شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
تجربة هيدر2
اليوم: الخميس 18 ابريل 2024 , الساعة: 2:35 م


اخر المشاهدات
الأكثر قراءة
اعلانات

مرحبا بكم في شبكة بحوث وتقارير ومعلومات


عزيزي زائر شبكة بحوث وتقارير ومعلومات.. تم إعداد وإختيار هذا الموضوع المدح في العصر العباسي # اخر تحديث اليوم 2024-04-18 فإن كان لديك ملاحظة او توجيه يمكنك مراسلتنا من خلال الخيارات الموجودة بالموضوع.. وكذلك يمكنك زيارة القسم , وهنا نبذه عنها وتصفح المواضيع المتنوعه... آخر تحديث للمعلومات بتاريخ اليوم 18/10/2023

اعلانات

المدح في العصر العباسي # اخر تحديث اليوم 2024-04-18

آخر تحديث منذ 6 شهر و 2 يوم
1 مشاهدة

موضوعات المدح في العصر العباسي


كيف اختلفت الموضوعات في العصر العباسي عنها في العصور السابقة؟

المدح هو غرض قديم، ويعدُّ من أبرز الأغراض الشعريّة منذ بدء العصر الجاهليّ، وقد نال عناية فائقة سواء من الشعراء أم المتلقّين، فأصبح نصيبه هو الأوفر من النّتاج الشعريّ العربيّ، وقد كانت غاية الشعراء من شعر المدح مُختلفة، كما وتحدّد حسب مقصد الشاعر ولكن أبرزها كان يصبُّ فيما يلي:
مدح الخلفاء والوزراء
لقد كثرت الشخصيّات المُهمّة للملوك والخُلفاء والوزراء الذين استدعاهم الشعراء العباسيّين في شعرهم، فمن خلال القصيدة التي ينظمها الشاعر لمدح ممدوحه يشيد بخصاله الحميدة والنّسب الأصيل الذي ينتمي إليه، ولعلّ هذا المديح كان من المُمكن أن يزيد هيبة السّلطة ووقارها في أعين الناس فيتحقّق الخوف والاستسلام وعدم العصيان.

قال المتنبي مادحًا سيف الدولة الحمداني:
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرى جَسَدي

وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ

فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ

وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ

وَكانَ أَحسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ

في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ

قال البحتري مادحًا المتوكل:
لي حبيبٌ قد لجَّ في الهجر جدَّا

وأعاد الصُّدود منه وأبدَى
ذو فُنون يريك في كل يوم

خلقًا من جفائه مستجدَّا
يتأبَّى منعًا، وينعم إسعا

فًا، ويدنو وصلًا، ويبعد صدَّا
أغتدي راضيًا، وقد بتُّ غضبا

نَ، وأمسي مَوْلًى، وأصبح عبدًا
وبنفسي أفدي على كل حال

شادنًا لو يمس بالحسن أعدَى
مر بي خاليًا فأطمع في الوصـ

ـل وعرَّضتُ بالسلام فردَّا
وثنى خده إليَّ على خو

ف فقبلتُ جلنارًا ووردا
سيدي أنت، ما تعرضت ظلمًا

فأُجَازى به، ولا خنتُ عهدَا
رقَّ لي من مدامع ليس ترقا

وارث لي من جوانح ليس تهدَا
أتُراني مستبدلًا بك ما عشـ

ـتُ بديلًا، أو واجدًا منك ندَّا
حاشَ لله أنت أفتن ألحا

ظًا وأحلى شكلًا وأحسنُ قدَّا
المديح النبوي
وهو المدح الذي اهتمّ بالرّسول -عليه الصلاة والسلام- من خلال ذكْر صفاته ومناقبه وإظهار الشوق إلى رؤيته بالإضافة إلى زيارة الأماكن المُقدّسة التي ارتبطت بحياته، وقد مدح الشّعراء من خلال شعرهم آل البيت، وهذا النّوع من المدح هو الذي سار عليه شعراء كُثر من أمثال الكُميت والفرزدق ودعبل الخزاعي والشريف الرضي، فأشادوا بالنبيّّ -عليه الصلاة والسلام- وبغزواته وصفاته وبآل البيت الكرام .يقول الشاعر البوصيري في مدح النبيّ عليه السلام:

مُحَمَّدُ سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ والثَّقَلَيْنِ

والفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلاَ أَحَدٌ

أبَّرَّ فِي قَوْلِ لا مِنْهُ وَلا نَعَمِ
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ

لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دَعا إلى الله فالمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ

مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ
فاقَ النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ

