2024-03-27
- حلمت ان طليقتي تزوجت # اخر تحديث اليوم 2024-03-09
الأكثر قراءة
- مريم الصايغ في سطور
- سؤال و جواب | ما هى أسباب نزول الدم الاحمر بعد البراز؟ وهل هناك أسباب مرضية؟ وما الحل ؟
- سؤال وجواب | هل يجوز للرجل حلق شعر المؤخرة؟ وهل هناك طريقة محددة لذلك ؟
- سؤال و جواب | حلق شعر المؤخرة بالكامل و الأرداف ماحكمه شرعاً
- هل للحبة السوداء"حبة البركة "فوائد ؟
- كيف أتخلص من الغازات الكريهة التى تخرج مني باستمرار؟
- هناك ألم عندى فى الجانب الأيسر للظهر فهل من الممكن أن يكون بسبب الكلى ؟
- هل هناك علاج للصداع الئى أانيه فى الجانب الأيسر من الدماغ مع العين اليسرى ؟
- تعرٌف على ... مريم فايق الصايغ | مشاهير
- تفسير حلم رؤية القضيب أو العضو الذكري في المنام لابن سيرين
- مبادرة لدعم ترشيح رجل السلام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لجائزة «نوبل للسلام»
- [ رقم تلفون ] مستر مندوب ... مع اللوكيشن المملكه العربية السعودية
- أرقام طوارئ الكهرباء بالمملكة العربية السعودية
- الفضاء اللوني (ص ش ض) و (ص ش ق) الاستخدام
- ارقام وهواتف مستشفى الدمرداش عباسية,بالقاهرة
- طرق الاجهاض المنزلية و ماهى افضل ادوية للاجهاض السريع واسقاط الجنين فى الشهر الاول
- تفسير رؤية لبس البدلة في المنام لابن سيرين
- تفسير حلم رؤية النكاح والجماع في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] مؤسسة قرض الحسن .. لبنان
- نزع شوك السمك في المنام
- عبارات ترحيب قصيرة 40 من أجمل عبارات ترحيب للأحباب والأصدقاء 2021
- رؤية طفل بعيون خضراء في المنام
- ارقام وهواتف عيادة د. فاروق قورة - 3 أ ش يوسف الجندى باب اللوق بالقاهرة
- الحصول على رخصة بسطة في سوق الجمعة بدولة الكويت
- معلومات هامة عن سلالة دجاج الجميزة
- ارقام وهواتف مستشفى الهلال الاحمر 34 ش رمسيس وسط البلد بالقاهرة
- جريمة قتل آمنة الخالدي تفاصيل الجريمة
- رسائل حب ساخنة للمتزوجين +18
- خليفة بخيت الفلاسي حياته
- تعرٌف على ... عائشة العتيبي | مشاهير
- هل توجيه الشطاف للمنطقة الحساسة يعد عادة سرية؟ وهل يؤثر على البكارة؟
- رقم هاتف مكتب النائب العام وكيفية تقديم بلاغ للنائب العام
- [ رقم تلفون و لوكيشن ] شركة متجر كل شششي - المملكه العربية السعودية
- تفسير رؤية شخص اسمه محمد في المنام لابن سيرين
- ارقام وهواتف مطعم الشبراوى 33 ش احمد عرابى المهندسين, بالجيزة
- أسعار الولادة في مستشفيات الإسكندرية
- ارقام وهواتف عيادة د. هشام عبد الغنى - 10 ش مراد الجيزة بالجيزة
- ارقام وهواتف عيادة د. ياسر المليجى - 139 ش التحرير الدقى بالجيزة
- ارقام وهواتف مستشفى النور المحمدى الخيرى التخصصى المطرية, بالقاهرة
- تفسير رؤية الحشرات في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] مؤسسة مركز اصلاح وتأهيل بيرين .. بالاردن الهاشمية
- قسم رقم 8 (فلم) قصة الفلم
- تفسير حلم رؤية الميت يشكو من ضرسه في المنام
- هل أستطيع الاستحمام بعد فض غشاء البكارة ليلة الدخلة مباشرة؟
- أعشاب تفتح الرحم للإجهاض
- يخرج المني بلون بني قريب من لون الدم، فما نصيحتكم؟!
- قناة تمازيغت برامج القناة
- ارقام وهواتف مكتب صحة - السادس من اكتوبر ميدان الحصرى السادس من اكتوبر, بالجيزة
- سور القران لكل شهر من شهور الحمل
- تفسير رؤية براز الكلاب في المنام لابن سيرين
- زخرفة اسماء تصلح للفيس بوك
- مدرسة ب/ 141 حكومي للبنات بجدة
- إلغ (برمجية) التاريخ
- [ رقم هاتف ] جمعية قرض الحسن، .... لبنان
- أشيقر سكان وقبائل بلدة أشيقر
- تفسير حلم رؤية قلب الخروف في المنام
- تفسير حلم الكلب لابن سيرين
- [ رقم هاتف ] عيادة د. حازم ابو النصر - 20 ش عبد العزيز جاويش عابدين بالقاهرة
- انا بنت عندي 13 سنة لسة مجتليش الدورة الشهرية ......كنت ببات عند خالتي وكل ما
- هل تمرير الإصبع بشكل أفقي على فتحة المهبل يؤدي إلى فض غشاء البكارة؟
- [رقم هاتف] شركة الحراسة و التوظيف و التنظيف.. المغرب
- قبيلة الهزازي أقسام قبيلة الهزازي
- ذا إكس فاكتور آرابيا فكرة البرنامج
- السلام عليكم ، أنا مشكلتي بصراحة الجنس من الخلف مع زوجي الأن صار ويحب حيل
- فتحة المهبل لدي واسعة وليست كما تبدو في الصور.. فهل هو أمر طبيعي؟
- لالة لعروسة (برنامج) الفائزون
- أنا حامل في الشهر الرابع وينزل مني دم .. هل هذا طبيعي؟
- [ رقم هاتف ] عيادة د. عادل الريس .. وعنوانها
- هل إدخال إصبع الزوج في مهبل الزوجة له أضرار؟
- تفسير حلم اصلاح الطريق في المنام
- هل الشهوة الجنسية الكثيرة تؤثر على غشاء البكارة؟ أفيدوني
- تفسير حلم تنظيف البيت في المنام للعزباء والمتزوجة والحامل والمطلقة
- إيمان ظاظا حياتها ومشوارها المهني
- أهمية وضرورة إزالة الخيط الأسود من ظهر الجمبري
- اسماء فيس بنات مزخرفة | القاب بنات مزخرفه
- لهجة شمالية (سعودية) بعض كلمات ومفردات اللهجة
- تفسير رؤية المشاهير في المنام لابن سيرين
- هل شد الشفرات والمباعدة الشديدة للساقين يمكن أن تفض غشاء البكارة؟
- [بحث جاهز للطباعة] بحث عن حرب 6 اكتوبر 1973 بالصور pdf doc -
- فوائد عشبة الفلية و الكمية المناسبة يوميا
- تفسير رؤية المخدة في المنام لابن سيرين
- [رقم هاتف] شركة الرفق بالحيوان و الطبيعة.. المغرب
- كلمات - انت روحي - حمود السمه
- أعاني من لحمة زائدة في الدبر ، فلدي قطعة لحمية صغيرة في فتحة الشرج من الخارج
- ما الفرق بين الغشاء السليم وغير السليم؟
- تفسير حلم رؤية الإصابة بالرصاص في الكتف بالمنام
- [ رقم هاتف ] مركز المصطفى للاشعة
- أدخلت إصبعي في المهبل وأخرجته وعليه دم، هل فقدت بكارتي؟
- عمر فروخ
- هل الضغط بالفخذين على الفرج يؤذي غشاء البكارة?
- إدمان الزوج للمواقع الإباحية: المشكلة والأسباب والعلاج
- بسبب حكة قويط للمنطقة الحساسة ونزول الدم، أعيش وسواس فض الغشاء.
