شبكة بحوث وتقارير ومعلومات

مرحبا بكم في شبكة بحوث وتقارير ومعلومات

اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 - 12:16 ص


اخر المشاهدات
الأكثر قراءة


عناصر الموضوع




القسم العام

[ تعرٌف على ] ثقافة # أخر تحديث اليوم 2024/05/20

تم النشر اليوم 2024/05/20 | ثقافة

مجالات ارتقاء المثل الإنسانية

في غضون القرن التاسع عشر، كان لأنصار الحركة الإنسانية الكلاسيكية ومنهم الشاعر والكاتب الإنجليزى ماثيو آرنولد (1822-1888) Matthew Arnold مفهوما آخر لكلمة «الثقافة» حيث استخدموا هذا المصطلح للإشارة إلى الصورة المثلى في دماثة الخلق، أو بصورة أخرى الوصول إلى “أفضل ما توصل إليه البشر من طرق للتفكير قيلت أو اعتقد فيها في ذلك الوقت “. ويعدّ مفهوم «الثقافة» قريب الشبه من مفهوم “بيلدونج” “bildung” باللغة الألمانية والذي يعنى أن:”.. الثقافة تهدف بدورها إلى تحقيق غاية الكمال عن طريق التعرف على أفضل ما تم الوصول إليه فكرا وقولا في كل ما يهمنا بصورة أساسية على مستوى العالم كله في ذلك الوقت. وبصورة عملية، فإن مفهوم الثقافة يشير إلى كل ما هو مثالي أو يجتمع علية القوم أو الصفوة وكل ما هو وثيق الصلة بمثل هذه الأمور مثل فن الرسم والنحت، الموسيقى الكلاسيكية، فن الطبخ المتميز والأزياء الراقية، والخلق الكريم ، أن التعريفات المعاصرة للثقافة تندرج تحت ثلاثة تصنيفات أو مزيج من الثلاثة التالية: «عملية تنمية للنواحي الفكرية والروحية والجمالية».
«طريقة معيشية معينة في حياة شعب من الشعوب، أو مميزة لفترة من الفترات أو مجموعة من المجموعات».
«جميع الأعمال والممارسات الخاصة بالنشاط الفكري والفني بصفة خاصة».
كما ارتبطت هذه الممارسات بأنماط الحياة البدوية، فإن كلمة «ثقافة» اتسمت بكل ما تعنيه كلمة «حضارة» (مشتقة من الكلمة اللاتينية سيفيتاس civitas، بمعنى مدينة) ويعد الاهتمام بالفلكلور الشعبي هو من أهم ما يميز الحركة الرومانسية. وهو ما أدى بدوره إلى تعريف كلمة «ثقافة» بين العامة من غير النخب. وهذا التمييز يشبه ذلك التمييز الموجود بين علية القوم من الطبقة الاجتماعية الحاكمة وعامة الناس. وبعبارة أخرى، فإن فكرة «الثقافة» التي نشأت في أوروبا إبان القرنين الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر عكست بدورها حالة من عدم المساواة داخل المجتمعات الأوروبية. يرى ماثيو آرنولد Matthew Arnold تناقضا بين كلا من مفهومى «الثقافة» و«الفوضى السياسية»؛ مقلدا في ذلك عدد من الفلاسفة الآخرين مثل توماس هوبس Thomas Hobbes وجان جاك روسوو Jean-Jacques Rousseau الذين رؤوا تناقضا بين مفهوم «الثقافة» و«حالة الإنسان الطبيعية» وبالنسبة إلى هوبز وروسوو فيرى كلا منهما أن سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر والذين تعرضوا للغزو من قبل الأوروبيين بداية من القرن السادس عشر كانوا يعيشون بدافع الغريزة أو الفطرة، وقد تم التعبير عن هذا من خلال التناقض بين «المتمدنين» و«غير المتمدنين». ووفقا لهذه الطريقة في التفكير، فيمكن للمرء أن يصنف بعض الدول والشعوب على أنها أكثر تحضرا من غيرها، وأن يصنف بعض الناس على أنهم أكثر ثقافة من غيرهم. ومن ثم أدى هذا التناقض إلى توصل كلا من هربرت سبنسر Herbert Spencer إلى نظريته الداروينية الاجتماعية Social Darwinism، ولويس هنرى مورغان Lewis Henry Morgan إلى نظريته التطور الثقافى.وعلى هذا النحو، فقد أشار بعض النقاد إلى أن التمييز بين الثقافات المتحضرة والمتخلفة يعزى في واقع الأمر إلى وجود حالة من الصراع بين الصفوة من الأوروبيين وغيرهم ممن هم ينتمون إلى طبقة اجتماعية أدنى، هذا وأرجع بعض النقاد الفجوة بين الشعوب المتحضرة وغيرهم من الشعوب الغير متحضرة إلى الصراع القائم بين كلا من الإمبراطورية البريطانية من جهة وبين رعاياها من جهة أخرى. يعدّ عالم الإنثربولوجيا البريطاني ادوارد تايلور Edward Tylor واحدا من أول العلماء الناطقين بالإنجليزية ممن استخدموا مصطلح الثقافة بالمعنى الواسع والعالمى
