تم النشر اليوم 2024/06/06 | قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام.. 10 دروس مستفادة

نجاة ابراهيم من النار

أمر الملك النمرود بحبس إبراهيم عليه السلام في بيت، وبنوا بنيانا (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) سورة الصافات، ثم جمعوا له الحطب الكثير حتى إذا مرض شخص من عباد الأصنام نذر أنه إذا ذهب عنه المرض ليشترين حطباً لتكون ناراً يحرق بها إبراهيم، وقد نقلت الدواب الحطب لحرق ابراهيم عليه السلام أربعين يوماً، فلما أشعلت النار ارتفعت ألسنتها في عنان السماء بحيث تحترق الطير التي تقترب من ألسنتها في الهواء، ثم أخذوا إبراهيم عليه السلام ووضعوه في منجانيق مقيداً مغلولاً، فنادى أهل السماء من الملائكة أهل الأرض من غير الثقلين (أي من غير الإنس والجن) ربنا ليس في أرضك أحدا يعبدك غير ابراهيم وذلك مصداقاً لقوله تعالى في سورة النحل: ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)).حتى قيل أن جبريل عليه السلام قد استأذن الله عز وجل لينزل إلى ابراهيم عليه السلام وهو طائر بعد أن تم إطلاقه من المنجانيق صوب النار فقال لإبراهيم عليه السلام هل لك حاجة، فقال إبراهيم عليه السلام: أما إليك فلا، حسبي من سؤالي علمه بحالي.فكان اعتصام ابراهيم عليه السلام بالله وحده حتى اللحظة الأخيرة، وسبحانه لا يسبقه سابق فقال تعالى أمره الكوني: يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم، حتى قيل أن نار الأرض فقدت خاصية الحرق حينها، ولولا كلمة سلاماً لمات ابراهيم عليه السلام من بردها.وجاء في التفاسير لقوله تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69)) سورة الأنبياء، كما كانت النار لا تؤذي إبراهيم عليه السلام في الدنيا بأمر من الله، كذلك فإن نار الآخرة لا تؤذي المؤمن، إذ تقول للمؤمن قد أطفأ نورك لهبي.وقد ذكرت الأخبار والتفاسير أن مدة بقاء إبراهيم عليه السلام كانت أربعين يوماً، كما كانت مدة تجميع الحطب لإحراقه، وقالت أخبار أخرى أنها كانت ثلاثة أو سبعة ايام.وقد عاش ابراهيم عليه السلام هذه الايام أطيب أيام عاشها، فكانت نار النمرود جنة الله، كما ستكون نار الدجال جنة الله قبل قيام الساعة، وقد بعث الله ملك من الملائكة هو ملك الظل في صورة شبيه لإبراهيم عليه السلام، فقعد إلى جانب إبراهيم يؤنسه، واتاه جبريل بقميص من حرير الجنة (ولعله القميص الذي ارتداه يوسف عليه السلام ورده على ابيه فارتد بصيرا)، ولم تحرق النار سوى الأوثاق من الأغلال والقيود التي كانت عليه، وقال جبريل عليه السلام لإبراهيم: يا إبراهيم ان ربك يقول: أما علمت أن النار لا تضر أحبابي، نظر النمرود فأطلع على إبراهيم عليه السلام فرآه جالسا في روضة ورأى الملك قاعدا بجانبه والنار تحرق الحطب من حوله فناداه النمرود فقال: يا ابراهيم هل تستطيع أن تخرج منها؟ قال: نعم، قال النمرود قم فاخرج، فقام يمشي حتى خرج منها، فلما خرج قال له النمرود: من الرجل الذي رأيته معك في صورتك، فقال ابراهيم: ذلك ملك الظل أرسله ربي ليأنسني فيها فقال له النمرود: إني مقرب إلى ربك قرباناً لما رأيت من قدرته، فإني ذابح له أربعة آلاف بقرة فقال ابراهيم عليه السلام: لا يقبل منك ما دمت على دينك، فقال النمرود لا استطيع ترك ملكي ولم يفصل النمرود بين المُلك ودعوى الربوبية، ومع ذلك ذبحها كما قال وكف اذاه عن ابراهيم عليه السلام، وقد جاء في التفسير أن النار بأمر الله زال عنها ما فيها من الحر والإحراق وبقى فيها الإضاءة وجاء أن لله تعالى جعل في جسم إبراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار إليه كما هو حال خزنة جهنم في الآخرة، وقد طلبت أم ابراهيم أن يدعو الله لها فتدخل معه النار لتنعم معه فدعا لها إبراهيم فآمنت ودخلت وتنعمت معه مدة بقائه في هذه النار وقالوا: لولا قول الله على ابراهيم لكان برد النار باقياً إلى الأبد، ولولا كلمة سلاماً لكان بردها أشد من حرها.وكان عمر إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار ٢٦ عاماً.ولم يبق في الأرض من كائنات دون البشر إلا ويطفئ النار عن إبراهيم، إلا الوزغ، فإنها كانت تنفخ عليه (أي لتزيد من النار عليه) فلذلك أمر، وقال قتادة: كانت الضفدع تطفئ النار عن ابراهيم وكانت الوزغ (أي البرص) تنفخ عليه، ونهانا عن قتل الضفدع وأمرنا بقتل الوزغ ولو كانت في جوف الكعبة و سماها فويسقاً، وكانت أول كلمات نطق بها ابراهيم حين ألقي في النار: حسبنا الله ونعم الوكيل، وقد سبق نزول جبريل عليه السلام إلى الأرض وتحويله الأرض التي فيها إبراهيم داخل النار إلى روضة وجنة، سبقه طلب ملك من الملائكة هو خازن المطر فاستأذن الله أن يرسل المطر ليطفئ هذه النار، لكن أمر الله كان أسرع للنار فجعلها متوجهة لتكون آية من آيات الله، وقد خسف الله الأرض بالرجل الذي أشار على النمرود بحرق إبراهيم عليه السلام فهو يتعذب فيها إلى يوم القيامة.ومن النداءات الكونية التي دارت بين المخلوقات والخالق حين قذف إبراهيم بالمجانيق نحو النار قالت السماء والأرض والجبال والملائكة: ربنا، إبراهيم يحرق فيك، فقال: أنا أعلم به، وإن دعاكم فأغيثوه، وقال إبراهيم حين رفع رأسه الى السماء: اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض، ليس في الأرض أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل فقذفوه في النار فناداها فقال: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) سورة الأنبياء آية٦٩.وبعد خروج إبراهيم من النار كان يدعو إلى الله تعالى مؤكداً نصر الله له في ابقائه حياً وقدرته في إبطال أثر النار عليه حتى اغتاظ الملك النمرود فقال لإبراهيم عليه السلام إنك لا تكف عني وقد كففت عنك فأخرج حتى أقاتلك وأقاتل إلهك فواعده ابراهيم يوماً، وسأل ابراهيم ربه أن ينصره على النمرود وجنوده بجند من جنوده ،فاختار إبراهيم البق لصغره فأرسل الله البق على عسكر النمرود حتى أهلكتهم، واهلكت دوابهم ففر النمرود بمن تبقى من بطانته إلى قصره، فارسل الله له بعوضة لم يكن لها إلا جناح ونصف حيث لدغت النمرود على إحدى شفتيه فأشاح بيده ليبعدها عنه فدخلت في أنفه حتى وصلت إلى دماغه تأكل منه، فكان يضرب بالمقامع حتى ضرب في يوم ضربة شديدة خر منها ميتا وخرجت البعوضة من رأسه وكانت في حجم الجرادة العظيمة.