- ما تفسير رؤية كلمة كهيعص في المنام
- تظهر عندي حبوب في البظر والشفرتين بين حين وآخر.. هل لها مضاعفات، وما علاجها؟
- طريقة إرجاع حساب الفيس بوك المعطل
- الكرة الحديدية قواعد اللعبة
- تفسير رؤية مدرس الرياضيات في المنام لابن سيرين
- [بحث جاهز للطباعة] بحث عن اللغة العربية والكفايات اللغويه -
- تفسير حلم رؤية الكنز فى المنام لابن سيرين
- كيف أصل إلى النشوة مع زوجي أثناء الإيلاج وليس بيده بعد الجماع؟
مرحبا بكم في شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
عزيزي زائر شبكة بحوث وتقارير ومعلومات.. تم إعداد وإختيار هذا الموضوع [ تعرٌف على ] ندرة حداد # اخر تحديث اليوم 2024-03-29 فإن كان لديك ملاحظة او توجيه يمكنك مراسلتنا من خلال الخيارات الموجودة بالموضوع.. وكذلك يمكنك زيارة القسم , وهنا نبذه عنها وتصفح المواضيع المتنوعه... آخر تحديث للمعلومات بتاريخ اليوم 10/11/2023
[ تعرٌف على ] ندرة حداد # اخر تحديث اليوم 2024-03-29
آخر تحديث منذ 4 شهر و 19 يوم
1 مشاهدة
تم النشر اليوم 2024-03-29 | ندرة حداد
يعدُّ ندرة حدَّاد أحدَ الأعضاء البارزين المؤسِّسين للرابطة القلميَّة التي رأت النورَ في نيويورك سنة 1920 م وانفرطَ عقدُها سنة 1931 م. تُشير المصادر بأنَّ «مَنْ يقرأ شعرَ نَدْرة حَدَّاد لا يشكُّ أبدًا في سلامة طَوِيَّته، ونقاء سريرته، وطيب نَفْسِه، وحبِّه للآخرين، وبعده تمامًا عن التَّمَذْهُب الضيِّق والتعصُّب الدِّيني والنَّظرة الحسيرة. لقد برهنَ في شعره وفي مجرياتِ حياته أنَّه كانَ رحبَ الصدر، واسِع الأفق، وَدُودًا يَسِرًا، لا تلمحُ في خطابه نبرةَ حِقْدٍ أو صوت ضغينة. وقد أحبَّه كلُّ من كان حولَه، وأشادوا بأخلاقه وحُسْن معاملته وصفاء نفسه». وفي هذا الصَّدد يقول مِيخائيل نعيمَة عنه بأنه كان «متدفِّقَ العاطفة، رقيقَها، بسيط العِبارة رشيقها، يكرهُ التكلُّفَ والتصنُّع، وتأبى نفسُه العزيزة التملُّقَ والتسكُّع، فيُطلِق الشعرَ طاهرًا من الحَذْلقة والبَهْرجَة، حاملًا عُصارةً صافية من أحاسيسه الصادقة وأفكاره الهادئة، فلا هو بالغاضِب النَّاقِم، ولا هو بالثائر الهادِم. كما كان شاعرًا عفيفَ اللِّسان، حيَّ الوجدان، نقيَّ القلب، وديعَ النَّفْس، صادقَ النَّبْض والنَّبْرة، حيِّيَ الوَجْنَتَيْن، سِخِيَّ الكَفِّ والعَيْن». أصدر نَدْرة حدَّاد ديوانه الوحيد «أَوْراق الخَريف» سَنةَ 1941 م، أي قبلَ وفاته بنحو 9 سنوات، فهو بلا شكٍّ نظمَ المَزيدَ من القصائد التي لم يحتوِ عليها ذلك الديوان. ولذلك، جُمع المزيدُ من شعره بعد نحو 70 سنة من وفاته، وصدر تحتَ عنوان «ديوان نَدْرة حدَّاد». وقفات مع شعره
هناك وِقْفاتٌ لابدّ منها مع شعر ندرة حدَّاد؛ ومن تلك الوقفات وقفةٌ «مع مَنْطقِه الإنساني الرَّاقي وروحه النبيلة ونفسه السَّامية؛ فها هو يُعلنها صافيةً نقيَّة أنَّه لا يردُّ الصَّاعَ صاعين إلى من يبادره بالأذى، ولا يطالع أحدًا بسوء أو ضرر»، فيَقول: أَنا راضٍ بالعَصا يا أَيُّها الحامِلُ رُمْحَكْ وَسَأَرْضَى خُبْزَكَ الأَسْوَدَ فِي الحُبِّ وَمِلْحَكْ وَسَأَنْسَى جُرْحَ قَلْبِي كُلَّما شاهَدْتُ جُرْحَكْ وأَرى لَيْلَكَ لَيْلي، وَأَرى صُبْحِيَ صُبْحَكْ وإذا أَخْطأتَ نَحْوي، فأَنا الطالِبُ صَفْحَكْ
كما أنَّ الشاعرُ «لا يَفْتأُ يَدْعو إلى المَحبَّة والوداد، والتآلُف والتَّصافي، مُسْتندًا في ذلك إلى إنسانيَّته الوارِفة وسَريرتِه النقيَّة»، حيث يقول: ما أَجْمَلَ الدُّنْيَا لَوَ انَّ بُيُوتَهاتُبْنَى بِلا عُمَدٍ وَلا أَطْنابِ تُبْنَى مِنَ الحُبِّ الذي لا يَشْتَكيأَصْحَابُهُ مِنْ مالِكٍ أَوْ جابي الحُبُّ دينُ اللهِ، فَلْيَكُ دينُنافي كُلِّ كارِثَةٍ وَكُلِّ مُصابِ فالبَيْتُ، إِنْ نَأَتِ المَحَبَّةُ ساعَةً،عَنْهُ، غَدَا بَيْتًا بِلا أَبْوَابِ
كما يُخاطِب من حَولَهُ فيقول: لا تَسْأَلُوني مَنْ حَبيبي بَيْنَكُمْفَجَميعُكُمْ، إِنْ تَسْأَلُوا، أَحْبَابي
كما يَدعو مجدَّدًا إلى الحبِّ، ويجعله فوقَ كل مال وجاه، فيقول في تهنئة عروسَيْن بزَواجهما: عِيشَا نَديمَيْنِ مَعًاصَافَى الزَّمانِ أَوْ جَمَحْ سِيرَا بِدَرْبِ الحُبِّ إِنَّالحُبَّ مِنْ أَسْمَى المِنَحْ
وهو، لولا الحبُّ، لما لبَّى دَعواتِ التَّهْنئة أو الحضُور في المناسبات: أَنا لَوْلا الحُبُّ وَالحُبْبُ إِذا يَدْعُو يُلِحُّ لم أَكُنْ بَيْنَكُمْ وَالقَلْبُ مَجْرُوحٌ يَسُحُّ
ورغمَ كلِّ هذا الحبُّ الذي يحمله الشاعرُ في نفسه، ويريده للناس، لكنَّه لم يجدْه بينهم؛ وها هو في أبياتِه هذه يشكو ذلك، ويحزُّ في نفسِه ألَّا يرى ما يريد إلَّا بينَ غير البَشَر: فَتَّشْتُ في النَّاسِ على ضائِعٍعَرَفْتُهُ بالسَّمْعِ لا بالنَّظَرْ يَدْعُونَهُ الحُبُّ، وكَمْ جاهِلٍمِثْلي يَظُنُّ الحُبَّ بيْنَ البَشَرْ! فَتَّشْتُ عَنْهُ طُولَ عُمْري فَلَمْأَجِدْ لَهُ في النَّاسِ أَدْنَى أَثَرْ فَرُحْتُ نَحْوَ الغابِ حَيْثُ الظِّباتَرْعَى، وحَيْثُ الطَّيْرُ تَعْلُو الشَّجَرْ أَنْشُدُ ما في النَّاسِ قَدْ فاتَنيكَعاشِقٍ يَنْشُدُ خِلًّا هَجَرْ فَجُلْتُ فيما بَيْنَها مُدَّةًعَرَفْتُ ما قَدْ كانَ عَنِّي اسْتَتَرْ الحُبُّ في البُهْمِ جَلِيًّا يُرَىوالحُبُّ فِينا لا يَراهُ البَصَرْ فَقُلْتُ في نَفْسي: أَلَا لَيْتَناكالنَّمْلِ أَوْ كالطَّيْرِ أو كالبَقَرْ
وحُقَّ بعدَ هذا وذاك أن يقولَ الدُّكْتور عيسَى النَّاعُوري في هذا الشاعر: «حُبٌّ كبير وألم كبير، يَنْبعان من قلبٍ كبير، تلك هي خُلاصةُ شعر نَدْرة حدَّاد المَجْموع بين دَفَّتي ديوانِه «أوراق الخريف»». لقد اختارَ ندرة حدَّاد لشعرِه مَجْزوءات البحور وقِصارَها؛ وغلبَ عليه طابعُ الوصفِ والتأمُّل؛ وبثَّ فيه أمانيه وخَواطرَه ومشاعرَه، وأَلْبَسَ كثيرًا منه لَبُوسَ التفَكُّر والحكمة والتَّساؤل والدعوة إلى الحبِّ والسَّلام؛ وتناولَ مُعْظَمَ أغراضه وموضوعاته. ففي وصيَّةٍ يُسْديها لابنه، يحثُّه على العطاء وأن يكونَ مَنْبعًا للخير والمَعْروف، فيَقول: كُنْ حَكيمًا فَكِرامُ النْنَاسِ عاشُوا حُكَماءَ كُنْ دَواءً في الوَرَى إِيْيَاكَ أَنْ تَغْدوَ داءَ اِجْمَعِ المالَ إِذا اسْطَعْتَ، وَلا تَنْسَ العَطاءَ
ويدعو الشاعرُ إلى الفضيلة فيقول: وَفي الدُّنْيَا دُرُوبٌ لَيْسَ تُحْصَىوما مِثْلُ التُّقَى لِلْمَرْءِ دَرْبُ
وهذه وقفةٌ مع نظرة الشاعر للمَوْت وما وَراءَه، فهو لا يَخْشاه، بل يرى فيه نِعْمةً من نِعَم الله، إنَّه فاتحةُ الخلُود: إِنَّ الحَياةَ مَعارِكٌ، وَلهافي كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَنا وَثْبُ وَحُرُوبُها مَوْصُولَةٌ، فإِذاعَصَفَتْ بِنا حَرْبٌ بَدَتْ حَرْبُ فَعَلامَ نَخْشَى فَقْدَها وَلَنابَعْدَ الحَيَاةِ المُرَّةِ الغَلْبُ وَالمَوْتُ مِنْ نِعَمِ الإلَهِ، فَكَمْقَنِطٍ نَجا وَفِراشُهُ التُّرْبُ!