هذا وقد وافق بعض من نقاد القرن التاسع عشر، ممن اعقبوا روسو، على هذا الاختلاف بين ثقافة ما عرف بالأعلى والأدنى، ولكنهم في الوقت ذاته أقروا بأن محاولة التعديل والتكلف في صياغة قالب من الثقافة عالية المستوى على أنه افساد بل ومحاولة تعديل في غير موضعه والذي من شأنه جلب المفسدة والتشوه لفطرة الله التي فطر الناس عليها. ويعدّ هؤلاء النقاد أن الموسيقى الشعبية أو ما يعرف بالفلكلور (والتي تنتجها أفراد الطبقة العاملة) تعبيرا صادقا عن شكل من أشكال الحياة الطبيعية، في حين تبدو الموسيقى الكلاسيكية سطحية ومنحلة. وبنفس القدر، تصور وجهة النظر هذه الشعوب الأهلية على أنها «نبلاء بدائيون» حيث يعيشون حياة فطرية غير معقدة لا تشوبها شائبة، ولم تعبث بها أيدى أنظمة الغرب الفاسدة الطبقية الرأسمالية. وفي عام 1870، قام إدوارد تايلور Edward Tylor (1832-1917) بتطبيق أفكار الثقافة الأعلى في مقابل الثقافة الأدنى في محاولة من شأنها اقتراح نظرية التطور الدينى. طبقا لهذه النظرية، يتطور الدين لدى الفرد من شكل الشرك المتعدد إلى شكل التوحيد المطلق. أعاد تايلور في هذه العملية تعريف الثقافة بأنها مجموعة متنوعة من الأنشطة المميزة لجميع المجتمعات البشرية. وبذلك مهدت وجهة النظر هذه الطريق لفهم الثقافة الحديثة. لفت جوهان هيردر الانتباه للثقافات القومية
وضع أدولف باستيان نموذجا عالميا للثقافة
حركة الرومانسية الألمانية
وضع الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط Immanuel Kant(1724-1804) تعريفا فرديا لمفهوم “التنوير” وهو مفهوم مماثل لمفهوم بيلدانج bildung السابق ذكره.: فكلمة التنوير تعنى ” خروج الإنسان من حالة عدم النضج والتي تكبده كثيرًا من العناء.” وأشار كانط بأن هذا النضج لا يتأتي من حالة عدم الفهم، ولكن يتأتى من حالة نقص في الشجاعة على التفكير بشكل مستقل. كما نادى كانط بما أسماه سابير أوود Sapere aude في محاولة منه لدفع هذه الحالة من الجبن العقلى بقوله ” كن شجاعا لتكن حكيما”. هذا وأشار بعض المعلمين الألمان – كرد فعل لما ذكره كانط – مثل جوهان جوتفرايد هيردر Johann Gottfried Herder، (1744-1803) بأن الإبداع البشري، والذي لا يمكن التنبؤ به ويمكن بطبيعة الحال أن يأخذ أشكالا متنوعة للغاية، لا يقل أهمية عن عقلانية الإنسان بأى حال من الأحوال. وعلاوة على ذلك، عرض هيردر Herder صيغة مقترحة من البيلدانج: فهذا المفهوم بالنسبة إليه يعد بمثابة مجموع الخبرات والتي توفر للفرد الهوية المتماسكة، والشعور بالمصير المشترك.” أما في عام 1795، دعى العالم اللغوي والفيلسوف الكبير ويلهلم فون هومبولدت Wilhelm von Humboldt(1767-1835) لفكر من الأنثروبولوجيا والتي من شأنها تجميع اهتمامات كلا من كانط وهيردر معا. فإبان العصر الرومانسي، وضع العلماء الألمان، وبخاصة هؤلاء الذين يهتمون بالحركات القومية – مثل النضال القومي لتوحيد “ألمانيا” من كونها مجموعة إمارات مختلفة، والصراعات العرقية للأقليات الوثنية ضد الإمبراطورية النمساوية الهنغارية – مفهوما أكثر شمولا للثقافة بوصفها وجهة نظر عالمية.ووفقا لهذه المدرسة الفكرية، كان لكل جماعة عرقية نظرة عالمية متميزة تتعارض مع وجهات النظر العالمية لدى المجموعات الأخرى. وعلى الرغم من شمولية وجهة النظر هذه بالمقارنة بما كان معروفا في الفترات السابقة، إلا أن هذا الاتجاه لا يزال يسمح لثقافة التمييز بين كل من “المتحضر” و”البدائي” أو ما يعرف باسم “الثقافات “القبلية”. وفي عام 1860 نادى أدولف باستيان Adolf Bastian (1826-1905) بفكرة «الوحدة النفسية للبشرية». فقد اقترح بأن المقارنة العلمية لكافة المجتمعات البشرية من شأنها أن تكشف الستار عن أن وجهات النظر العالمية المتميزة تتكون من العناصر الأساسية نفسها. ووفقا لما يراه باستيان، تتشارك كل المجتمعات البشرية في مجموعة من «الأفكار الأساسية» (Elementargedanken)؛ والثقافات المختلفة، أو «الثقافات الشعبية» المختلفة Völkergedanken)، وهي بمثابة تعديلات عامة للأفكار الأساسية. ومهدت وجهة النظر تلك الطريق إلى مزيد من الفهم العصري لمفهوم كلمة ثقافة. ونشأ فرانس بواس Franz Boas (1858-1942) على نفس وجهة النظر تلك، ليس هذا فحسب وإنما أحضرها معه عندما غادر ألمانيا في اتجاهه إلى الولايات المتحدة.