مقالات مشابهة

4 تفاصيل عن المسيح الدجال4 تفاصيل عن المسيح الدجال
أهم 3 قصص آثر الرسول فيها أصحابه على نفسهأهم 3 قصص آثر الرسول فيها أصحابه على نفسه
4 معلومات عن نبي الله أيوب قد لا تكون تعرفها4 معلومات عن نبي الله أيوب قد لا تكون تعرفها
تعرف على 4 من أجمل قصص الأنبياء .. كيف وصل الدين …تعرف على 4 من أجمل قصص الأنبياء .. كيف وصل الدين …

رؤية إبراهيم ملكوت السماوات والأرض

قال تعالى سورة النعام (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75).كما ورد في أخبار الخطيب البغدادي- أن الله تعالى لم يعرج به إلى السماء ولكن الله قد كشف لبصر إبراهيم ما في السموات حتى رأى مكانه في الجنة كما أبصر بما في الأرضين من ملك الله، وقيل أنه عرج بإبراهيم عليه السلام كما عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ارتفع في الهواء نظر إلى الأرض فأبصر رجلا يفعل فاحشة فاستعظمها إبراهيم فدعا عليه بالهلاك فهلك، ثم ارتفع إبراهيم ورأى رجل يفعل فعلاً أعظم من سابقه فدعا عليه فهلك الفاعل للسوء، ثم رأى رجل يزني فدعا فأصابه الهلاك، ثم رأى رجلاً رابعاً يسرق فأصابته دعوة إبراهيم.ثم رأى رجلا خامساً فأراد أن يدعو عليه فقال الله تبارك وتعالى: رويدك يا إبراهيم إني لو أطلعتك على عبادي لأهلكتهم، وغني لأنظر إلى عبادي كل يوم مرات فأراهم على المعاصي والكبائر وأنا لا أعاجلهم بل أعفو وأصفح، يا ابراهيم إن عبدي بين خلال ثلاث: أن يتوب فأتوب عليه، وبين أن استخرج من صلبه ذرية يستغفرون له فأغفر له، وبين أن يدرك رحمتي الواسعة فأرحمه، وأن لم يكن ولقيني غير تائب (أي مات مُصِر على الذنوب والكبائر) فأن من ورائه النار (لذلك قال العلماء لا كبيرة مع توبة واستغفار ولا صغيرة مع إصرار) يا إبراهيم إن اسما من أسمائي الصبور وبعد هذه المقولة أدرك إبراهيم أن الله أرحم الراحمين.وقد رأى إبراهيم عليه السلام حين عرج به في السماء ثلاثة أسطر مكتوبة على الجنة: أولها لا اله إلا الله محمد رسول الله، والثاني أمة مذنبة ورب غفور، والثالث من قدم خيراً وجده ومن عامل ربح، ومن ورث مالا لغيره خسر، ثم أنه دخل الجنة فما وجد شيئاً في الجنة إلا مكتوبا عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسأل إبراهيم ربه فقال: يا رب من هذا الذي قرنت اسمه بذكرك في كل موضع، فقال الله له: هو نبي من أنبيائي ومن ذريتك اسمه محمد أخرجه من الحرم في أخر الزمان وهو أفضل أنبيائي ورسلي وأشرف عبيدي وأكرم الخلق على ولولاه لم أكن أخلق السماوات والراضيين وما تحتهن وما فوقهن، ولا خلقت شيئا من خلقي، قال إبراهيم: إلهي اجعله من أمتي، قال: يا إبراهيم هو أشرف من أن يكون من أمة غيره، إنك لم تدرك وقته فإنه يخرج في آخر الزمان، وهو آخر الأنبياء وأمته آخر الأمم وكتابه آخر الكتب وشريعته آخر الشرائع، قال إبراهيم: فاجعلني منه ومن أمته نصيباً من أن يبقى ذكري فيهم وذلك في قوله تعالى سورة الشعراء: (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (84).قال الله تعالى لإبراهيم سأجعل لك نصيبا من الثناء الحسن وذلك في كل صلاة بالصلاة الإبراهيمية (اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى إل ابراهيم)، وقد أجاب الله أمنية إبراهيم عليه السلام، فاذا كان يوم القيامة وخرج أهل الجنة الى الجنة زمراً وكانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم يفتح لها أبواب الجنة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لقوله تعالى على لسان ابراهيم سورة البقرة: (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)).يعني من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذلك كما وصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم سورة الأنبياء: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)).يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المؤمنين به صلى الله عليه وسلم ومن السابقين واللاحقين.