ويَقول: عَلِّمْ صِغارَكَ أَنْ يَعيشُوافي الحَياةِ بِلا قُيُودِ وَانْهَضْ بِهِمْ، لا تَنْسَ صُحْبَةَ ذلكَ الوَطَنِ الشَّهيدِ عَلِّمْهُمُ أَلَّا يَخافُواالمَوْتَ في سُبُلِ الصُّعُودِ فَالمَهْدُ فاتِحَةُ الرَّدَىوَاللَّحْدُ فاتِحَةُ الخُلُودِ
هناك من يَتوقَّى ذكرَ المَوْت وما يتعلَّق به من أشياء تلازمه، لكنَّ الشاعرَ لا يعبأ بكلِّ ذلك، بل يدعو مَنْ حولَه إلى أن يناجوه بعدَ موته، وألَّا يحزنوا لفِراقه، فهو راضٍ به مقبلٌ عليه: وَإِذا شِئْتُمْ مُناجاتي اجْلِسُواحَوْلَ قَبْري ساعةً عِنْدَ المَغيبْ لا تَنُوحُوا لِفِراقي حَسْرَةًأَنا مَنْ يَكْرَهُ أَصْوَاتَ النَّحيبْ لا تَظَنُّوا القَبْرَ فيهِ غُرْبَةٌلَيْسَ مَنْ في صُحْبَةِ القَبْرِ غَريبْ عِشْتُ في الدُّنْيَا زَمانًا لم أَجِدْأَحَدًا في النَّاسِ أَدْعُوه قَريبْ
كيف لا؟ وهو يرى أنَّ المَوْتَ انتصار، انتصارٌ للروح على الجسد، وللخُلود على العُبور، وللشَّقاء على الراحة والهدوء: عَجِبْتُ لِباكٍ قَدْ تَناسَى مَصيرَهُفَلَوْ يَذْكُرُ الباكي لَعَدَّ الرَّدَى نَصْرا
ويؤمِنُ ندرة حدَّاد بالبعث والنُّشُور، وبأنَّ ما تقدِّمه في الحياة محفوظٌ في اللوح عند ربِّ السماء: هُنا يَرْقُدُ الشَّاعِرُ هَنيئًا لَهُ مِنْ رُقادْ هُنا قَبْرُهُ الفاخِرُوَلا قُبَّةٌ أَوْ عِمادْ هَنِيئًا لَهُ قَدْ عَبَرْإلى الضِّفَّةِ الثَّانِيَةْ هُناكَ اللِّقا المُنْتَظَرْلِذي الفِكْرَةِ العالِيَةْ هَنِيئًا لِذا المَضْجَعِفَفيهِ شُعُورٌ حُجِبْ أَنَفْسِي! تَعالي اسْمَعيعلى اللَّوْحِ ما قَدْ كُتِبْ
والشاعرُ زاهدٌ متواضِع، لا يحبُّ المديحَ والإطراء، ولا يطيب له ذلك: يا غُصْنُ إِنْ تُنْسَبْ إِلَيْيَ فَأَنْتَ في الأَشْجارِ خاسِرْ خَدَعُوكَ بِاسْمي مِثْلَماخَدَعَتْهُمُ مِنِّي الظَّوَاهِرْ ما كُنْتُ مِنْ أَهْل الصَّلاحِ كَما دُعِيتُ وَلا بِطاهِرْ أَنا لَسْتُ مِنْ أَهْلِ المَكارِمِ وَالمَحامِدِ وَالمَآثِرْ أَنا مِثْلُ باقي النَّاسِ جَبْبّارٌ عَنِيدٌ غَيْرُ جابِرْ أمَّا الحنينُ، فللشاعِر وقفة شامخة معه، فله شغفٌ إلى بلاده لا يُردُّ، وشوقٌ إلى مدينتِه حمص لا يُقاس؛ وفي ذلك يَقول: خُذُوني إلى حَيْث يَشْدُو الهَزارْوتَسْمَعُ أُذْني حَفيفَ الشَّجَرْ وَحَيْثُ أَرَى الشَّمْسَ طُولَ النَّهارْويَسْطَعُ لَيْلًا عَلَيَّ القَمَرْ خُذُوني ولَوْ مَرَّةً في الزَّمَنْإِلى نَهْرِ «أُورنتَ» ذاكَ الجَميلْ لأَنْفي بِمَرْآهُ، ذاكَ الحَسَنْ،هُمُومًا دَهَتْني زَمانًا طَويلْ خُذُوني لأَقْضي بَقِيَّةَ عُمْريبِهِ بَيْنَ ميماسِهِ والدُّوَيْرْ لَعَلِّي أَنْسَى مَصائِبَ دَهْريإِذا ما أَتَيْتُ جِنانَ القُصَيْرْ خُذُوني إلى أَرْضِ حِمْصٍ صِحابيفإِنِّي بِها لا أَزالُ الوَلُوعْ وَقُولوا إِذا مِتُّ دُونَ إِيابِ:بَرَاهُ الحَنينُ وذَرْفُ الدُّمُوعْ
أمَّا الطبيعةُ فالوقفةُ معها طويلة، فلقد كان ندرة حدَّاد مفتونًا بها، مؤمنًا بمدى جمالها، يسحرُه التأمُّلُ فيها، ويتمنَّى أن يعيشَ دومًا في أكنافها، وأن ينهلَ من صفائها وبراءتها وعُذْريَّتها. ولذلك، فقد أمعنَ في وصفها، مثل عددٍ من شعراء المَهجر. وكان لغتُه في ذلك يَسِرة سهلة الوصول والفهم، فلم يتقعَّرْ في ألفاظه ولم يختر غريبَها. يطيلُ الشاعرُ النظرَ أمامَ زهرةٍ لفتت انتباهَه، فيطيب له الحديثُ إليها، وينسج في حضورها بعضًا من قصَّة حياته ونظرتِه للكون والإنسان؛ ولا يُخْفي من وراء ذلك بعضَ الضياعَ والتشتُّت اللذين يَعْصِفان به: يا زَهْرَةً لَعِبَتْ بِهاأَيْدِي الزَّمانِ القاسِيَة ما أَنْتِ وَحْدَكِ يا جَمي لةُ بَعْدَ عِزَّك ذاوِيَةْ إنِّي غَبَطْتُكِ بالذُّبُول كَما غَبَطْتُكِ زاهِيَة قَدْ أَطْرَبَتْني الطَّيْرُ نائِحَةً عَلَيْكِ وشادِيَةْ فَسَتَرْجَعينَ، وإِنْ ذَبُلْتِ، مَعَ الطَّبيعَةِ نامِيَةْ
يجلسُ الشاعرُ في لحظاتٍ تأمُّل، بَعيدًا عن ضجيج الحضارةِ الأمريكيَّة الصاخبة من حولِه، فيُخاطب الروضَ خِطابَ المُحبِّ الوالِه، ويُناجيه مناجاةَ المُتشوِّق الهائِم؛ ويُطيل النظرَ في تفاصيله، ويجد أنسَه فيه، ولا ينسى أن يشكو إليه ما يعتلجُ في نفسه من أنين وألم: بَيْني وَبَيْنَ الرَّوْضِ حُببٌ لا يَزولُ ولا يَبينْ قَدْ كانَ لي الخِلَّ الأمَينَ إذا جَفا الخلُّ الأَمينْ آَتيهِ مَعْصوبَ الجَبينِ فَأَنْثَني طَلْقَ الجَبينْ وَلى الخَريفُ فزُرْتُهُوَزِيارَتي دَيْنٌ وَدِينْ فبَدا أَمامي خاليًامِمَّا يُشَمُّ وَما يَبينْ لا نَسْمَةٌ، لا خُضْرَةٌ،لا زَهْرَةٌ، لا يَاسمَينْ إِلَّا هُناكَ «وُرَيْقَةٌ»تَحْكي بصُفْرَتِها الطَّعينْ خاطَبْتُها وخِطابُ مِثْلي دَمْعَةُ المُتَوَجِّعينْ
ومن شعره التأمُّلي قولُه مخاطبًا نفسه، التي كثيرًا ما خاطبها وبثَّ إليها ما يساوِرُه من شكوكٍ وآمال وآلام: يا نَفْسُ لَيْسَ النَّاسُ إلْلَا تائِهِينَ بِبادِيَةْ مُتَفَرِّقينَ مَضَوْا، فَكُلْلٌ مِنْهُمْ في ناحِيَةْ هذا فَتًى ذو هِمَّةٍيُدْنِي الأَماني القاصِيَةْ هَذا يَلِذُّ لَهُ المَسيرُ هَوًى وَراءَ الغانِيَةْ هذا تَطيبُ لَهُ السُّهُو ل، وذَاكَ يَهْوَى الرَّابِيَةْ وَسَيَنْتَهُونَ كَما انْتَهَى الششُعَراءُ عِنْدَ القافِيَةْ
وهو في مَعْرض تأمُّله يعودُ فيكرِّر استعدادَه للموت، وترحيبَه به؛ ويدعو إلى الوئام والألفة، وترك التَّنازُع والخصام: يا نَفْسُ ما لَكِ تَنْفُرينَ لَدَى افْتِكارِكِ بالنِّهايَةْ؟ أَجَهِلْتِ أَنَّ حَيَاتَنافي الكَوْنِ أَشْبَهُ بِالرِّوايَةْ؟ أَجْلى مَشاهِدِها عِداءٌ في البَسيطَةِ أَوْ جِنايَةْ وَالسِّلْمُ وَهْوَ أَحَبُّهاما بانَ إِلَّا بَعْدَ غايَةْ أَفَتُعْرضينَ عَنِ الحَقيقَةِ بَعْدَ تَمْثيلِ الغِوَايَةْ؟ إِنَّ التي تَخْشَيْنَ قُرْبَ وُصولِها بِنْتُ البِدايَةْ فَاسْتَقْبِليها غَيْرَ خائِفَةٍ فَما مِنْها وِقايَةُ فَلَعَلَّ دَوْرَ الحُبِّ يَظْهَرُ بَعْدَ أَدْوارِ السِّعايَةْ