ثقافة غير البشر

لاحظ جيرالد ويس Gerald Weiss أنه على الرغم من تعريف تايلور التقليدي لكلمة ثقافة يقتصر على البشر بعينهم، فإن العديد من علماء الأنثربولوجيا قد اتخذوا من هذا أمرا مفروغا منه، وبالتالي عملوا على حذف هذا الشرط الهام من المفاهيم اللاحقة، مجرد ثقافة المساواة مع أي سلوك مكتسب. يعد هذا الزلل مشكلة لأنه خلال السنوات التكوينية لعلم الحيوانات الراقية المعاصر، قد تلقى بعض علماء الحيوانات الراقية تدريبا في علم الأنثروبولوجيا (وبالطبع هم على دراية بأن مفهوم كلمة ثقافة يشير إلى تعلم السلوك بين البشر)، وبعضها الآخر ليس كذلك. وقد لاحظ بعض العلماء من غير الأنثربولوجيين، مثل روبرت يركس Robert Yerkes وجين غودال Jane Goodall أنه طالما أن حيوان الشمبانزي قد تعلم بعض السلوكيات، فبالتالى فلديهم قدر من ثقافة. فحتى يومنا هذا، ينقسم علماء الحيوانات الراقية والذين لديهم خلفية عن الأنثربولوجيا إلى فريقين، بعض منهم ينادي بأن لدى الحيوانات الراقية ثقافة، والبعض الآخر ينادي بعدم وجود ذلك لقد زادت الأمور تعقيدا بشأن هذا البحث العلمي بسبب النواحي الأخلاقية. تعد فصائل علم الحيوانات الراقية حيوانات غير آدمية، ومهما كانت ثقافة مثل هذه البدائيات فإنها مهددة من قبل النشاط البشري. وبعد استعراض الأبحاث حول ما اكتسبته الحيوانات الراقية من ثقافة، توصل ماكجرو W.C. McGrew إلى أن، “[أ] يحتاج التعلم إلى أجيال متفاهمة مع بعضها البعض لكى تتم عملية التعلم، ومعظم الأنواع من غير البشر والقرود مهددة بالانقراض من أبناء عمومتهم من بنى البشر. في نهاية المطاف، بغض النظر عن الجدارة، يجب أن ترتبط ثقافة الحيوانات الراقية بفكرة بقاء النوع [أي لبقاء الثقافات المتعلقة بهم]. يرى ماكجرو مفهوما لكلمة ثقافة مبنيا على فكرة وجود الاستفادة العلمية من دراسة ثقافة الحيوانات الراقية.ويشير إلى أن العلماء لا يمكنهم الوصول إلى أية أفكار موضوعية أو معارف من تلك الحيوانات. وبالتالي، إذا تم تعريف الثقافة من حيث وجود المعرفة، فإن محاولات العلماء لدراسة ثقافة تلك الحيوانات سوف تنحصر قي نطاق ضيق للغاية. وبناء عليه، بدلا من تعريف الثقافة قي ضوء المعرفة، يرى ماكجرو بأنه يمكننا النظر إلى الثقافة باعتبارها منظومة. وقد أوضح ستة خطوات لتلك المنظومة: لابد من وجود اكتساب سلوك من نوع جديد، أو على الأقل تعديل لسلوك كان موجودا مسبقا.
لابد لهذا الكائن الذي اكتسب سلوكا جديدا أن ينقله إلى غيره من بنى جنسه.
يتسم السلوك الجديد بالترابط قي حد ذاته وفيما بين الكائنات المكتسبة له بعضهم البعض، في ضوء الخصائص السلوكية المتعارف عليها.
يجب أن يتسم السلوك المكتسب بالاستمرار لكي يقوم بممارسة أثره أطول فترة ممكنة بعد فترة الاستجابة.
يجب أن ينتشر هذا السلوك قي شكل وحدات اجتماعية.قد تكون هذه الوحدات الاجتماعية على شكل عائلات، عشائر، قبائل، أو أقارب.
وأخيرا، يجب أن يستمر هذا السلوك عبر عدة أجيال
يعترف ماكجرو بأن الستة عوامل قد تكون دقيقة إلى حد ما، وذلك نظرا لصعوبة مراقبة سلوك الحيوانات الراقية في البرية. لكنه يصر أيضا على ضرورة أن يتصف بالشمولية قدر الإمكان، وذلك لما يراه من ضرورة وضع تعريف لكلمة ثقافة «تخيم بظلالها على أوسع نطاق»: وتعتبر كلمة ثقافة سلوك يتم تجميعه من خلال مجموعة عوامل دقيقة، على الأقل مثلا، من التأثيرات الاجتماعية.هنا، تعتبر هذه المجموعة كيانا مستقل، سواء أكانت، فصيلة، ذرية، مجموعة فرعية أو غير ذلك. ولعل دليل بريما فاشيا Prima facia على وجود ثقافة لدى الكائنات يأتى من خلال دراسة سلوك فصيلة واحدة بعينها، ولكن من خلال عدة عوامل تتميز بالتباين في السلوك فيما بينها، كما أنه يوجد لدى مجموعة من الشمبانزى خصائص معينة قد تكون غير موجودة عند غيرهم قي مجموعة أخرى، أو قد تؤدى أفراد طوائف مختلفة أشكالا مختلفة من نفس السلوك. كما أنه قد يقوى احتمال وجود ثقافة ما قي الحركات التي يؤديها الحيوان عندما لا يمكن تفسير هذا التباين بين الطوائف المختلفة من خلال العوامل البيئية فحسب
كما أشار إلى ذلك تشارلز فريدريك فوجلين Charles Frederick Voegelin، أنه إذا اقتصرت كلمة «ثقافة» على «السلوك المكتسب» وفقط، عندها إذا يمكننا القول بأن لدى جميع الحيوانات قدر من الثقافة. ولعل جميع المتخصصين يجمعون على أن جميع أنواع الطوائف الراقية تشترك في بعض المهارات المعرفية مثل: القدرة على تحديد عمرالأشياء، القدرة على معرفة الأماكن، والقدرة على تصنيف الأشياء، وإيجاد الحلول للمشكلات بطريقة مبتكرة. وعلاوة على ذلك، يرى العلماء بأن جميع طوائف الحيوانات الراقية تشترك في بعض المهارات الاجتماعية: فمثلا لديهم القدرة على تحديد أعداد أفراد الجماعة الاجتماعية التي ينتمون إليها؛ كما أن لديهم القدرة على تكوين علاقات مباشرة قائمة على أساس وجود درجة من القرابة والرتبة؛ كما أنهم يعترفون بدرجة قرابة الطرف الثالث، بل ولديهم القدرة على التنبؤ بالسلوك في المستقبل، وأخيرا تتعاون فيما بينها لإيجاد وسائل لحل المشكلات. ظلال على الهيكل العظمي للوسي، أسترالوبيثكس أفرانسيس Lucy، an Australopithecus afarensis