إبراهيم خليل الله

أهمية إكرام الضيف وقدرها عند الله
أوصى الله تعالى لإبراهيم عليه السلام يا إبراهيم أكرم ضيفك فأتخذ إبراهيم بيتا للضيافة له بابان فكانت مائدة مستدامة وكسوة للشتاء وكسوة للصيف، وذلك لإطعام وكسوة الضيوف للمحتاج منهم، وكان إبراهيم يقول لله: يا رب ليس عندي شيء أعظم من البعر فأذبحه لهم، فعلمه الله تعالى فقال: ليس إكرام الضيف بكثرة الطعام، ولكن أن تخدمهم بنفسك وكان يلتمس من يأتي ليتغذى معه أن لم يأته ضيف، وروي أن جبريل عليه السلام أمره الله تعالى بزيارة عبد من عباد الله قد اتخذه الله خليلاً فقال جبريل: ربي دلني عليه فأكون له خادماً، فقال: ذاك إبراهيم، فأتى جبريل إبراهيم عليه السلام فقال له: إن الله بعثني إلى عبد من عباده قد اتخذه خليلاً، فقال إبراهيم من هو يا جبريل دلني عليه لأخدمه، فقال جبريل: أنت هو يا إبراهيم، فبكى إبراهيم عليه السلام وقال متى بلغت هذه المنزلة، فقال جبريل: بلغتها حين أكرمت الضيف، ويروى أن إبراهيم سئل: بماذا إتخذك الله خليلاً؟ فقال بثلاثة أشياء أولها: أني لم اهتم قط برزق غد، والثاني أني لم آكل إلا مع الضيف، والثالث: لم يستقبلني أمران في إحداهما رضى الله تعالى وفي الآخر رضى نفسي إلا اخترت رضى الله تعالى على رضا نفسي.
مقالات مشابهة
4 تفاصيل عن المسيح الدجال4 تفاصيل عن المسيح الدجال
أهم 3 قصص آثر الرسول فيها أصحابه على نفسهأهم 3 قصص آثر الرسول فيها أصحابه على نفسه
4 معلومات عن نبي الله أيوب قد لا تكون تعرفها4 معلومات عن نبي الله أيوب قد لا تكون تعرفها
تعرف على 4 من أجمل قصص الأنبياء .. كيف وصل الدين …تعرف على 4 من أجمل قصص الأنبياء .. كيف وصل الدين …