وتخالطُ الحكمةُ فلسفةَ الشاعر، فهي كثيرةُ الوُرودِ في شعره، تأتي على شكل نصائح يُسْديها للآخرين أحيانًا، أو سياق قصائد أخرى: الوَرْدُ في كُرْسِيِّ أَغْصانِهِكَالمَلْكِ وَالأَوْراقُ شِبْهُ الخَفيرْ تَرُدُّ عَنْهُ الرِّيحَ، في عَصْفِها،ولَفْحَةَ الشَّمْسِ وَحَرَّ الهَجيرْ
ويرى الشاعرُ أَنْ ليسَ كلُّ لقاءٍ يبعث الحبَّ، فالحبُّ قد ينطلق أُوارهُ بالابتعاد وينهار باللقاء: فَقَدْ يَنْهارُ حُبٌّ في التَّلاقِيوَقَدْ يَقْوَى وَإِنْ سَتَرَتْهُ حُجْبُ
يلبِّي ندرة حدَّاد دعوةَ من يحبُّ، وليس للمُحبِّين إِلَّا أن يفعلوا ذلك؛ فالأماكن تجملُ بلقاء المُتَشاوِقين واجتماع المُتَآلفين: دَعاني مَنْ أُحِبُّ، وَكُلُّ نَفْسٍتُلَبِّي، إِنْ دَعاها، مَنْ تُحِبُّ وَأَجْمَلُ مَنْظَرٍ في الكَوْنِ رَوْضٌتَلاقَى عِنْدَهُ صَبٌّ وَصَبُّ أَرَى حِزْبًا يَسُودُ الحُبُّ فِيهِوَقَلَّ وُجُودُ حِزْبٍ فيهِ حُبُّ
وتختلطُ الحكمةُ لدى الشاعر بالزُّهْد، فهو لا يهتمُّ لما أَفْرزته الحضارةُ الحديثة والتقانةُ المتقدِّمة. إنَّ عيشًا هادئًا بلا ضجيج، ومَأْكلًا خفيفًا بسيطًا بلا أَرَق ولا هموم، ومأوًى عاديًّا متواضعًا، كلُّ ذلك هو من أَجلِّ أُمْنِياته: وَهَبْ ناجَيْتَ أَرْوَاحًا تَوارَتْفَأَدْرَكَ كُلُّ إِنْسانٍ مَقَرَّهْ فَلَسْتَ بِزائٍدٍ في الأَرْضَ شِبْرًاوَلَسْتَ بِزائِدٍ في التُّرْبِ ذَرَّةْ وَلَسْتَ بِمُنْقِصٍ، ما عِشْتَ دَهْرًاتُفَكِّرُ، مِنْ مِيَاهِ الكَوْنِ قَطْرَة وَلَسْتَ بكُلِّ ما أُوتِيتَ عِلْمًاتَضُمُّ إِلى شُعُورِ الرَّأْسِ شَعْرَةْ هَنِيئًا لِلأُلَى عاشُوا قَديمًاوأَفْضَلُ قُوتِهِمْ ماءٌ وكِسْرَهْ بِبَيْتٍ تَخْفِقُ الأَرْيَاحُ فِيهِوكُلُّ أَثاثِهِ طاسٌ وجَرَّةْ فَفِي تِلْكَ المَعيشَةِ كُلُّ هَمٍّوفي هَذي السَّعَادَةُ والمَسَرَّةْ
بلى، لقد كان الشاعرُ زاهدًا في الدُّنيا، غيرَ مَفْتونٍ بها، يطيب له أن يُعدِّدَ همومَها ويعرِّض فيها: وَما هِيَ الدُّنْيَا، وَما نَفْعُهاوكُلُّ ما فيها مُمِلٌّ حَقيرْ هذا عَليلٌ لا يُرْجَّى لَهُبُرْءٌ، وذا مُنْذُ صِباهُ ضَريرْ وَذا على أَمْوالِهِ خائِفٌوَذاك لا يَمْلِكُ شَرْوَى نَقيرْ وَذي فَتاةٌ خانَها دَهْرُها،في إِلْفِها، تَبْكي بِدَمْعٍ غَزيرْ وتِلْكَ أُمٌّ في اللَّيَالي غَدَتْسَهْرانَةً تَحْنو على ابنٍ صَغيرْ إِنْ نامَ نامَتْ، إِنَّما خِلْسَةًوقَلْبُها اليَقْظانُ حَوْلَ السَّريرْ
لم تخلُ بعضُ قصائد ندرة حدَّاد من الأسلوبِ الخطابي المباشر، سواءٌ في شعره الذي ألقاه في المناسبات أو غيرها. ومن ذلك قولُه: ظَلَلْتُ أَمْشي تائِهًا لا أَعِيحَتَّى رَأَتْ عَيْنايَ ماءَ الغَديرْ فَمِلْتُ والإِنْسانُ مِنْ طَبْعِهِيُسَرُّ بالماءِ وَسَمْعِ الخَريرْ إلى مَكانٍ تَحْتَ صَفْصافَةٍتَبْدو لَنا كالخائِفِ المُسْتَجيرْ جَلَسْتُ فَوْقَ المَرْجِ في ظِلِّهافَخِلْتُنِي في مَقْعَدٍ مِنْ حَريرْ أَميلُ إِنْ مالَتْ إِذا هَزَّها،مِنْ جانِبِ الوَادي، الهَواءُ الكَثيرْ فَدَبَّ في القَلْبِ حَنينٌ إلىجَمالِ سُوريَّا العَديمِ النَّظيرْ
وهنا يتَّضحُ الأسلوبُ المباشر في النَّظْم رغم ما في هذه الأبيات من دقَّة الوصف ومنطِق الحكمة: وَإذا مِتُّ بِأَرْضٍتُخْرجُ القَوْمَ الأُسُودا تَدْفَعُ الأَبْناءَ في المَجْدِ إِلى الحَرْبِ جُنُودا وإِذا مَاتَ مَنْهُمْبَطَلٌ كانَ شَهِيدا تَبْذُلُ المالَ فيَغْدُولِلَّظَى الحَرْب وَقُودا تَجْعَلُ الإِنْسانَ حُرًّاطارِحًا عَنْه القُيُودا تُكْرِمُ العَالمَ حَيًّا ثُمَّ تَبْكيهِ فَقيدا تُبْغِضُ الظَّالِمَ في الحُكْمِ ولَوْ كانَ عَميدا تُكْرِمُ الضَّيْفَ وتَرْعىلِنَزيلِيها العَهُودا فانْدُبُوني أَنا مَنْ يَهْوَى على الأَرْضِ الخُلودا
ومِثْلُ ذلك قولُه: أَنا إِنْ مِتُّ بِأَرْضٍماتَتْ الأَحْرارُ فِيها وَقَضَى في الذَّوْدِ عَنْهالُّ شَهْمٍ مِنْ بَنيها وَرَأَيْتُمْ كُلَّ غِرٍّبَعْدَهُمْ صارَ فَقيها وَقَليلَ الفَهْمِ وَالإِدْراكِ يَغْتابُ النَّبيها وَذَوي الأَمْوَال وَالأَمْلاكِ يَخْتالُونَ تِيها وَفَقيرَ الحالِ مَنْبُوذًا ولَوْ كانَ نزيها
أمَّا قَصيدتُه المُطوَّلة «الرَّاهِبة»، فمنهم من رآها غايةً في الروعة ومن الفرائد في الدِّيوان، ومنهم مَنْ عدَّها من أضعف قصائِده في ديوانه «أوراق الخريف»، حيث يقول عيسى الناعوري عنها: «ونظمَ ندرة حدَّاد قصَّةً شعريَّة طويلة بعنوان «الرَّاهِبة» تقع في 110 أبيات بوزنٍ واحد وقَوافٍ متعدِّدة… غيرَ أنَّ الصِّياغةَ الشعريَّة في هذه القصيدة الطويلة لم تكن موفَّقة، فقد كانت عباراتُها ركيكةً مُهَلْهَلة». وهذا يدلُّ على أنَّ النقَّادَ قد لا يتَّفقون في الحُكْم على الشِّعر، فمثلُ هذا هو خلافٌ عميق في الرؤية وليس مجرَّد تفاوتٍ بسيط. هكذا كان الشاعرُ نَدْرة حدَّاد مرآةَ عصره، وصورةً للرابطة القلميَّة في نيويورك التي مثلَّت أدباء المهجر الشِّمالي خيرَ تمثيل، لكنّه تفرَّد في أشياء خاصَّة به. ومع أنَّه لم يخرج عن نطاق القصيدة العربية خروجًا سافرًا، إلَّا أنَّه صبغَ شعره بصبغةٍ جديدة نادى من خلالها إلى الحبِّ والسَّلام، ووقف متأمِّلًا في خلق الله، فعبَّر خيرَ تعبير عن جَمال الطبيعة وسحرها، عن خبايا نفوس البشر وطَوَاياهم، فجاء شعرُه جديدَ المَضْمون والمُحْتَوى، قديمَ البناء نسبيًا.