وَلَمْ يُدانُوهُ في عِلْمٍ وَلا كَرَمِ
وَكلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ الله مُلْتَمِسٌ

غَرْفًا مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
مدح المدن
من نواحي التّجديد في فنّ المدح في الشّعر أنّه لم يقتصر المدح على الرجال بل تعدّاه إلى مدح المدن والتعصُّب لها، بالإضافة إلى تعداد محاسنها، ومن أبرز المُدن التي ذُكرت في مدائح الشعراء؛ الكوفة والبصرة وبغداد، على اعتبار أنّها المراكز الأساسيّة للحياة الفكريّة والاجتماعيّة ، يقول عمارة بن عقيل في مدحه لمدينة بغداد:

أعاينتَ في طول مِنَ الأرض والعرضِ

كبَغدَاد دارًا إنها جنة الأرضِ
صفَا العيشُ في بغداد واخضَرَّ عودُهُ

وعيش سواها غير صافٍ ولا غضِّ

شعراء المدح في العصر العباسي


لقد تميّز بشعر المدح شعراء كثر، فمن هم أبرزهم؟

لقد خاض عدد من الشّعراء بشعرهم تجربة شعر المدح الذي كان غرضًا بارزًا من أغراض الشعر في العصر العباسيّ، فكان الشّاعر العباسيّ يحرص كلّ الحرص على رسم الخصال الرفيعة فضلًا عن الكثير من القيم المُثلى في مَمدوحه، وقد تجلّى ذلك في شعر العديد من الشعراء، وفيما يلي يمكن ذكر أبرزهم.
أبو تمام
هو حبيب بن أوس الطائي المعروف باسم أبي تمّام، يعدّ من أبرز الشعراء العباسيّين، وقد نظم شعرًا قويًّا وجزلًا تغلُب عليه المعاني المخترعة ويظهر فيه نَفَس التجديد في الشّعر، ولد الشاعر أبو تمّام في إحدى قرى سوريا لأبوين مسيحيين ودخلا إلى الإسلام فيما بعد ثم ارتحل إلى مصر، واستقدمه الخليفة المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقام بتقديمه على جميع شعراء عصره، وظلّ مقيمًا بالعراق حتى توفي فيها، ومن المعروف أنّ أبا تمام يعدّ من فحول شعراء العصر العباسي إلى جانب المتنبي والبحتري.

له العديد من المؤلفات والتصانيف منها: ديوان الحماسة ونقائض جرير والأخطل وفحول الشعراء،، وقد تجلّى المدح في شعر أبي تمّام حيث أنّه آخى بين شعر المدح وشعر الحرب، مُقدّمًا بهذا نموذجًا مُتميّزًا من الشّعر الأصيل.

لقراءة المزيد عن الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: من هو أبو تمام.

المتنبي
على هذا النسق، فقد مضى الشّاعر المُتنبي بعد عدّة قرون من الزّمان يُشيد بالانتصارات العديدة التي حقّقها سيف الدولة الحمدانيّ، فراح يمدحه في قصائده ويُثني على شجاعته في معاركه المظفّرة ضدّ دولة الروم، فالمدح عند المتنبي كان فنًّا يُعشق ولّد فيه الكثير من المعاني الفطريّة، فعمل على ابتكار موضوعات أخرى في المَديح؛ كَمدحه للخيل واللّيل وكلاب الصيد، فضلًا عن مدحه لنفسه.

المتنبي هو أبو الحبيب أحمد بن حسين بن الحسن المعروف بالمتنبي، وُلد في مدينة الكوفة بالعراق، ويعدّ من فحول الشعراء في العصر العباسي، تميّز شعره بالنمط المنمّق بالإضافة إلى المعاني العميقة والمؤثّرة، وقد اكتسب المُتنبّي أهمية فائقة تجاوزت حدود زمانه ومكانه فلم يكن مجرّد شاعر، بل كان يمتلك شخصية تميّزه عن غيره لما يملكه من الفصاحة والبلاغة التي لم يملكها غيره، ولا يزال المتنبي حتى هذه اللحظة مصدر إلهام للعديد من الأدباء والشعراء.

لقراءة المزيد عن الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: نبذة عن المتنبي.