مولد سيدنا إبراهيم عليه السلام

مولد إبراهيم في عصر النمرود:
ولد إبراهيم عليه السلام من سلالة سام بن نوح عليه السلام في قرية من قرى الكوفة في عصر ملك يقال له النمرود (من سلالة سام بن نوح عليه السلام) وجاء في الأثر أن الأرض كلها لم يملكها من البشر أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان: سليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فالنمرود وبختنصر، وقد إدعى النمرود الربوبية ليعبده الناس من دون الله.في عام مولد إبراهيم عليه السلام أخبرت الكهنة والمنجمون بأن هذا أوان ميلاد غلام يعادي النمرود ويكون هلاكه وهلاك قومه، فأمر النمرود بعزل الرجال عن النساء في هذه السنة حتى لا ينجب هذا الغلام ثم يتتبعون أخبار كل صبي فإذا ولد غلام قتل، وإن كان المولود فتاة تركت تعيش، ووظف النمرود رجلا لمتابعة كل عشرة من الرجال حتى يعتزل الرجال نساءهم، وقد طبق هذا النظام على كل الرجال باستثناء آزر وامرأته لأنه من بطانة النمرود وخاصته وأهل ثقته، فكان الناس لا يعبدوا صنما إلا من الأصنام التي يصنعها آزر ثم شاء الله ليولد لآزر ابنه إبراهيم عليه السلام، وليلة الحمل بإبراهيم قالت الكهنة للنمرود قد حملت أمه به فأمر النمرود بقتل الغلمان، ولكن الله أخفى حمل أم إبراهيم به (كما أخفى حمل أم موسى بعد ذلك في عصر فرعون)، فلم يعرف الناس أنها حبلى، وقد تحفظ جنود النمرود على النساء الحبالى في انتظار ولادتهم فأما الغلمان فقتلوا وأما الفتيات فتركن يعشن، وقبل ولادة إبراهيم عليه السلام أشفقت على وليدها فطلبت من زوجها أن يعتكف عند الأصنام أربعين ليلة، ليدعو لها حتى لا تموت أثناء ولادتها، فاستجاب لها آزر وكان يحبها ويخاف على سلامتها.فاعتكف آزر عند الأصنام أربعين ليلة، وبعدها رجع إلى أم إبراهيم عليه السلام فقالت له: ولدت غلام مات من ساعته فدفنته، فصدقها زوجها وكانت أم إبراهيم قد ولدت إبراهيم عليه السلام ووضعته في حفرة غيبته فيها، وكانت تذهب لهذه الحفرة لترضع إبراهيم في مهده الذي تحت الأرض حين يتغيب عنها زوجها وتصلح له أمره، وحتى مرت سنتان وتم فطام إبراهيم عليه السلام.وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنه أن إبراهيم كان يشب في اليوم كالجمعة وفي الجمعة كالشهر وفي الشهر كالسنة، وكان في فترة الرضاعة إذا أبطأت عليه أمه ثم دخلت عليه وجدته يمص إبهامه فيسيل له لبنا وعسلا، وقد سأل إبراهيم أمه ذات يوم: يا أماه من ربي؟ فقالت: أنا، فقال إبراهيم: فمن ربك، فقالت: أبوك، فقال ابراهيم: فمن ربه، قالت: الملك النمرود، فقال: ومن رب النمرود؟ فقالت: اسكت.
لقاء إبراهيم بوالده آزر
ويقال أن إبراهيم لما بلغ ثلاث عشرة سنة خرج من مكانه الذي يختفي فيه في لحظة مرور أبيه فرآه فقال لأمه: من هذا الغلام فقالت أم إبراهيم وأخبرته بخبر إبراهيم وقالت في تهدئة آزر كي لا يخاف بطش النمرود، أنا لم أتعجل قتل ولدنا بالباطل فإن كان هو الذي تنبأ الكهنة بعداوته للنمرود قدمناه للنمرود فيقتله، وإن لم يكن هو فقد حفظنا ولدنا من القتل، فاستحن آزر والد إبراهيم فعل أم إبراهيم، ثم قالت: لنجلس إبراهيم ونعرض عليه دين الملك فنعلم حقيقة أمره، فرضي آزر وجلس إلى ابنه إبراهيم الذي القى الله حبه في قلب ابيه فاشفق عليه من القتل فقال آزر لزوجته: فلنؤخر أمر دين الملك حتى يتم عقله، وقد أدركت أم ابراهيم أن ابنها ان كان هو صاحب النبوءة الذي يسلب ملك نمرود ويغير دينه فإنه سيكون معصوماً من القتل، (كما كانت أم موسى من بعد ذلك حين ربط الله على قلبها لتكون من المؤمنين ويتحقق وعد الله لها إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين).