وُلدَ نَدْرة حَدَّاد، شاعرُ العاصِي، في 30 تشرين الأوَّل/أكتوبر سنةَ 1881 م في مدينةِ حِمْص السوريَّة، وسطَ البلاد. وهو من أسرة حمصيَّة عريقة ومعروفة في المَدينة. تلقَّى عُلُومَه الأولى في المَدْرسَةِ الأرثوذكسيَّة. وقد كان قبلَ هجرتِه شابًّا ظريفًا يعمل في دائرةِ قَلَم المال بحِمْص، كما ذكر شقيقُه عبد المَسيح في جريدتِه «السَّائِح». تصف المصادر نَدْرة حَدَّاد بأنه كان «طويلَ القامة، ممتلئَ الجسم، هادئَ الحركات، خافتَ الصَّوْت، خَجُولًا، طيِّب القلب، طاهرَ السَّريرة، وفيًّا، مستقيمًا، رقيقَ العاطفة، يغلبُه شعورُه وتخنقُه عبراتُه ويرتجف صوتُه عندَ إلقائه قصائد الرثاء أو الحنين». هاجر نَدْرة حَدَّاد إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في 26 كانون الأوَّل/ديسمبر سنة 1897م، وهو بعمر 17 عامًا؛ وأقامَ في مدينة نيُويُورك يتعاطى التجارَة في بادئ الأمر، قد طوَّف البلاد، قبلَ أن يعودَ ويستقرَّ فيها. ولكنَّه لم ينسَ مُيُولَه إلى ميدان الأدبِ والصِّحافة، فأخذ ينظمُ الشِّعر، وكان يساعد شقيقَه الأديب عبد المسيح حَدَّاد في تحريرِ جَريدة السائح المَهْجريَّة، حيث عملَ رئيسَ تَحْريرٍ لها لسنواتٍ قبلَ أن ينتقلَ للعمل في أحدِ البُنوك. ولكن، كانت تأتي عليه أوقاتٌ لا ينظمُ فيها الشعرَ إِلَّا لِمامًا، حَتَّى أصبحت قصائدُهُ أَشْبهَ بالحَوْليَّات. تزوَّج نَدْرة حَدَّاد من هَدْبا حدَّاد، وأَنْجَبَ منها وليَم ورُوبرت وجوزيت. تُوفّي ندرة حدَّاد مساءَ يوم السبت 27 مايو/أيَّار سنة 1950 م، وكان ذلك فجأةً خلال حَفْلة عرس بعد أن أنشدَ فيها شعرَ التَّهاني، حيث ألقى قصيدتَه الأخيرة «آمنتُ بالحبّ»، وشعرَ بعدها بضيقٍ في التنفُّس ألزمَه الجلوسَ ليُفارقَ الحياةَ بعدَ ذلك بوقتٍ قصير جدًّا.
نَدْرة حَدَّاد (30 أكتوبر 1881 - 27 مايو 1950) هو شاعرٌ مَهجري حمصي، كان قد اختارَ مدينة نيُويُورك موطنًا لعَيْشِه وأدبه. كان أيضًا يُساعد شقيقَه الأديب عبد المسيح حَدَّاد في تحريرِ جَريدة السائح المَهْجريَّة. تصفه المصادر بأنه «طويلَ القامة، ممتلئَ الجسم، هادئَ الحركات، خافتَ الصَّوْت، خَجُولًا، طيِّب القلب، طاهرَ السَّريرة، وفيًّا، مستقيمًا، رقيقَ العاطفة، يغلبُه شعورُه وتخنقُه عبراتُه ويرتجف صوتُه عندَ إلقائه قصائد الرثاء أو الحنين».[1]
شعرُه ونشاطه الأدبي
يعدُّ ندرة حدَّاد أحدَ الأعضاء البارزين المؤسِّسين للرابطة القلميَّة التي رأت النورَ في نيويورك سنة 1920 م وانفرطَ عقدُها سنة 1931 م. تُشير المصادر بأنَّ «مَنْ يقرأ شعرَ نَدْرة حَدَّاد لا يشكُّ أبدًا في سلامة طَوِيَّته، ونقاء سريرته، وطيب نَفْسِه، وحبِّه للآخرين، وبعده تمامًا عن التَّمَذْهُب الضيِّق والتعصُّب الدِّيني والنَّظرة الحسيرة. لقد برهنَ في شعره وفي مجرياتِ حياته أنَّه كانَ رحبَ الصدر، واسِع الأفق، وَدُودًا يَسِرًا، لا تلمحُ في خطابه نبرةَ حِقْدٍ أو صوت ضغينة. وقد أحبَّه كلُّ من كان حولَه، وأشادوا بأخلاقه وحُسْن معاملته وصفاء نفسه». وفي هذا الصَّدد يقول مِيخائيل نعيمَة عنه بأنه كان «متدفِّقَ العاطفة، رقيقَها، بسيط العِبارة رشيقها، يكرهُ التكلُّفَ والتصنُّع، وتأبى نفسُه العزيزة التملُّقَ والتسكُّع، فيُطلِق الشعرَ طاهرًا من الحَذْلقة والبَهْرجَة، حاملًا عُصارةً صافية من أحاسيسه الصادقة وأفكاره الهادئة، فلا هو بالغاضِب النَّاقِم، ولا هو بالثائر الهادِم. كما كان شاعرًا عفيفَ اللِّسان، حيَّ الوجدان، نقيَّ القلب، وديعَ النَّفْس، صادقَ النَّبْض والنَّبْرة، حيِّيَ الوَجْنَتَيْن، سِخِيَّ الكَفِّ والعَيْن». أصدر نَدْرة حدَّاد ديوانه الوحيد «أَوْراق الخَريف» سَنةَ 1941 م، أي قبلَ وفاته بنحو 9 سنوات، فهو بلا شكٍّ نظمَ المَزيدَ من القصائد التي لم يحتوِ عليها ذلك الديوان. ولذلك، جُمع المزيدُ من شعره بعد نحو 70 سنة من وفاته، وصدر تحتَ عنوان «ديوان نَدْرة حدَّاد». وقفات مع شعره
هناك وِقْفاتٌ لابدّ منها مع شعر ندرة حدَّاد؛ ومن تلك الوقفات وقفةٌ «مع مَنْطقِه الإنساني الرَّاقي وروحه النبيلة ونفسه السَّامية؛ فها هو يُعلنها صافيةً نقيَّة أنَّه لا يردُّ الصَّاعَ صاعين إلى من يبادره بالأذى، ولا يطالع أحدًا بسوء أو ضرر»، فيَقول: أَنا راضٍ بالعَصا يا أَيُّها الحامِلُ رُمْحَكْ وَسَأَرْضَى خُبْزَكَ الأَسْوَدَ فِي الحُبِّ وَمِلْحَكْ وَسَأَنْسَى جُرْحَ قَلْبِي كُلَّما شاهَدْتُ جُرْحَكْ وأَرى لَيْلَكَ لَيْلي، وَأَرى صُبْحِيَ صُبْحَكْ وإذا أَخْطأتَ نَحْوي، فأَنا الطالِبُ صَفْحَكْ
كما أنَّ الشاعرُ «لا يَفْتأُ يَدْعو إلى المَحبَّة والوداد، والتآلُف والتَّصافي، مُسْتندًا في ذلك إلى إنسانيَّته الوارِفة وسَريرتِه النقيَّة»، حيث يقول: ما أَجْمَلَ الدُّنْيَا لَوَ انَّ بُيُوتَهاتُبْنَى بِلا عُمَدٍ وَلا أَطْنابِ تُبْنَى مِنَ الحُبِّ الذي لا يَشْتَكيأَصْحَابُهُ مِنْ مالِكٍ أَوْ جابي الحُبُّ دينُ اللهِ، فَلْيَكُ دينُنافي كُلِّ كارِثَةٍ وَكُلِّ مُصابِ فالبَيْتُ، إِنْ نَأَتِ المَحَبَّةُ ساعَةً،عَنْهُ، غَدَا بَيْتًا بِلا أَبْوَابِ
كما يُخاطِب من حَولَهُ فيقول: لا تَسْأَلُوني مَنْ حَبيبي بَيْنَكُمْفَجَميعُكُمْ، إِنْ تَسْأَلُوا، أَحْبَابي
كما يَدعو مجدَّدًا إلى الحبِّ، ويجعله فوقَ كل مال وجاه، فيقول في تهنئة عروسَيْن بزَواجهما: عِيشَا نَديمَيْنِ مَعًاصَافَى الزَّمانِ أَوْ جَمَحْ سِيرَا بِدَرْبِ الحُبِّ إِنَّالحُبَّ مِنْ أَسْمَى المِنَحْ