أبو نواس
هو الحسن بن هانئ الحكمي، وكنيته أبو نواس ، لُقب هذا الشاعر بشاعر الخمر، كما ويعدّ من أبرز الشعراء العباسيّين الذين اشتهروا بالمدح، ولد في خورستان ووالدته فارسية أمّا والده فهو دمشقيّ، قضى معظم فترات حياته في العراقن، حيث اشتهر بمجونه وولعه الشديد بالخمر، وقد ملَك أبو نواس ناصية الأدب وهو في عمرٍ صغيرٍ، فجعله هذا القدر من العلم يطمح إلى الذهاب إلى مدينة بغداد التي كانت في ذلك الوقت عاصمة أساسية للخلافة ومحطّ آمال الشعراء وطموحاتهم، فذهب إليها ومدح الخليفة هارون الرشيد لينال بذلك مكانة مرموقة عنده، بالإضافة إلى أنّه مدح البرامكة والخصيب بن عبد الحميد العجمي.

ممّا يُعرف عن أبي نواس أنّه كان كثير الاطلاع وغزير المعرفة، مُلمًّا بعدد وفير من العلوم، وهذا ما جعله يتناول في شعره معظم الأغراض الشعرية، من مدح ورثار وهجاء وعتاب وغزل، إلّا أنّ كثرة حديثه عن الخمر ووصفه لها في أشعاره أكثر ما تميّز به، حتّى أنّه لُقّب بشاعر الخمر.

لقراءة المزيد حول الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: مظاهر التجديد في شعر أبي نواس.


بشار بن برد
هو بشار بن برد العقيلي، وكنيته أبو معاذ، فارسيٌّ أصله، وقد ولد الشاعر بشار بن برد أعمى في البصرة، حيث كان ضخمًا وطويلًا، سيء الخلق، كريه المنظر، بذيء الكلام، خليعً وماجنًا ومتعصّبًا للفرس، نشأ الشّاعر العباسيّ بشّار بن برد في الدولة العباسيّة، ونضج لسانه واستوى على الّلغة الفصحى، فنظم أشعاره في عمر مبكّر، واتخّذ المدح في أشعاره وسيلة لكسب المال، فيما كان الخلفاءُ والوزراءُ يَهتمّون بالشّعر والمديح، فكان بشار بن برد من أكثر الشعراء تقرُّبًا من الخلفاء لنيل العطايا والهدايا وكسب المال.

امتاز بشار بن برد بوفرة الشعر الذي نظمه في مختلف الأغراض الشعرية من فنون المدح والغزل والحكم والفخر والرثاء وغيرها، إلّا لأنّه لم يكن له ديوان شعري مجموع على كثرة القصائد التي نظمها.

لقراءة المزيد عن الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: نبذة عن بشار بن برد.

البحتري
وُلِد الشاعر البحتري في أوائل القرن الثالث الهجري، ويعدّ من أشعر شعراء العصر العباسي، حيث اتّصل بأبي تمام، فكان شاعرًا محبوبًا قريبًا إلى نفوس الناس الذين قرأوا أشعاره، وقد تركّز شعره على الألفاظ الوعرة والاستعارات الغريبة، بينما كان متجنّبًا للتعقيد في شعره، كما كتب العديد من القصائد الشعرية في الرثاء والمدح، إلّا أنّ أكثر قصائده كانت في الوصف، ومن أبرز قصائده في المدح، القصيدة التي مدح فيها المتوكّل حيث تُركز معظم شعره فيها على ذكر صفات ممدوحه بشكل مبالغ به، وعلى الرغم من ذلك فقد امتاز شعره بالجمال والبساطة والسهولة، وإلى جانب المتوكل فقد مدح كذلك المستعين والمنتصر.