حُجة ابراهيم عليه السلام على قومه

حُجة إبراهيم على أمه
قيل أن أول حُجة لإبراهيم على قومه كانت في مناظرة بين إبراهيم وأمه حيث قال لها: من ربي؟ قالت: أنا، فقال إبراهيم: ومن ربك؟ قالت: أبوك، فقال إبراهيم: ومن ربه؟ قالت: الملك، فقال: ومن رب الملك؟ فقالت: اسكت هو الرب ليس فوقه أحد (لادعاء النمرود الربوبية بالباطل)، فقال ابراهيم: من أحسن وجها أنا أم أنت؟ فقالت: بل أنت، قال إبراهيم: فأنت أحسن وجها أم أبي؟ قالت: بل أنا، قال إبراهيم: فأبي أحسن وجها أم الملك؟ قالت: بل أبوك، قال إبراهيم يا اماه: لو كان الملك هو الذي خلق أبي لما كان يخلقه أحسن من نفسه، ولو كان أبي يخلقك لما كام يخلقك أحسن من نفسه، ولو كنت تخلقينني أحسن من نفسك، فلم تجد أمه جوابا على حجته.
حُجة إبراهيم على أبيه
حجة ابراهيم على أبيه سورة مريم (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) آية (42)، وقد جاء في التفاسير أن سبب مناظرته لأبيه أن آزر كان يصنع الأصنام ثم يأمر إبراهيم بنقلها الى السوق فكان إبراهيم يجعل الحبل في أعناق الأصنام ثم يجرها على الأرض من أعناقها إهانة لها وهو ينادي من يشتري ما لا يضره ولا ينفعه، فكانت لا تباع، وعند عودته بهذه الأصنام الى أبيه كان يضعها في ماء النهر ويغطس رأسها سخرية منها و يقول اشربي فقد عطشت، وجاء في قوله تعالى في سورة الأنبياء (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ) آية (25).وفي مشهد آخر من مناظرة ابراهيم لقومه في عبادتهم للأصنام سورة الشعراء: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73)).
الحجة العملية لإبراهيم على قومه
قال أصحاب الأخبار أن إبراهيم عليه السلام انتظر يوم عيد لهم يخرجون فيه (مثل يوم الزينة الذي كان يوم حجة موسى على فرعون وقومه سورة طه: (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) آية (59).قال إبراهيم عليه السلام سورة الأنبياء: (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70).وقد جاء في بعض الأخبار أن ابراهيم عليه السلام أثار فزعهم حين قال سورة المطففين: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90)).وكان يعلم أنه لا محالة سيموت في آخر الحياة فقال ضمن معارضين الكلام سيكون لي يوم مرضي فتولوا عنه مدبرين لأنهم ظنوا أنه قد أصابه الطاعون وكانوا يفرون منه، فلما صارت ساحة الأصنام خالية لإبراهيم فقط رجع إلى بيت ابيه فأخذ فأساً ورجع إلى الأصنام حتى أحالها ركاما في زينتها التي وضعت حولها من ذهب وفضة، فلما رجعوا وهالهم ما حل بأصنامهم قالوا من فعل هذا وتوجهوا إلى إبراهيم: أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم، كما جاء في سورة الأنبياء ٦٢ (قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63).

إبراهيم والنمرود
وأثبت إبراهيم عليه السلام أنها جمادات لا تنطق ولا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً وهكذا أقام ابراهيم عليه السلام حجته على قومه وتبين أنه هو صاحب النبوءة التي ستهدم دينهم الوثني في عبادة الأصنام، ولما بلغ ذلك الأمر الملك النمرود استدعاه وقال له أتعبد إلها غيري فقال: إبراهيم نعم، فقال النمرود عرفني بإلهك الذي تعبد، فقال إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت بمعنى القدرة المطلقة على الإحياء من العدم والقدرة المطلقة على الإماتة، فقال النمرود أنا أحيي واميت بمفهوم القدرة على القتل والعفو عن القتل فيتيح فرصة الحياة، فقال ابراهيم: فإن الله يأت بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)سورة البقرة.وقال بعض المفسرين: قال الله تبارك وتعالى تصديقاً لقول ابراهيم عليه السلام للنمرود ولأمثاله من المبطلين: وعزتي وجلالي لا تقوم الساعة حتى آتي بالشمس من مغربها، و جاء في التفاسير أن إبراهيم لما سمع ادعاء النمرود أنا احيي وأميت، طلب بعدها إبراهيم عليه السلام أن يزداد بصيرة بقدرة الله على الإحياء كما اطلع على بصيرة قدرة الله في السماء في شروق الشمس ومغربها فقال: كما في سورة البقرة: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260).والأربعة طيور كانوا غراباً وطاووساً وديكاً وحماماً وقطعهم وامسك رؤوسهم في يديه ثم نادى عليهم بلا رؤوس فرفع رأس الغراب فجاء جسد الطاووس الذي مال بعنقه فلم يقبله حتى اعطاه رأسه وهكذا لم يقبل أي جسد ألا رأسه الأولى قبل أن تقطع فكانت الروح التي قال الله تعالى في أمرها (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).فكانت الروح والنفس والجسد تفاعل لا يملكه إلا الله فلا يصح أن يوضع رأس مخلوق على آخر كما في التجارب العلمية بأن يعاد زرع رأس مقطوع على جسد آخر كما في زراعة الأعضاء.