وهو، لولا الحبُّ، لما لبَّى دَعواتِ التَّهْنئة أو الحضُور في المناسبات: أَنا لَوْلا الحُبُّ وَالحُبْبُ إِذا يَدْعُو يُلِحُّ لم أَكُنْ بَيْنَكُمْ وَالقَلْبُ مَجْرُوحٌ يَسُحُّ
ورغمَ كلِّ هذا الحبُّ الذي يحمله الشاعرُ في نفسه، ويريده للناس، لكنَّه لم يجدْه بينهم؛ وها هو في أبياتِه هذه يشكو ذلك، ويحزُّ في نفسِه ألَّا يرى ما يريد إلَّا بينَ غير البَشَر: فَتَّشْتُ في النَّاسِ على ضائِعٍعَرَفْتُهُ بالسَّمْعِ لا بالنَّظَرْ يَدْعُونَهُ الحُبُّ، وكَمْ جاهِلٍمِثْلي يَظُنُّ الحُبَّ بيْنَ البَشَرْ! فَتَّشْتُ عَنْهُ طُولَ عُمْري فَلَمْأَجِدْ لَهُ في النَّاسِ أَدْنَى أَثَرْ فَرُحْتُ نَحْوَ الغابِ حَيْثُ الظِّباتَرْعَى، وحَيْثُ الطَّيْرُ تَعْلُو الشَّجَرْ أَنْشُدُ ما في النَّاسِ قَدْ فاتَنيكَعاشِقٍ يَنْشُدُ خِلًّا هَجَرْ فَجُلْتُ فيما بَيْنَها مُدَّةًعَرَفْتُ ما قَدْ كانَ عَنِّي اسْتَتَرْ الحُبُّ في البُهْمِ جَلِيًّا يُرَىوالحُبُّ فِينا لا يَراهُ البَصَرْ فَقُلْتُ في نَفْسي: أَلَا لَيْتَناكالنَّمْلِ أَوْ كالطَّيْرِ أو كالبَقَرْ
وحُقَّ بعدَ هذا وذاك أن يقولَ الدُّكْتور عيسَى النَّاعُوري في هذا الشاعر: «حُبٌّ كبير وألم كبير، يَنْبعان من قلبٍ كبير، تلك هي خُلاصةُ شعر نَدْرة حدَّاد المَجْموع بين دَفَّتي ديوانِه «أوراق الخريف»». لقد اختارَ ندرة حدَّاد لشعرِه مَجْزوءات البحور وقِصارَها؛ وغلبَ عليه طابعُ الوصفِ والتأمُّل؛ وبثَّ فيه أمانيه وخَواطرَه ومشاعرَه، وأَلْبَسَ كثيرًا منه لَبُوسَ التفَكُّر والحكمة والتَّساؤل والدعوة إلى الحبِّ والسَّلام؛ وتناولَ مُعْظَمَ أغراضه وموضوعاته. ففي وصيَّةٍ يُسْديها لابنه، يحثُّه على العطاء وأن يكونَ مَنْبعًا للخير والمَعْروف، فيَقول: كُنْ حَكيمًا فَكِرامُ النْنَاسِ عاشُوا حُكَماءَ كُنْ دَواءً في الوَرَى إِيْيَاكَ أَنْ تَغْدوَ داءَ اِجْمَعِ المالَ إِذا اسْطَعْتَ، وَلا تَنْسَ العَطاءَ
ويدعو الشاعرُ إلى الفضيلة فيقول: وَفي الدُّنْيَا دُرُوبٌ لَيْسَ تُحْصَىوما مِثْلُ التُّقَى لِلْمَرْءِ دَرْبُ
وهذه وقفةٌ مع نظرة الشاعر للمَوْت وما وَراءَه، فهو لا يَخْشاه، بل يرى فيه نِعْمةً من نِعَم الله، إنَّه فاتحةُ الخلُود: إِنَّ الحَياةَ مَعارِكٌ، وَلهافي كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَنا وَثْبُ وَحُرُوبُها مَوْصُولَةٌ، فإِذاعَصَفَتْ بِنا حَرْبٌ بَدَتْ حَرْبُ فَعَلامَ نَخْشَى فَقْدَها وَلَنابَعْدَ الحَيَاةِ المُرَّةِ الغَلْبُ وَالمَوْتُ مِنْ نِعَمِ الإلَهِ، فَكَمْقَنِطٍ نَجا وَفِراشُهُ التُّرْبُ!
ويَقول: عَلِّمْ صِغارَكَ أَنْ يَعيشُوافي الحَياةِ بِلا قُيُودِ وَانْهَضْ بِهِمْ، لا تَنْسَ صُحْبَةَ ذلكَ الوَطَنِ الشَّهيدِ عَلِّمْهُمُ أَلَّا يَخافُواالمَوْتَ في سُبُلِ الصُّعُودِ فَالمَهْدُ فاتِحَةُ الرَّدَىوَاللَّحْدُ فاتِحَةُ الخُلُودِ
هناك من يَتوقَّى ذكرَ المَوْت وما يتعلَّق به من أشياء تلازمه، لكنَّ الشاعرَ لا يعبأ بكلِّ ذلك، بل يدعو مَنْ حولَه إلى أن يناجوه بعدَ موته، وألَّا يحزنوا لفِراقه، فهو راضٍ به مقبلٌ عليه: وَإِذا شِئْتُمْ مُناجاتي اجْلِسُواحَوْلَ قَبْري ساعةً عِنْدَ المَغيبْ لا تَنُوحُوا لِفِراقي حَسْرَةًأَنا مَنْ يَكْرَهُ أَصْوَاتَ النَّحيبْ لا تَظَنُّوا القَبْرَ فيهِ غُرْبَةٌلَيْسَ مَنْ في صُحْبَةِ القَبْرِ غَريبْ عِشْتُ في الدُّنْيَا زَمانًا لم أَجِدْأَحَدًا في النَّاسِ أَدْعُوه قَريبْ
كيف لا؟ وهو يرى أنَّ المَوْتَ انتصار، انتصارٌ للروح على الجسد، وللخُلود على العُبور، وللشَّقاء على الراحة والهدوء: عَجِبْتُ لِباكٍ قَدْ تَناسَى مَصيرَهُفَلَوْ يَذْكُرُ الباكي لَعَدَّ الرَّدَى نَصْرا
ويؤمِنُ ندرة حدَّاد بالبعث والنُّشُور، وبأنَّ ما تقدِّمه في الحياة محفوظٌ في اللوح عند ربِّ السماء: هُنا يَرْقُدُ الشَّاعِرُ هَنيئًا لَهُ مِنْ رُقادْ هُنا قَبْرُهُ الفاخِرُوَلا قُبَّةٌ أَوْ عِمادْ هَنِيئًا لَهُ قَدْ عَبَرْإلى الضِّفَّةِ الثَّانِيَةْ هُناكَ اللِّقا المُنْتَظَرْلِذي الفِكْرَةِ العالِيَةْ هَنِيئًا لِذا المَضْجَعِفَفيهِ شُعُورٌ حُجِبْ أَنَفْسِي! تَعالي اسْمَعيعلى اللَّوْحِ ما قَدْ كُتِبْ
والشاعرُ زاهدٌ متواضِع، لا يحبُّ المديحَ والإطراء، ولا يطيب له ذلك: يا غُصْنُ إِنْ تُنْسَبْ إِلَيْيَ فَأَنْتَ في الأَشْجارِ خاسِرْ خَدَعُوكَ بِاسْمي مِثْلَماخَدَعَتْهُمُ مِنِّي الظَّوَاهِرْ ما كُنْتُ مِنْ أَهْل الصَّلاحِ كَما دُعِيتُ وَلا بِطاهِرْ أَنا لَسْتُ مِنْ أَهْلِ المَكارِمِ وَالمَحامِدِ وَالمَآثِرْ أَنا مِثْلُ باقي النَّاسِ جَبْبّارٌ عَنِيدٌ غَيْرُ جابِرْ أمَّا الحنينُ، فللشاعِر وقفة شامخة معه، فله شغفٌ إلى بلاده لا يُردُّ، وشوقٌ إلى مدينتِه حمص لا يُقاس؛ وفي ذلك يَقول: خُذُوني إلى حَيْث يَشْدُو الهَزارْوتَسْمَعُ أُذْني حَفيفَ الشَّجَرْ وَحَيْثُ أَرَى الشَّمْسَ طُولَ النَّهارْويَسْطَعُ لَيْلًا عَلَيَّ القَمَرْ خُذُوني ولَوْ مَرَّةً في الزَّمَنْإِلى نَهْرِ «أُورنتَ» ذاكَ الجَميلْ لأَنْفي بِمَرْآهُ، ذاكَ الحَسَنْ،هُمُومًا دَهَتْني زَمانًا طَويلْ خُذُوني لأَقْضي بَقِيَّةَ عُمْريبِهِ بَيْنَ ميماسِهِ والدُّوَيْرْ لَعَلِّي أَنْسَى مَصائِبَ دَهْريإِذا ما أَتَيْتُ جِنانَ القُصَيْرْ خُذُوني إلى أَرْضِ حِمْصٍ صِحابيفإِنِّي بِها لا أَزالُ الوَلُوعْ وَقُولوا إِذا مِتُّ دُونَ إِيابِ:بَرَاهُ الحَنينُ وذَرْفُ الدُّمُوعْ