حاليا واحد نظرا للتوزيع الزمني والجغرافي للسكان الأدمية
ومع ذلك، فإن مصطلح «الثقافة» ينطبق على الكائنات غير البشرية إلا إذا قصدنا أية ثقافة كانت أو أي سلوك مكتسب كان.وفي ظل الأنثروبولوجيا المادية السائدة، يميل العلماء إلى الاعتقاد بضرورة وجود تعريف أكثر تحديدا.يهتم هؤلاء الباحثين بعلة ارتقاء البشر ليكونوا مختلفى الطباع عن بقية الفصائل الأخرى. وهناك تعريف أكثر دقة لمفهوم الثقافة، والذي يستثني السلوك الاجتماعى للحيوانات من غير البشر، والذي من شأنه أن يسمح لعلماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية بدراسة كيفية تطور قدرة البشر الفريدة على اكتساب مفهوم «الثقافة». وتعدّ فصيلة الشمبانزي (سكان الكهوف والبانيسكس) Pan troglodytes and Pan paniscus بشرا أي (قريبى الشبه بالإنسان العاقل) وهما الأقارب الأكثر شبها ببعضهما بمعنى، أن كلاهما ينحدر من سلف مشترك والذي عاش قبل نحو خمسة أو ستة ملايين سنة. هذا واستغرق كل من هو الخيول وحمير الزرد، والأسود والنمور، والفئران والجرذان، نفس المقدار من الوقت تقريبا لتتباعد عن أسلافها المشتركة. حيث تميز تطور البشرية المعاصرة بالسرعة: فعلى سبيل المثال لقد تطور (الأوسترالابيثاسينز) Australopithicenes منذ ما يقرب من أربعة ملايين سنة مضت، على عكس ما هو الحال بشأن الإنسان المعاصر الذي استغرق عدة مئات الآلاف من الأعوام ولقد طورت الإنسانية خلال هذا الحقبة ثلاث سمات مميزة ألا وهي: (أ) القدرة على تكوين واستخدام الرموز التقليدية، بما في ذلك الرموز اللغوية ومشتقاتها، مثل اللغة المكتوبة والرموز الرياضية والملاحظات؛ (ب) القدرة على تكوين واستخدام الأدوات المعقدة وغيرها من التكنولوجيا المفيدة، و (ج) القدرة على تكوين مؤسسات وهيئات اجتماعية ذات طابع راقى.
يرى مايكل توماسيلو Michael Tomasello، عالم نفس النمو أن السؤال الجوهرى الذي يطرح نفسه هو ” من أين جاءت هذه الممارسات السلوكية الفريدة والمعقدة لتلك الفصائل وما يصحبها من مهارات معرفية ؟. فبما أن الفترة متباعدة جدا ما بين البشر المعاصرين وقردة الشمبانزى من ناحية وبين الخيول وحمير الزرد والفئران والجرذان من ناحية أخرى، وبما أن التطور البالغ التباين بينهم حدث قي فترة قصيرة من الزمن، ” ينبغى أن يقوم هذا البحث على قدر قليل من الاختلاف والذي نجم عنه اختلاف بالغ الكبر، بمعنى آخر – بعض التكيف، أو قليل من ذلك التكيف، والذي غير عملية التطور المعرفي للحيوانات الراقية بشتى الطرق. ” لا بد وأن الإجابة على هذا السؤال سوف تشكل أساسا لوجود تعريف علمي لمفهوم “ثقافة البشر. كما يراه توماسيلو” Tomasello. يرى توماسيلو -في ضوء نتائج البحث الأساسي والذي يضم دراسة حول الإنسان والحيوانات الراقية وما اكتسبت من مهارات التعامل مع الأخرى ن واستخدام الأدوات وآليات التعلم – بأن سر تقدم الإنسان على تلك المخلوقات يتمثل في (اللغة، والتكنولوجيات المعقدة، التنظيم الاجتماعي المتشعب) وتعدّ كلها عوامل تمخضت عن كم الموارد المعرفية الهائلة لدى البشر. وهذا ما يسمى «بالتأثير التدريجى» أي: «مشاركة مجموعة من الأشخاص أفكارا مبتكرة يعملون على نشرها فيما بينهم وفي الوقت ذاته يتم اختيار زعماء لتلك المجموعة من الشباب قي مقتبل العمر حتى تساعدهم لأن يظلوا كوحدة متضامنة قي نموذج متجدد إلى أن تأتى بارقة أمل على الطريق». ويتسم الأطفال حديثى الولادة بالمهارة في تعلم سلوك اجتماعى من نوع خاص بالفطرة. لعل من أهم ما ترتب على ذلك خلق بيئة محببة للابتكار الاجتماعى لديهم، مما جعلهم أكثر قدرة على التكيف ليس هذا فحسب بل والتواصل مع الأجيال الجديدة على عكس ما هو الحال في الابتكار الفردي. وكما يرى توماسيلو ينقسم التعلم الاجتماعى -هذا الذي يميز الإنسان عن غيره من الحيوانات الراقية والذي يمثل دورا محوريا في عملية التطور الإنسانى -إلى عنصرين: أما الأول، فهو ما يسمي«التعلم عن طريق المحاكاة،»(في مقابل «التعلم عن طريق المنافسة» والذي تتصف به فصيلة القرود الأخرى)، وأما الثاني، ففى الواقع يعبر البشر عن تجاربهم بطريقة رمزية (بدلا من طريقة التماثيل، كما هو الحال بالنسبة للحيوانات الأخرى). لذلك يمكن كلا من هذين العنصرين البشر من الوصول إلى درجة من الإبداع والحفاظ على المخترعات المفيدة في نفس الوقت. وعلى هذا النحو ينتبلور ما يسمى بالتأثير التدريجى. الشمبانزي الأم والطفل
الشمبانزي وكيفية استخراجه الحشرات
قرود المكاك الياباني قي جيكاديوكنى هوتسبرينج بنانجو Jigokudani hotspring in Nagano