سمات شعر المدح في العصر العباسي


كانت تُحرّك الشّعراء في قصائد المدح في العصر العبّاسيّ الرّغبة في الحصول على الجوائز الماليّة، التي يغدقها عليهم الممدوحون، وهو ما نجده واضحًا في أخبارهم معهم، فقد كان شعر البحتريّ في المديح أجود منه في الرّثاء، فسئل عن ذلك، فقال: "المديح للرّجاء، والرّثاء للوفاء، وبينهما بُعد"، فضلًا عن أنّ التّنافس الشّديد بين الشّعراء كان وكأنّه الحصول على الجوائز العظيمة، التي كان الممدوحون يَجودون بها عليهم، بل ويتنافسون فيما بينهم بكثرة ما يُعطون للشعراء، ومن هنا غلب على المديح الطّابع التّكسّبي، فضلًا عن سمات أخرى يمكنُ إجمالُها كالآتي:
غَلَبة المقدِّمات الغزليّة، والطّابع الغالبُ عليها هو الغزل العفيف؛ بسبب الوسَط الذي قيلت فيه، وقد ظهرت مقدّمات جديدة مثل وصف السّفن ووصف مظاهر الحضارة والعمران والقصور والحدائق، كما ظهرت مقدّمات الشّكوى من الدّهر في شعر أبي تمّام في العصر الأوّل، والمتنبّي في العصر الثّاني، أمّا مَطالعُ القصائد فقد جاءت مصرّعة إلّا ما ندَر من القصائد التي ابتدأت بوصف القصور.
غَلبة الطّابع التّكسّبي، إذ يصرّحُ الشّاعر بالسّؤال من الممدوح واستجدائه، وفيها يبرزُ التّكلّف والتذّلّل.
ظهورُ مدح المدن وبيان محاسنها وتَعداد فضائلها ومآثرها.
ومن سمات المدح في العصر العبّاسيّ الملاءمة بين الصّفات والموصوفين.
طرأ تغيّر على الرّحلة، فلم تعد تقتصر على النّاقة بل شملت الرّحلة البحريّة أيضًا.
طرأ تغيّر على الصّورة الشّعريّة، إذ فأصبحت مركّبة بعد أن كانت بسيطة، وإيحائيّة بعد أن كانت واضحة، ومبتكرة بعد أن كانت تعتمد في كثير من الأحيان على المقارنة بين الشّخص الممدوح وأعدائه.
قلّة التّجديد والاقتداء بالقديم مراعاةً للضّوابط التي وضعها النّقاد للقصيدة الجيّدة.
امتزاج المديح بالسّياسة، ممّا أدّى إلى غلبة الاحتجاج العقليّ فيه لتأكيد أحقيّة الممدوح بالخلافة أو الإمارة أو غيرها.
ندرة المديح النّبويّ، واقتصاره على الفقهاء والزّهاد.
اختلف أنموذج الحوار مع الزّوجة بين الشّعر الجاهليّ والشّعر العبّاسيّ في بعض الأحيان؛ إذ كانت المرأة تحاول منع الشّاعر من الرّحيل خوفًا عليه من الموت في العصر الجاهليّ، في حين تحثّه عليه رغبة في كسب المال في الشّعر العبّاسيّ، وقد كان ذلك الحوار موضوعًا من موضوعات قصيدة الفخر في الشّعر الجاهليّ، فأصبح موضوعًا من موضوعات المديح في الشّعر العبّاسيّ.

المدح في العصر العباسي


اختلفتِ البيئة الثقافيّة والاجتماعيّة في العصر العبّاسيّ، وكان التّطوّر والتّغيّر هو السّمة المميِّزة لهذا العصر، فبلغَ هذا التّطوّر أوجهَ قوّتِه، وشمل مجمل مناحي الحياة، وانعكس هذا الأمر على الحالة الأدبيّة والشّعريّة السّائدة في ذلك العصر، وبدأ التّجديد في الأغراض الشّعريّة القائمة، وظهرت أغراض شعريّة جديدة، فإذا ما كان الشّاعر يرسم في مدحته صورة أخلاقيّة مثاليّة للممدوح، فإنّ الشّاعر في العصر العبّاسيّ بدأ يلجأ لتجسيم هذه الصّورة، لا لرسمِها فحسب، بل لتصبح كأنّها تماثيل قائمة نُصبَ أعين النّاس، كي يحتذوها، ويحوزوا لأنفسهم مجامع الحمد والثّناء.

والشّعر في العصر العبّاسيّ أخذ تدريجيًّا طابع الرّسم، فقد وضح فيه عنصرا الزّمان والحركة وتدرّج اللون والإحساس بالزّمن والإيقاع، وإلى قضيّة التّعبير عن قضيّتَيْ الجمال والقبح معًا، ونظرًا لطبيعة الحياة وما طرأ عليها من تطوّر ورُقيّ، لجأ الشّاعر إلى تأنيق اللّفظ، وترصيع المعاني، ولعلّ لطبيعة العصر أثرًا حاسمًا في نزوع الحساسيّة الشّعريّة إلى التّأنق في العبارات والتّدقيق في المعاني.


وللحياة السّياسيّة دورُها البارز في إذكاء روح قصيدة المدح في هذه الفترة، فجاءت معزّزة للقيم السلوكيّة السّليمة، التي لا بدّ أن يسير عليها الحاكم أو الخليفة من عدل وتقوى وجهاد وغيرها، وهذه الصّفات ألحّ عليها الشّعراء في قصيدة المدح؛ لأنّها مطلب من مطالب الحكم الرّشيد، فالشّاعر يعبّر عن رؤية إسلاميّة وأخلاقيّة ثابتة لا تتغيّر بتغيّر الخليفة أو الحاكم، كما كان للثّورات المتعاقبة دورها في نموّ هذا الغرض، سواء أكانت الحروب والثّورات الدّاخليّة أم الخارجيّة، فأخذت قصيدة المدح تسجّل الانتصارات والأحداث وتسبّب ما كان فيها من بطولة إلى الممدوح، كما شاعت في هذا العصر فكرة المواءمة بين الممدوح وصفات المدح، بمعنى اختيار معاني المدح التي تناسب عمل الممدوح ووظيفته.