أمَّا الطبيعةُ فالوقفةُ معها طويلة، فلقد كان ندرة حدَّاد مفتونًا بها، مؤمنًا بمدى جمالها، يسحرُه التأمُّلُ فيها، ويتمنَّى أن يعيشَ دومًا في أكنافها، وأن ينهلَ من صفائها وبراءتها وعُذْريَّتها. ولذلك، فقد أمعنَ في وصفها، مثل عددٍ من شعراء المَهجر. وكان لغتُه في ذلك يَسِرة سهلة الوصول والفهم، فلم يتقعَّرْ في ألفاظه ولم يختر غريبَها. يطيلُ الشاعرُ النظرَ أمامَ زهرةٍ لفتت انتباهَه، فيطيب له الحديثُ إليها، وينسج في حضورها بعضًا من قصَّة حياته ونظرتِه للكون والإنسان؛ ولا يُخْفي من وراء ذلك بعضَ الضياعَ والتشتُّت اللذين يَعْصِفان به: يا زَهْرَةً لَعِبَتْ بِهاأَيْدِي الزَّمانِ القاسِيَة ما أَنْتِ وَحْدَكِ يا جَمي لةُ بَعْدَ عِزَّك ذاوِيَةْ إنِّي غَبَطْتُكِ بالذُّبُول كَما غَبَطْتُكِ زاهِيَة قَدْ أَطْرَبَتْني الطَّيْرُ نائِحَةً عَلَيْكِ وشادِيَةْ فَسَتَرْجَعينَ، وإِنْ ذَبُلْتِ، مَعَ الطَّبيعَةِ نامِيَةْ
يجلسُ الشاعرُ في لحظاتٍ تأمُّل، بَعيدًا عن ضجيج الحضارةِ الأمريكيَّة الصاخبة من حولِه، فيُخاطب الروضَ خِطابَ المُحبِّ الوالِه، ويُناجيه مناجاةَ المُتشوِّق الهائِم؛ ويُطيل النظرَ في تفاصيله، ويجد أنسَه فيه، ولا ينسى أن يشكو إليه ما يعتلجُ في نفسه من أنين وألم: بَيْني وَبَيْنَ الرَّوْضِ حُببٌ لا يَزولُ ولا يَبينْ قَدْ كانَ لي الخِلَّ الأمَينَ إذا جَفا الخلُّ الأَمينْ آَتيهِ مَعْصوبَ الجَبينِ فَأَنْثَني طَلْقَ الجَبينْ وَلى الخَريفُ فزُرْتُهُوَزِيارَتي دَيْنٌ وَدِينْ فبَدا أَمامي خاليًامِمَّا يُشَمُّ وَما يَبينْ لا نَسْمَةٌ، لا خُضْرَةٌ،لا زَهْرَةٌ، لا يَاسمَينْ إِلَّا هُناكَ «وُرَيْقَةٌ»تَحْكي بصُفْرَتِها الطَّعينْ خاطَبْتُها وخِطابُ مِثْلي دَمْعَةُ المُتَوَجِّعينْ
ومن شعره التأمُّلي قولُه مخاطبًا نفسه، التي كثيرًا ما خاطبها وبثَّ إليها ما يساوِرُه من شكوكٍ وآمال وآلام: يا نَفْسُ لَيْسَ النَّاسُ إلْلَا تائِهِينَ بِبادِيَةْ مُتَفَرِّقينَ مَضَوْا، فَكُلْلٌ مِنْهُمْ في ناحِيَةْ هذا فَتًى ذو هِمَّةٍيُدْنِي الأَماني القاصِيَةْ هَذا يَلِذُّ لَهُ المَسيرُ هَوًى وَراءَ الغانِيَةْ هذا تَطيبُ لَهُ السُّهُو ل، وذَاكَ يَهْوَى الرَّابِيَةْ وَسَيَنْتَهُونَ كَما انْتَهَى الششُعَراءُ عِنْدَ القافِيَةْ
وهو في مَعْرض تأمُّله يعودُ فيكرِّر استعدادَه للموت، وترحيبَه به؛ ويدعو إلى الوئام والألفة، وترك التَّنازُع والخصام: يا نَفْسُ ما لَكِ تَنْفُرينَ لَدَى افْتِكارِكِ بالنِّهايَةْ؟ أَجَهِلْتِ أَنَّ حَيَاتَنافي الكَوْنِ أَشْبَهُ بِالرِّوايَةْ؟ أَجْلى مَشاهِدِها عِداءٌ في البَسيطَةِ أَوْ جِنايَةْ وَالسِّلْمُ وَهْوَ أَحَبُّهاما بانَ إِلَّا بَعْدَ غايَةْ أَفَتُعْرضينَ عَنِ الحَقيقَةِ بَعْدَ تَمْثيلِ الغِوَايَةْ؟ إِنَّ التي تَخْشَيْنَ قُرْبَ وُصولِها بِنْتُ البِدايَةْ فَاسْتَقْبِليها غَيْرَ خائِفَةٍ فَما مِنْها وِقايَةُ فَلَعَلَّ دَوْرَ الحُبِّ يَظْهَرُ بَعْدَ أَدْوارِ السِّعايَةْ
وتخالطُ الحكمةُ فلسفةَ الشاعر، فهي كثيرةُ الوُرودِ في شعره، تأتي على شكل نصائح يُسْديها للآخرين أحيانًا، أو سياق قصائد أخرى: الوَرْدُ في كُرْسِيِّ أَغْصانِهِكَالمَلْكِ وَالأَوْراقُ شِبْهُ الخَفيرْ تَرُدُّ عَنْهُ الرِّيحَ، في عَصْفِها،ولَفْحَةَ الشَّمْسِ وَحَرَّ الهَجيرْ
ويرى الشاعرُ أَنْ ليسَ كلُّ لقاءٍ يبعث الحبَّ، فالحبُّ قد ينطلق أُوارهُ بالابتعاد وينهار باللقاء: فَقَدْ يَنْهارُ حُبٌّ في التَّلاقِيوَقَدْ يَقْوَى وَإِنْ سَتَرَتْهُ حُجْبُ
يلبِّي ندرة حدَّاد دعوةَ من يحبُّ، وليس للمُحبِّين إِلَّا أن يفعلوا ذلك؛ فالأماكن تجملُ بلقاء المُتَشاوِقين واجتماع المُتَآلفين: دَعاني مَنْ أُحِبُّ، وَكُلُّ نَفْسٍتُلَبِّي، إِنْ دَعاها، مَنْ تُحِبُّ وَأَجْمَلُ مَنْظَرٍ في الكَوْنِ رَوْضٌتَلاقَى عِنْدَهُ صَبٌّ وَصَبُّ أَرَى حِزْبًا يَسُودُ الحُبُّ فِيهِوَقَلَّ وُجُودُ حِزْبٍ فيهِ حُبُّ
وتختلطُ الحكمةُ لدى الشاعر بالزُّهْد، فهو لا يهتمُّ لما أَفْرزته الحضارةُ الحديثة والتقانةُ المتقدِّمة. إنَّ عيشًا هادئًا بلا ضجيج، ومَأْكلًا خفيفًا بسيطًا بلا أَرَق ولا هموم، ومأوًى عاديًّا متواضعًا، كلُّ ذلك هو من أَجلِّ أُمْنِياته: وَهَبْ ناجَيْتَ أَرْوَاحًا تَوارَتْفَأَدْرَكَ كُلُّ إِنْسانٍ مَقَرَّهْ فَلَسْتَ بِزائٍدٍ في الأَرْضَ شِبْرًاوَلَسْتَ بِزائِدٍ في التُّرْبِ ذَرَّةْ وَلَسْتَ بِمُنْقِصٍ، ما عِشْتَ دَهْرًاتُفَكِّرُ، مِنْ مِيَاهِ الكَوْنِ قَطْرَة وَلَسْتَ بكُلِّ ما أُوتِيتَ عِلْمًاتَضُمُّ إِلى شُعُورِ الرَّأْسِ شَعْرَةْ هَنِيئًا لِلأُلَى عاشُوا قَديمًاوأَفْضَلُ قُوتِهِمْ ماءٌ وكِسْرَهْ بِبَيْتٍ تَخْفِقُ الأَرْيَاحُ فِيهِوكُلُّ أَثاثِهِ طاسٌ وجَرَّةْ فَفِي تِلْكَ المَعيشَةِ كُلُّ هَمٍّوفي هَذي السَّعَادَةُ والمَسَرَّةْ
بلى، لقد كان الشاعرُ زاهدًا في الدُّنيا، غيرَ مَفْتونٍ بها، يطيب له أن يُعدِّدَ همومَها ويعرِّض فيها: وَما هِيَ الدُّنْيَا، وَما نَفْعُهاوكُلُّ ما فيها مُمِلٌّ حَقيرْ هذا عَليلٌ لا يُرْجَّى لَهُبُرْءٌ، وذا مُنْذُ صِباهُ ضَريرْ وَذا على أَمْوالِهِ خائِفٌوَذاك لا يَمْلِكُ شَرْوَى نَقيرْ وَذي فَتاةٌ خانَها دَهْرُها،في إِلْفِها، تَبْكي بِدَمْعٍ غَزيرْ وتِلْكَ أُمٌّ في اللَّيَالي غَدَتْسَهْرانَةً تَحْنو على ابنٍ صَغيرْ إِنْ نامَ نامَتْ، إِنَّما خِلْسَةًوقَلْبُها اليَقْظانُ حَوْلَ السَّريرْ