يمثل التعلم بطريقة المنافسة النوع المتعارف عليه بين فصيلة الحيوانات الراقية حيث يركز على الأحداث البيئية المتطورة – ما ينتج من تغييرات بيئية ناجمة عن تصرف الأخرى ن – أكثر من التركيز على العوامل المسببة لهذه الأحداث.” ويركز توماسيلو على أن التعلم بطريقة المنافسة لهو إستراتيجية للتكيف بدرجة عالية بالنسبة للقرود لأنه يركز على الآثار المترتبة على الفعل. ففى التجارب المختبرية، عرض على الشمبانزي طريقتين لاستخدام المجراف بوصفه أداة للحصول على شيء بعيد المنال نسبيا. اتسمت كلتا الطريقتين بالفعالية إلا أن إحداهما كانت أكثر فعالية من نظيرتها. ظل الشمبانزي مصرا على محاكاة الطريقة الأكثر فعالية. تستعمل الحيوانات الراقية أمثلة عديدة لطريقة التعلم عن طريق المنافسة بشكل متعارف عليه تماماتضم صور استحمام قرود المكاك اليابانية، واستخدام الشمبانزي للأدوات، وتواصل الشمبانزى عن طريق الإيماءات أمثلة جلية على التعلم عن طريق المنافسة لدى الحيوانات الراقية. في عام 1953، لوحظت أنثى قرد من فصيلة المكاك والتي تبلغ من العمر 18 شهرا وقتذاك وهي تأخذ قطعة رملية من البطاطا (تم إعطائها للقرود بواسطة المراقبين) إلى نبع مائي (وفيما بعد، إلى المحيط) ليغسل ما علق بها من الرمال. ثم لوحظ نفس هذا السلوك بمرور ثلاثة أشهر بعد ذلك، على والدتها واثنين من رفاقها في اللعب، ومن ثم على أمهات رفاقهم في اللعب في نفس الوقت. ليس هذا فحسب وإنما شوهدت سبع غيرها من صغار قرود المكاك يتعمدون غسيل البطاطس الخاصة بهم، وقد تبنت هذه الممارسة نسبة ما يقرب من 40% من الجماعة. تمثل هذه القصة مثالا صارخا على تقليد السلوك الإنساني إلا أنه ثبت بالدليل القاطع نفى ذلك. فتعدّ إزالة قردة المكاك الرمال عن طعامها سلوك فطرى بحت: تمت ملاحظة مثل هذا السلوك على تلك الفصيلة قبل ملاحظة الأولى وهي تغسل طعامها. وعلاوة على ذلك، فقد لوحظت عملية غسل البطاطا على أربعة قرود أخرى من نفس الفصيلة كل على حدة، مما يوحي بأنه قد تعلم ما لا يقل عن أربعة من القرود الآخرين أن تغسل الرمال بنفسها. فقد تتعلم بعض القرود الأخرى غسل طعامها بطريقة سريعة وهي لا تزال في أقفاصها. وأخيرا، تميز التعلم فيما بين قرود المكاك اليابانية بالبطء النسبى، هذا في الوقت الذي لم يتواكب فيه معدل تعلم الأعضاء الجدد في الفصيلة مع التزايد الواضح في أعداد الأعضاء. على هذا النحو إذا كانت المحاكاة هي الطريقة المستخدمة في التعلم، فإنه لابد لنسبة التعلم أن تتضاعف بشكل ملحوظ. فيعدّ غسل الطعام سلوكا كغيره من أنواع النظافة المتعارف عليها فيما بينهم بشكل طبيعي، كما يعدّ غسل الطعام سلوكا مكتسبا بالفطرة عند القرود التي تمكث منفردة بالقرب من المياه عوضا عن مسحه.فالبتالى يتبين أن كلا النوعين سواء الذي يظل برفقة القرد الذي غسل أولا أو الذي يمكث بجوار المياه مستمتعا بوقته، على دراية بكيفية غسل ما يحصلون عليه من البطاطا. كما يتضح لنا السبب في بطء معدل انتشار هذا السلوك. اكتسب الشمبانزي كثير من الأنشطة نتيجة لمعايشته عددا من السكان الذين يستخدمون أدوات متنوعة في نشاطهم اليومى مثل: صيد النمل الأبيض، وصيد النمل العادي، وغمس النمل، وشق الجوز، واستعمال أوراق الشجر ككمادات. يصطاد شمبانزى جومبى Gombe chimpanzees النمل الأبيض بواسطة عصا رفيعة صغيرة الحجم، ولكن يستخدم شمبانزي غربي أفريقيا عصا كبيرة الحجم لعمل حفرا في أكوام الطين واستخراج النمل الأبيض عن طريق الغرف بيديه. قد يرجع هذا التنوع إلى «العوامل البيئية» (فيوجد كثير من الأمطار بغربي أفريقيا، مما يجعل أكوام الطمى أكثر لينا وأسهل كسرا على عكس الحال بالنسبة للجومب بشرقى أفريقيا. وبالتالى، لدى قرود الشمبانزي القدرة على التعلم بطريقة المنافسة بشكل جيد. كما تتعلم صغار الشمبانزي كيفية تسلق فروع الأشجار وكيفية صيد الحشرات بطريقة فردية. فعندما يرون أمهاتهم يتسلقن الأشجار بغية صيد الحشرات من أجل غذائهم، يتعلموا على الفور أن يفعلوا ذلك بالمثل. وبعبارة أخرى، يقوم هذا الشكل من أشكال التعلم على أنشطة متعارف عليها من قبل الأطفال مسبقا. الأم والطفل
أسرة الإينكيتوت Inuit Family
الفتيات قي منطقة شينجيانغ بشمال غرب الصين
الأطفال في القدس
الأطفال في ناميبيا
يستخدم الأطفال طريقة التعلم بالمحاكاة ونقصد بها “إصدار استجابة مقصودة متوازنة مبنية على وعي تام مسبق لدى الطفل.” فيبدأ الأطفال حديثى الولادة في إدراك بعض الأدلة من هذا النمط من التعلم في عمر يتراوح ما بين التاسعة والثانية عشر، وذلك عندما يركز الطفل انتباهه ليس على الشيء وإنما على طريقة النظر للكبار والتي تمكنه من الاستفادة منهم باعتبارهم أدلة يهدونه السبيل في وقت لاحق “وبنفس الطريقة يتصرف الطفل مع الأشياء بنفس الطريقة التي يتصرف بها الكبار”. وتعدّ هذه العلاقة موثقة جيدا واصطلح على تسميتها “الصلة المشتركة” أو “الاهتمام المشترك.” كما يعرف التنامي في قدرة الأطفال على التعرف على الأخرى ن عن طريق “العوامل المتعمدة:”حيث يكون لدى بعض “الناس ” القدرة على السيطرة على تصرفاتهم العفوية” والذين “لديهم أيضا أهداف بحياتهم ويقومون باتخاذ قرارات مصيرية من خلال وسائل سلوكية معينة لتحقيق غاياتهم الذين يسعون من أجلها.”