شواهد شعرية من العصر العباسي


كان الإنتاجُ الأدبيّ في العصر العبّاسيّ زَخمًا؛ فقد ظهرَ العديد من الشعراء ممّن انبرت أشعارهم في خدمة الفنّ والجمال، كيف وقد رأى بعضهم في الشعر حلًّا جماليًا لهذه الحياة، ورى آخرون فيه مُتَنفَّسًا جيّدًا من كابوس الوجوديّة، وفيما يأتي شواهد عباسيّة يعبّر كلٌّ منها عن إحدى سمات الشعر في ذلك العصر:

قال أبو دلامة يمدح المنصور في أبياتٍ حِواريّة:
لا والذي يا أمير المؤمنين قضى

لكَ الخلافةَ في أسبابها الرّفعُ
ما زلتُ أخلصُها كسبي فتأكلُّه

دوني ودونَ عيالي ثمّ تضطجعُ
ذكّرتُها بكتاب الله حرمتنا

ولم تكن بكتاب الله ترتجعُ
فَاخْرَنْطَمَتْ ثمّ قالت وهي مغضبة

أأنت تتلو كتابَ الله يا لكعُ!
أخرجْ تبغِ لنا مالًا ومزرعةً

كما لجيراننا مالٌ ومزدرعُ
واخدعْ خليفتنا عنّا بمسألةٍ

إنّ الخليفةَ للسّؤال ينخدعُ
قال عليّ بن جبلة يمدح حميد بن عبد الحميد الطّوسيّ مُلائمًا بينَ صفات المدح وممدوحِه:
بطاعةِ اللهِ طلتَ النّاسَ كلّهم

ونصحُ هادِ أمينِ الملكِ مأمونُ
حميدٌ يا قاسمَ الدّنيا بنائلةٍ

وسيفُهُ بينَ أهلِ النّكثِ والدّينِ
أنتَ الزّمانُ وقدْ يجري تصرّفُهُ

على الأنامِ بتشديدٍ وتليينِ
لو لم تكنْ كانتْ الأيّامُ قدْ فنيتْ

بالمكرماتِ وماتَ المجدُ مذْ حينِ
قال البحتريّ يمدح ابن الفرات في أبياتٍ يغلبُ عليها الطابعُ التكسّبي:
مَنْ مُعِيني منكمْ على ابنِ فُرَاتٍ

وَمُجازَاةِ مَا أنَالَ وَأسْدَى
يَعْجِزُ الشّعْرُ عنْ مجاداةِ خِرْقِ

أرْيَحيّ، إذا اجْتدَيْنَاهُ أجْدَى
كُلّما قُلْتُ أعْتَقَ المَدْحُ رِقّي

رَجّعَتْني لَهُ أيادِيهِ عَبْدا
يقول عمارة بن عقيل يمدح مدينة بغداد:
أعاينتُ في طولٍ من الأرضِ والعرضِ

كبغدادَ دارًا إنَّها جنّةُ الأرضِ
صفا العيشُ في بغدادَ واخضرَّ عودُهُ

وعيشٌ سواهُ غيرُ صافٍ ولا غضِّ
تطولُ بها الأعمارُ إنَّ غذاءَها

مريءٌ وبعضُ الأرضِ أمرأُ من بعضِ
يقول أشجع السّلمي يمدح الرّشيد:
قَصرٌ عَلَيهِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ

نَثَرَت عَلَيهِ جَمالَها الأَيّامُ
فيهِ اِجتَلى الدُنيا الخَليفَةُ وَاِلتَقَت

لِلمُلكِ فيهِ سَلامَةٌ وَدَوامُ
قَصرٌ سُقوفُ المُزنِ دونَ سُقوفِهِ

فيهِ لِأعلامِ الهُدى أَعلامُ

لقراءة المزيد عن الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: من هو البحتري.
شاركنا رأيك

 
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا

أقسام شبكة بحوث وتقارير ومعلومات عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع المدح في العصر العباسي # اخر تحديث اليوم 2024-04-18 ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 18/10/2023


اعلانات العرب الآن