لم تخلُ بعضُ قصائد ندرة حدَّاد من الأسلوبِ الخطابي المباشر، سواءٌ في شعره الذي ألقاه في المناسبات أو غيرها. ومن ذلك قولُه: ظَلَلْتُ أَمْشي تائِهًا لا أَعِيحَتَّى رَأَتْ عَيْنايَ ماءَ الغَديرْ فَمِلْتُ والإِنْسانُ مِنْ طَبْعِهِيُسَرُّ بالماءِ وَسَمْعِ الخَريرْ إلى مَكانٍ تَحْتَ صَفْصافَةٍتَبْدو لَنا كالخائِفِ المُسْتَجيرْ جَلَسْتُ فَوْقَ المَرْجِ في ظِلِّهافَخِلْتُنِي في مَقْعَدٍ مِنْ حَريرْ أَميلُ إِنْ مالَتْ إِذا هَزَّها،مِنْ جانِبِ الوَادي، الهَواءُ الكَثيرْ فَدَبَّ في القَلْبِ حَنينٌ إلىجَمالِ سُوريَّا العَديمِ النَّظيرْ
وهنا يتَّضحُ الأسلوبُ المباشر في النَّظْم رغم ما في هذه الأبيات من دقَّة الوصف ومنطِق الحكمة: وَإذا مِتُّ بِأَرْضٍتُخْرجُ القَوْمَ الأُسُودا تَدْفَعُ الأَبْناءَ في المَجْدِ إِلى الحَرْبِ جُنُودا وإِذا مَاتَ مَنْهُمْبَطَلٌ كانَ شَهِيدا تَبْذُلُ المالَ فيَغْدُولِلَّظَى الحَرْب وَقُودا تَجْعَلُ الإِنْسانَ حُرًّاطارِحًا عَنْه القُيُودا تُكْرِمُ العَالمَ حَيًّا ثُمَّ تَبْكيهِ فَقيدا تُبْغِضُ الظَّالِمَ في الحُكْمِ ولَوْ كانَ عَميدا تُكْرِمُ الضَّيْفَ وتَرْعىلِنَزيلِيها العَهُودا فانْدُبُوني أَنا مَنْ يَهْوَى على الأَرْضِ الخُلودا
ومِثْلُ ذلك قولُه: أَنا إِنْ مِتُّ بِأَرْضٍماتَتْ الأَحْرارُ فِيها وَقَضَى في الذَّوْدِ عَنْهالُّ شَهْمٍ مِنْ بَنيها وَرَأَيْتُمْ كُلَّ غِرٍّبَعْدَهُمْ صارَ فَقيها وَقَليلَ الفَهْمِ وَالإِدْراكِ يَغْتابُ النَّبيها وَذَوي الأَمْوَال وَالأَمْلاكِ يَخْتالُونَ تِيها وَفَقيرَ الحالِ مَنْبُوذًا ولَوْ كانَ نزيها
أمَّا قَصيدتُه المُطوَّلة «الرَّاهِبة»، فمنهم من رآها غايةً في الروعة ومن الفرائد في الدِّيوان، ومنهم مَنْ عدَّها من أضعف قصائِده في ديوانه «أوراق الخريف»، حيث يقول عيسى الناعوري عنها: «ونظمَ ندرة حدَّاد قصَّةً شعريَّة طويلة بعنوان «الرَّاهِبة» تقع في 110 أبيات بوزنٍ واحد وقَوافٍ متعدِّدة… غيرَ أنَّ الصِّياغةَ الشعريَّة في هذه القصيدة الطويلة لم تكن موفَّقة، فقد كانت عباراتُها ركيكةً مُهَلْهَلة». وهذا يدلُّ على أنَّ النقَّادَ قد لا يتَّفقون في الحُكْم على الشِّعر، فمثلُ هذا هو خلافٌ عميق في الرؤية وليس مجرَّد تفاوتٍ بسيط. هكذا كان الشاعرُ نَدْرة حدَّاد مرآةَ عصره، وصورةً للرابطة القلميَّة في نيويورك التي مثلَّت أدباء المهجر الشِّمالي خيرَ تمثيل، لكنّه تفرَّد في أشياء خاصَّة به. ومع أنَّه لم يخرج عن نطاق القصيدة العربية خروجًا سافرًا، إلَّا أنَّه صبغَ شعره بصبغةٍ جديدة نادى من خلالها إلى الحبِّ والسَّلام، ووقف متأمِّلًا في خلق الله، فعبَّر خيرَ تعبير عن جَمال الطبيعة وسحرها، عن خبايا نفوس البشر وطَوَاياهم، فجاء شعرُه جديدَ المَضْمون والمُحْتَوى، قديمَ البناء نسبيًا.
حياتُه وسيرتُه
وُلدَ نَدْرة حَدَّاد، شاعرُ العاصِي، في 30 تشرين الأوَّل/أكتوبر سنةَ 1881 م في مدينةِ حِمْص السوريَّة، وسطَ البلاد. وهو من أسرة حمصيَّة عريقة ومعروفة في المَدينة. تلقَّى عُلُومَه الأولى في المَدْرسَةِ الأرثوذكسيَّة. وقد كان قبلَ هجرتِه شابًّا ظريفًا يعمل في دائرةِ قَلَم المال بحِمْص، كما ذكر شقيقُه عبد المَسيح في جريدتِه «السَّائِح». تصف المصادر نَدْرة حَدَّاد بأنه كان «طويلَ القامة، ممتلئَ الجسم، هادئَ الحركات، خافتَ الصَّوْت، خَجُولًا، طيِّب القلب، طاهرَ السَّريرة، وفيًّا، مستقيمًا، رقيقَ العاطفة، يغلبُه شعورُه وتخنقُه عبراتُه ويرتجف صوتُه عندَ إلقائه قصائد الرثاء أو الحنين». هاجر نَدْرة حَدَّاد إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في 26 كانون الأوَّل/ديسمبر سنة 1897م، وهو بعمر 17 عامًا؛ وأقامَ في مدينة نيُويُورك يتعاطى التجارَة في بادئ الأمر، قد طوَّف البلاد، قبلَ أن يعودَ ويستقرَّ فيها. ولكنَّه لم ينسَ مُيُولَه إلى ميدان الأدبِ والصِّحافة، فأخذ ينظمُ الشِّعر، وكان يساعد شقيقَه الأديب عبد المسيح حَدَّاد في تحريرِ جَريدة السائح المَهْجريَّة، حيث عملَ رئيسَ تَحْريرٍ لها لسنواتٍ قبلَ أن ينتقلَ للعمل في أحدِ البُنوك. ولكن، كانت تأتي عليه أوقاتٌ لا ينظمُ فيها الشعرَ إِلَّا لِمامًا، حَتَّى أصبحت قصائدُهُ أَشْبهَ بالحَوْليَّات. تزوَّج نَدْرة حَدَّاد من هَدْبا حدَّاد، وأَنْجَبَ منها وليَم ورُوبرت وجوزيت. تُوفّي ندرة حدَّاد مساءَ يوم السبت 27 مايو/أيَّار سنة 1950 م، وكان ذلك فجأةً خلال حَفْلة عرس بعد أن أنشدَ فيها شعرَ التَّهاني، حيث ألقى قصيدتَه الأخيرة «آمنتُ بالحبّ»، وشعرَ بعدها بضيقٍ في التنفُّس ألزمَه الجلوسَ ليُفارقَ الحياةَ بعدَ ذلك بوقتٍ قصير جدًّا.
شرح مبسط
نَدْرة حَدَّاد (30 أكتوبر 1881 - 27 مايو 1950) هو شاعرٌ مَهجري حمصي، كان قد اختارَ مدينة نيُويُورك موطنًا لعَيْشِه وأدبه. كان أيضًا يُساعد شقيقَه الأديب عبد المسيح حَدَّاد في تحريرِ جَريدة السائح المَهْجريَّة. تصفه المصادر بأنه «طويلَ القامة، ممتلئَ الجسم، هادئَ الحركات، خافتَ الصَّوْت، خَجُولًا، طيِّب القلب، طاهرَ السَّريرة، وفيًّا، مستقيمًا، رقيقَ العاطفة، يغلبُه شعورُه وتخنقُه عبراتُه ويرتجف صوتُه عندَ إلقائه قصائد الرثاء أو الحنين».[1]
شاركنا رأيك
التعليقات
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا
أقسام شبكة بحوث وتقارير ومعلومات عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع [ تعرٌف على ] ندرة حداد # اخر تحديث اليوم 2024-03-29 ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 10/11/2023