ملاحظات

.وأنجيلا] [مكروبي]Angela McRobbie، تم إنشاء حركة دولية فكرية. باعتبار أن هذا المجال نموا بدأت في الجمع بين الاقتصاد السياسي، الاتصالات، علم الاجتماع، النظرية الاجتماعية، النظرية الأدبية، نظرية وسائل الاعلام، دراسات الفيديو والأفلام، الأنثروبولوجيا الثقافية، الفلسفة، دراسات المتاحف وتاريخ الفن، من أجل دراسة الظواهر الثقافية أو النصوص الثقافية. وغالبا ما يركز الباحثون في هذا المجال على كيفية اتصال الظواهر الغريبة بالقضاياالأيديولوجية، القومية ، العرقية ، الطبقة الاجتماعية، و/ النوع[بحاجة لمصدر] حيث تختص الدراسات الثقافية بالمغزى والأنشطة الخاصة بالحياة اليومية. تشكل هذه الممارسات طرق أداء بعض الناس نحو القيام بفعل أشياء معينة (مثل مشاهدة التلفزيون، أو تناول الطعام في الخارج) في ثقافة معينة. حيث يختص هذا المجال بدراسة المعانى والاستخدامات المتعلقة بالممارسات والأشياء المختلفة.في الآونة الأخيرة، ومع انتشار الرأسمالية في جميع أنحاء العالم (تسمى هذه العملية بالعولمة)، بدأت الدراسات الثقافية بتحليل الأشكال المحلية والعالمية لمقاومة أشكال الهيمنة الغربية.[بحاجة لمصدر] في سياق الدراسات الثقافية، فلا يقتصر وجود النص على اللغة المكتوبة وفقط، ولكن أيضا على وجود الأفلام، الصورالفوتوغرافية الأزياء أو تصفيف الشعر: حيث تحتوي نصوص الدراسات الثقافية على جميع ما أنتجته يد البشر من أشياء ذات قيمة للثقافة.[بحاجة لمصدر] وبالمثل، فإن تهذيب النفس يوسع مفهوم «الثقافة». ولا يقتصر مفهوم«الثقافة» وفقا لما جاء به باحثوا الدراسات الثقافية على الثقافة التقليدية العالية أي (ثقافة الطبقة الاجتماعية الحاكمة) مجموعة اجتماعية[173] والثقافة الشعبية وفقط، بل وتشمل أيضا المعاني والممارسات اليومية. وفي الواقع، أصبح العاملون الأخيرون بمثابة المحور الرئيسي للدراسات الثقافية. وهناك نهج آخرأسمى وأحدث، يتضمن الدراسات الثقافية المقارنة، استنادا إلى تهذيب النفسطبقا لما جاء قي الأدب المقارن والدراسات الثقافية.[بحاجة لمصدر] ولقد أصدر العلماء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة إصدارات مختلفة من الدراسات الثقافية على الساحة بعد ظهوره في أواخر 1970 وتم تطوير النسخة البريطانية للدراسات الثقافية في عامى 1950 و1960 أولا تحت اشراف كل من ريتشارد هوجارت، Richard Hoggartإى بى طومسون E. P. Thompson، وريموند وليامز Raymond Williams، وفي وقت لاحق، ستيوارت هول وغيرهم في مركز الدراسات الثقافية المعاصرة في جامعة برمنغهام. هذا واشتملت على طابع سياسي واضح، من وجهات نظر التيار اليسارى وانتقادات من قبل الثقافة الشعبية باعتبار’الرأسمالية’ ثقافة الجماهير الغفيرة، بل استوعبت بعض الأفكار من أبحاثمدرسة فرانكفورت للنقد مثل “صناعة الثقافة” (أي ثقافة الجماهير). وظهر هذا في كتابات أوائل علماء الدراسات الثقافية من البريطانيين وتأثيراتها: انظر أعمال (على سبيل المثال) ريموند وليامز Raymond Williams، ستيوارت هول Stuart Hall، وبول ويليس Paul Willis، وبول غيلروي. Paul Gilroy في حين أشاد كلا من لينلوف Lindlof وتايلور في الولايات المتحدة بأن «الدراسات الثقافية تمت على أسس واقعية، ليبرالية تعددية التقاليد».[174] وركزت النسخة الأمريكية للدراسات الثقافية في البداية على فهم الجانب الموضوعى والملائم لردود فعل الجماهير، ولاستخدامهم، الثقافة الجماهيرية، على سبيل المثال، كتب أنصار الدراسات الثقافية الأمريكية عن الجوانب التحررية لفندوم.[بحاجة لمصدر] ومع ذلك، قد تلاشى التمييز بين كلا من الثقافتين الأمريكية والبريطانية.[بحاجة لمصدر] قام بعض الباحثين، وبخاصة في أوائل الدراسات الثقافية البريطانية، بتطبيق النموذج الماركسي في هذا المجال. تأثر هذا المجال بمدرسة فرانكفورت، ولكن كان النصيب الأكبر للاتجاه الماركسي الخاص بلويس آلثاسر Louis Althusser وغيرهم. وسلط النهج الماركسي الأرثوذكسي الضوء على الهدف من وراءالإنتاج. ويفترض هذا النموذج الإنتاج الشامل للثقافة، حيث تتحدد معايير النجاح بما تنتجه يد الإنسان من تراث ثقافي. ومن وجهة النظر الماركسية، يتحكم من يسيطرون على وسائل الإنتاج (باعتبارها القاعدة الاقتصادية) بمعايير الثقافة.[بحاجة لمصدر] وتنأى الأساليب الأخرى للدراسات الثقافية، مثل الدراسات الثقافية النسائية والتطورات الأمريكية اللاحقة، بنفسها عن وجهة النظر تلك. فلقد انتقدوا الاعتقاد الماركسي لأى منتج ثقافي من جانب فردى مستقل، يتقاسمه الجميع. وتوحي الاتجاهات غير الماركسية بتأثير الطرق المختلفة لاستهلاك الإنتاج البشري على قيمة هذا المنتج. وتتجسد وجهة النظر تلك في كتاب ‘ممارسة الدراسات الثقافية: ذا كيس أوف ذا سونى والكمان The Case of the Sony Walkman (بول دي غاي ات آل)Paul du Gay et al، والذي يتحدى فكرة تحكم منتجي السلع على ما يعتقده الناس بمدلول تلك السلع. وساهمت المحللة النسائية الثقافية، والباحثة والمؤرخة الفنية جريسيلدا بوليكGriselda Pollock في الدراسات الثقافية من وجهات نظر تاريخ الفن والتحليل النفسي. كما ساهمت الكاتبة جوليا كريستيفا صاحبة الصوت المؤثر في مطلع القرن العشرين، في الدراسات الثقافية من وجهة نظر الفن والحركة النسائية الفرنسية للتحليل النفسي .[بحاجة لمصدر]

تغيير الثقافة

نقش يظهر معارضة سكان أسترالياالأصليين لوصول الكابتن جيمس كوك في عام 1770
ولقد تطور الاختراع الثقافي ليشمل أي ابتكار جديد مفيد لمجموعة من الناس، وتم التعبير عنه في سلوكهم بدون أي وجود مادي له. وتكمن الإنسانية في فترة يتصف فيها العالم بـ«التغيير المتسارع للثقافة»، بدافع من التوسع في التجارة الدولية، وسائل الإعلام، وفوق كل شيء، تزايد الكثافة السكانية، من بين عوامل أخرى. (انظر الموجة الثالثة). وتتأثر الثقافات داخليا بكلا من القوى المؤيدة للتغيير والقوى المناهضة للتغيير. تتأثر تلك القوى بكلا من البناء الاجتماعي والأحداث الطبيعية، كما تشارك بدور كبير في استمرار الأفكار والممارسات الثقافية ضمن الأنظمة الحالية، والتي تكون عرضة للتغيير قي حد ذاتها.[175] (انظر الهيكلة.) وقد تنتج أشكال الصراع الاجتماعي والتنمية التكنولوجية تغييرات داخل المجتمع عن طريق تغيير الآليات الاجتماعية، وتعزيز النماذج الثقافية الجديدة، وتحفيز أو تمكين العمل الإنتاجى. وقد تصاحب تلك التحولات الاجتماعية نظيرتها من التحولات الايديولوجية وغيرها من أنواع التغيير الثقافي. على سبيل المثال، ضمت الحركة الاميركية النسائية بعض الممارسات الجديدة والتي أنتجت بدورها تغيرا في العلاقات بين الجنسين، وفي الأنظمة الاقتصادية على حد سواء. ولا يمكن استثناء الظروف البيئية من تلك العوامل. وتتضمن تلك التغييرات من سيكون بطل الفيلم المحلي المقبل. على سبيل المثال، بعد أن عادت الغابات الاستوائية في نهاية العصر الجليدى الماضي، باتت النباتات المنزلية متاحة، مما أدى إلى اختراع الزراعة، والتي بدورها أحدثت العديد من الابتكارات الثقافية والتغيير في الأنظمة الاجتماعية[176] صورة كاملة لامرأة تركمانية، وهي واقفة على سجادة عند مدخل الباحة، مرتدية الملابس التقليدية والمجوهرات.
وقد تتأثر الثقافات من الخارج عن طريق الاحتكاك بين المجتمعات، والتي قد تنتج أيضًا، أو تمنع -التحولات الاجتماعية والتغيرات في الممارسات الثقافية. وقد يكون للحرب أو التنافس على الموارد بالغ الأثر قي التطور التكنولوجي أو التغييرات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، قد يتم نقل الأفكار الثقافية من مجتمع إلى آخر، عن طريق التعايش أو التبادل الثقافى. فعن طريق التعايش، قد يتم نقل أي شيء (ليس بالضرورة ذكر قيمته) من ثقافة إلى أخرى. على سبيل المثال، قد يبدو الهمبرغر مدهشا عند تقديمه قي الصين على الرغم من وجوده العادي في الولايات المتحدة. حيث يشير «التعايش النشط» أو (تبادل الأفكار) إلى عنصر واحد من ثقافة معينة والذي قد يقودنا إلى اختراع أو شهرة في ثقافة أخرى. من ناحية أخرى، يرجع «الاقتراض المباشر» إلى التقدم التكنولوجي من ثقافة إلى أخرى. وتقدم نظرية تبادل الابتكارات نموذجا يعتمد على البحوث النظرية والذي من شأنه مساعدتنا في معرفة لماذا ومتى يمكن للأفراد والثقافات اعتماد أفكار، وممارسات، ومنتجات جديدة. وللتبادل الثقافي معاني عديدة، ولكن في هذا السياق، يشير إلى استبدال سمات ثقافة ما بنظيرتها من ثقافة أخرى، مثلما حدث لبعض سكان أمريكا الأصليينولكثير من الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم خلال عملية الاستعمار. وتشمل العمليات ذات الصلة على المستوى الفردي نوعا من التشابه (تبنى فرد ما ثقافة مختلفة) والتبادل الثقافي.

آراء القرن العشرين حول مفهوم كلمة ثقافة

الأنثربولوجية الأمريكية
على الرغم من أن علماء الأنثروبولوجيا في جميع أنحاء العالم يوافقون على تعريف تايلور Tylor للثقافة، إلا أنه في القرن العشرين برز مفهوم كلمة «ثقافة» بوصفه مفهوم مركزي وموحد في الأنثروبولوجيا الأمريكية، حيث أنها تشير إلى القدرة الإنسانية بصورة رمزية وبشكل كبير والتي بدورها تعبر عن الخبرات الفردية بشكل رمزي، وفي الوقت ذاته تقوم بربط تلك الخبرات الرمزية بشكل اجتماعى.فيمكن تقسيم الأنثروبولوجيا الأميركية إلى أربعة حقول، كل منها يشارك بدور هام في البحث عن الثقافة: وهم الأنثروبولوجيا البيولوجية، واللغويات، والأنثروبولوجيا الثقافية وعلم الآثار. وقد أثر البحث في هذه المجالات على علماء الأنثروبولوجيا الذين يعملون في بلدان أخرى بدرجات مختلفة. الأنثروبولوجيا البيولوجية: وأثرها قي تطور الثقافة
العلاقات التصنيفية بين 4 الأنواع على قيد الحياة من الكلايد الهومينويدى clade Hominoidea:الهيلوباتيدى Hylobatidae، الجوريلنى Gorillini الهوم Homo، البان والبونجو Pan and Pongo.
يدور بحث بشأن الثقافة بين مركزين لعلماء الأنثروبولوجيا البيولوجية حول اثنين من المناقشات. الأولى،
هي ثقافة الإنسان الفريدة من نوعها أو بالمشاركة مع الأجناس الأخرى (كما هو جلى، الحيوانات الرئيسية الأخرى)؟هذا هو السؤال المهم، حيث تقوم نظرية التطور على أن البشر ينحدرون من سلالة (انقرضت الآن) البدائيات غير البشرية. ثانيا، كيف تطور مفهوم الثقافة بين بني البشر؟

ادراك الطفل

تمد عملية نمو المهارات المشتركة بحلول نهاية العام الأول من حياة الطفل بأساس قوى للتعلم بطريقة المحاكاة يظهر بطبيعة الحال في العام الثاني. حيث قلد مجموعة أطفال يناهزوا الـ18 شهرا من العمر طريقة معقدة نسبيا لشخص بالغ في إضاءة مفتاح الكهرباء، وإن كان لدى تلك المجموعة من الأطفال طرق أكثر سهولة وأكثر طبيعية لتحقيق نفس الهدف. وفي دراسة أخرى، تعامل فيها مجموعة أخرى من الأطفال في عمر ال 16 شهرا مع البالغين الذين استخدموا سلسلة معقدة من الحركات بدت مقصودة بعض الشيء، ومجموعة مماثلة من الحركات بدت عرضية نوعا ما، بدأ الأطفال في محاكاة تلك الحركات التي تبدو متعمدة. وكشفت دراسة أخرى تم اجراؤها على مجموعة من الأطفال يناهزون ال 18 شهرا عن أنهم يحاكون البالغين في حركاتهم المتعمدة، والتي لا تشترط أن ينجحوا في تنفيذها بدرجة صحيحة في كل الأحيان.
ركز توماسيلو على أن هذا النوع من التعلم بالمحاكاة ” يعتمد أساسا على قدرة الرضع على تمييز البالغين، وعلى قابليتهم على التعرف على تصرفات الآخرين والهدف من ورائها والوسائل المختلفة التي يمكن استخدامها لتحقيق ذلك.” يسمى ماسيلو هذا النوع من التعلم ب”التعلم الثقافي لأن تعلم الطفل ليس مجرد تعلم مجموعة أشياء من الأشخاص الآخرين، وإنما يعدّ أيضا تعلم أشياء من خلالهم—بمعنى أنه يجب أن يعرف شيئا عن وجهة نظر الكبار إبان موقف معين للاستفادة من حدوث موقف مماثل في المستقبل. ” ويخلص إلى أن الميزة الرئيسية للتعلم الثقافي هو أنه لا يحدث إلا عندما يقوم الفرد “بتفهم تصرفات الآخرين المتعمدة، كما هو الحال مع شخص ما، حينما تكون لديه وجهة نظر ما حيال العالم من حوله والتي يمكن اتباعها وتطبيقها والاستفادة منها بشكل عام. يعد كلا من التعلم بالمنافسة أو بالمحاكاة طريقتين مختلفتين لا يمكن تفسيرهما إلا في ظل كلا من الظروف البيئية المحيطة أو ملابسات عملية التطور على حد سواء. ففى إحدى التجارب، تم تقديم اثنين من صغار الشمبانزي يناهزوا الثانية من العمر كل على حدة بأداة للغرف وشئ يبعد عنهم نسبيا.كما قدم الأشخاص البالغون طريقتين للوصول إلى الشيء باستخدام الأداة إحداهما فعالة والأخرى أقل فعالية. استخدم الشمبانزي الطريقة الأكثر فعالية ذاتها أكثر من مرة. وبنفس الطريقة، يقلد الأطفال أي أسلوب يتبناه البالغين ويرونه سليما. فربما يعتقد البعض بأن الشمبانزى أكثر ذكاء إذا ما وضع في كفة مقارنة بنفس تلك المعايير مع البشر في آن واحد. لدى كلا الطرفين نسبة ذكاء متساوية من منطلق الناحية التطورية لكن مع مراعاة اختلاف نوع الذكاء المرتبط باختلاف البيئات. ترتبط آليات تعلم الشمبانزي مع البيئة المادية المحيطة بهم والتي لا تتطلب سوى القليل من التعاون الاجتماعي فيما بينهم (وذلك بالمقارنة مع البشر). فتتناغم آليات تعلم الإنسان والبيئة الاجتماعية المتشعبة المحيطة به حيث نجد أن تفهم وجهات نظر الأخرين أهم بكثير من النجاح قي أدء مهمة معينة.من وجهة نظر توماسيلو، مكنت تلك الآلية من تحقيق «التأثير التدريجى» والذي ساعد بدوره البشرية في تطور أنظمتها الاجتماعية المتشعبة والتي خلقت نوعا من التكيف الفعال مع البيئات المادية المختلفة على سطح البسيطة.

شرح مبسط

تعديل – تعديل مصدري – تعديل ويكي بيانات

 
التعليقات

شاركنا رأيك



أقسام شبكة بحوث وتقارير ومعلومات عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع [ تعرٌف على ] ثقافة ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 05/05/2024


اعلانات العرب الآن